02:52PM
ينتهك مخطّط توزيع الغذاء الإسرائيلي- الأميركي الذي أُطلق قبل شهر في غزة كرامة الفلسطينيين عمدًا، ويجبرهم على الاختيار بين الجوع أو المخاطرة بحياتهم من أجل الحصول على قلّة من الإمدادات. وقد أسفر هذا المخطط عن مقتل أكثر من 500 شخص وإصابة قرابة 4,000 آخرين في سعيهم للحصول على الطعام. هذا ليس توزيعًا إنسانيًا بل مجزرة مُقنّعة ويجب أن يُفكَّك الآن. تدعو منظمة أطباء بلا حدود السلطات الإسرائيلية وحلفاءها إلى رفع الحصار المفروض على الغذاء والوقود والإمدادات الطبية والإنسانية، والعودة إلى نظام إنساني قائم على المبادئ ومنسّق عبر الأمم المتحدة كما كان الحال سابقًا.
جرى تنظيم هذه الكارثة بوكالة إسرائيلية أمريكية تعمل تحت اسم "مؤسسة غزة الإنسانية". ونظرًا لطريقة توزيع المساعدات، يُجبَر آلاف الفلسطينيين، الذين أرهقهم التجويع بفعل حصار إسرائيلي تجاوز المئة يوم، على قطع مسافات طويلة للوصول إلى أربعة مواقع توزيع، حيث يُجبرون على التزاحم لانتزاع قلة قليلة من المواد الغذائية. تعرقل هذه المواقع مساعي النساء والأطفال وكبار السن والأشخاص المتعايشين مع إعاقة في الوصول إلى المساعدات، إذ يُقتل ويُصاب الكثيرون وسط هذه الفوضى. ومع ذلك، تمر كلّ هذه الفظائع المتجددة من دون أدنى اكتراث من المجتمع الدولي، ناهيكم عن أي إدانة، وكأن العالم استسلم لدوره في السماح بحملة تتّسق في نمطها مع تعريف الإبادة الجماعية، بل ويسهم في استمرارها. لا يمكن السماح باستمرار هذا الوضع.
وفي هذا الصدد، يقول منسق الطوارئ مع أطباء بلا حدود في غزة، أيتور زابالغوجيزكوا، "جميع مواقع التوزيع الأربعة تقع في مناطق خاضعة لسيطرة القوات الإسرائيلية بالكامل بعدما هُجّر السكان منها قسرًا. وهي بحجم ملاعب كرة قدم، محاطة بنقاط مراقبة وأكوام من التراب وأسلاك شائكة. يوجد مدخل واحد فقط محاط بسياج كنقطة للدخول والخروج. يُلقي العاملون في مؤسسة غزة الإنسانية بصناديق ومنصات الطعام ويفتحون البوابة، فيندفع آلاف الأشخاص دفعة واحدة ليتنازعوا حتى آخر حبّة أرز".
ويتابع، "إذا وصل الناس مبكرًا واقتربوا من الحواجز، يُطلَق النار عليهم. وإذا وصلوا في الوقت المحدد، وحدث ازدحام وقفزوا فوق الأكوام والأسلاك، يُطلق النار عليهم. وإذا وصلوا متأخرين، فلا يُفترض بهم أن يكونوا هناك لأنها 'منطقة مُخلاة'، ويُطلق النار عليهم".
ترى فرق أطباء بلا حدود يوميًا مرضى أُصيبوا أو قُتلوا أثناء محاولتهم الحصول على الطعام في أحد هذه المواقع.
ويقول أحد أفراد المجتمع المحلي في مركز الرعاية الصحية الأساسية في المواصي، هاني أبو سعود، "تعرّض الكثير من الناس لإطلاق النار مباشرة. هذه ليست إغاثة، بل مصيدةٌ للموت. كانوا سيقتلوننا واحدًا تلو الآخر. كنا جائعين ونريد إطعام أطفالنا فقط. ماذا عساي أفعل؟ لقد وصل ثمن كيس العدس إلى 30 أو 40 شيكل [6 إلى 10 يورو]".
ويردف قائلًا، "نحن لا نملك هذا المبلغ من المال. وأمسى الموت أرخص من البقاء على قيد الحياة".
مع استمرار عمليات التوزيع، لاحظت الفرق الطبية ارتفاعًا حادًا في عدد المرضى المصابين بأعيرة نارية. ففي مستشفى أطباء بلا حدود الميداني في دير البلح، ارتفع عدد المصابين بالرصاص بنسبة 190 في المئة خلال أسبوع 8 يونيو/حزيران مقارنة بالأسبوع الذي سبقه. أما المستشفيات التي ما زالت تعمل بالكاد في غزة، فهي منهكة بالكامل، وتُدار بإمدادات ضئيلة من مسكّنات الألم ومواد التخدير وأكياس الدم. وحتى لو كانت المستشفيات تعمل بكامل طاقتها، فإنّها ستجد صعوبة في التعامل مع هذا العدد الكبير من حالات الإصابات البليغة التي تملأ غرف الطوارئ يوميًا.
يلجأ المرضى المصابون إلى العيادات الصحية الأساسية أو المستشفيات الميدانية طلبًا للمساعدة، نظرًا لتعرض المستشفيات الأكبر - التي تُعدّ أكثر تجهيزًا لعلاج الإصابات الناتجة عن العنف - لأضرار جسيمة خلال الهجمات الإسرائيلية على المرافق الصحية، ما أدى إلى خروج كثير منها عن الخدمة. وفي عيادة أطباء بلا حدود في المواصي، التي لا تُعَدّ مهيَّأةً عادةً لعلاج الإصابات البليغة، استقبلت فرقنا 423 جريحًا أصيبوا في مواقع توزيع المساعدات منذ 7 يونيو/حزيران.
يصل إلى العيادة يوميًا ما قد يزيد عن عشرة مصابين بجروح ناتجة عن العنف في مواقع التوزيع. وتتطلب هذه الإصابات علاجًا فوريًا لإنقاذ الحياة، مثل نقل الدم أو التدخل الجراحي، وهي إجراءات لا تستطيع فرقنا الطبية تنفيذها في عيادة للرعاية الصحية الأساسية. فيُحال المرضى إلى المستشفيات القليلة التي تستمر في العمل، مثل مستشفى ناصر، لكن في ظل هذا النقص الحاد في الرعاية الصحية، تلقّت أطباء بلا حدود تقارير عن وفاة أشخاص أصيبوا في مواقع توزيع المساعدات متأثرين بجروحهم قبل أن يتمكنوا من الوصول إلى العلاج.
وفي هذا الصدد، ذهب أشرف البالغ من العمر 17 عامًا إلى أحد مواقع التوزيع في 23 يونيو/حزيران، إذ لم يكن في الخيمة التي يتقاسمها مع عائلته أي طعام. وتروي والدته حنان التي تتلقى العلاج في عيادة المواصي للرعاية الصحية الأساسية، "قلت له إن الأمر خطير جدًا، فقال إنه يريد أن يجلب طعامًا لأخته. بعد نصف ساعة اتصل بي وهو يبكي ويطلب المساعدة. لقد أُصيب بطلق ناري. إن هذه المساعدة مغمّسة بالدماء".
لا يجوز أن تخضع المساعدات الإنسانية لسيطرة طرفٍ من أطراف الحرب لتحقيق أهدافه العسكرية. استخدمت السلطات الإسرائيلية أسلوب الحرمان المتعمّد من الغذاء ضد الفلسطينيين في غزة، وحوّلت الإمدادات الغذائية إلى سلاح، فحدّت من وصولها إلى أدنى المستويات في انتهاك صارخ للقانون الدولي الإنساني. وُجدت المبادئ الإنسانية لتسهيل إيصال الإغاثة إلى من هم في أمسّ الحاجة إليها بكرامة. ويجب أن تُقدَّم هذه المساعدات على نطاق واسع، بما يتماشى مع تلك المبادئ. الناس بحاجة ملحّة إلى إعادة تفعيل نظام إنساني حقيقي وإلى وقفٍ مستدام لإطلاق نار حتى يتمكّنوا من النجاة.
شارك هذا الخبر
صندوق إماراتي يضخ 100 مليون دولار في مشروع ترامب للعملات المشفّرة
هيئة حقوقية: توثق فظائع التعذيب في 778 سجنًا حوثيًا موزعة على 17 محافظة وتطالب بتحقيق دولي
بحثٌ عن أم وطفليها فُقدوا في بشامون... وقوى الأمن تعمّم صورهم وتطلب المساعدة
ضباط من الحرس الثوري في لبنان بغطاء من السفارة الإيرانية الجنرال جوني خلف :هذا ما يعمل عليه عون
حرب المسيرات تتصاعد بين موسكو وكييف.. وروسيا تعلن السيطرة على بلدة في خاركوف
الاشتباه في ضلوع نجل زوجة ولي العهد النروجي في ثلاث حالات اغتصاب
الحجار بحث مع الخير وضو ونديم الجميل في الأوضاع
من هي ضحية الغارة على حي الجامعات في النبطية؟
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa