07:09AM
كتب أنطوان مراد في "نداء الوطن":
تشي الأجواء السياسية الراهنة بأن الثنائي الشيعي مدعومًا عند اللزوم والتقاء المصالح بحليفه التاريخي المسيحي، لن يقصّر في الحفاظ على ما يعتبره مكتسبات تعود إلى عهدي الوصايتين السورية والإيرانية، وفي قضم ما أمكن في صلب مؤسسات الدولة وإداراتها ومفاصل قرارها، لأنه يدرك جيدا أن ما يستطيعه اليوم لن يستطيعه غدًا مع التحولات المتسارعة، لا سيما لجهة استعادة الدولة سيادتها وحصرية السلاح بيدها.
وهذا ما يُفهم من موقف "حزب الله" والرئيس نبيه بري من مطلب إلغاء المادة 122 من قانون الانتخابات النيابية أو تعديلها بما يحفظ حق اللبنانيين المنتشرين، وهم مواطنون كاملو المواصفات هويةً وحقوقًا، من اختيار ممثليهم في الدوائر والمناطق والبلدات التي ينتمون إليها في الوطن.
وتنص المادة 122 على إضافة ستة مقاعد تمثل غير المقيمين إلى العدد الحالي لأعضاء المجلس النيابي، ليصبح العدد الإجمالي 134، على أن يتم، وهنا الطامة الكبرى، في الدورة اللاحقة تخفيض ستة مقاعد من الـ 128 مقعدًا من الطوائف نفسها التي خُصصت لغير المقيمين، وتوزيع هذه المقاعد بالتساوي على القارات الست بين المسيحيين والمسلمين.
وتقول شخصية مسيحية سيادية بارزة، إن هذه المادة تشكل بحد ذاتها افتئاتًا على الدستور الذي ينص على المساواة بين اللبنانيين في الحقوق والواجبات، علمًا أن وجود المغتربين حيث هم يعود لسبب أساسي يتقدم على الأسباب الأخرى، وهو السياسات الكارثية التي اتبعها الثنائي وحلفاؤه خلال سيطرتهم على الدولة فترة طويلة، ما دفع بأعداد هائلة من اللبنانيين إلى الهجرة بحثًا عن الأمن والأمان والطمأنينة، أو بحثًا عن فرص العمل نتيجة الأوضاع التعيسة التي قاد إليها لبنان الثنائي وحليفه الأبرز، من أزمات معيشية وانهيار للعملة الوطنية وبطالة وركود، وتنكيل بسيادة الدولة وهيمنة عليها بقوة السلاح.
ولذلك الحري بمن يرفض إلغاء المادة 122 أن يخجل ويعوّض عما اقترف من فظائع، فيحافظ على حق المغتربين في انتخاب من يمثلهم في مسقط رأسهم والمنطقة التي ينتمون إليها ويتعلقون بها، لأنهم تركوها قسرًا وظلمًا، بدلًا من فصلهم عن جذورهم واختراع مقاعد هجينة تكرس إبعادهم عن وطنهم الأم وأهلهم وبيئتهم وتاريخهم.
وتشير الإحصاءات إلى أن في الخارج ما يقارب المليون لبناني لا سيما من الشباب وذوي الأعمار المتوسطة والصغيرة، وهؤلاء هم أحوج ما يكونون إلى الارتباط بلبنان، بدلًا من دفعهم إلى التخلي عنه عبر بدعة المقاعد الخارجة عن نطاق الوطن أرضًا وانتماء، وهي أقرب إلى مقاعد لقيطة وهجينة، وليس صحيحًا أن دور من يشغلها هو الدفاع عن مصالح المغتربين، لأن مصالحهم يدافع عنها من يمثلهم من نواب الدوائر التي ينتمون إليها، فضلًا عن الدولة اللبنانية ووزارة الخارجية والمغتربين، والقوى والأحزاب السياسية التي ترفض استبعادهم عن هموم لبنان وتطلعات أهله، وهم من أهله.
ولذلك، كما تختم الشخصية السيادية، إن من المهين تمثيل مئات آلاف المغتربين بستة مقاعد "هوائية"، وبذلك نكون كمن يشجع المنتشرين على التخلي عن بلدهم والاقتراع وفق خيارات فضفاضة لأسماء في الغالب لا يعرفونها. ولذلك، إن القوى المتمسكة بإلغاء المادة 122 لن تتزحزح عن موقفها وستخوض المواجهة بمختلف الوسائل الشرعية والمشروعة المتاحة، لا سيما وأن من يريد تطبيق هذه المادة، يخشى من أثر الصوت الاغترابي الحر والمتحرر من الضغوط وعمليات التهويل، في تغيير الحسابات والرهانات للسيطرة والهيمنة، وهو يتمسك بغالبيته بسيادة لبنان وحريته وتنوعه. ومن هنا، إن التوجه ليس للحفاظ على روابط الاغتراب بالوطن وحسب، بل أيضًا البحث عن تطوير لصيغة النظام الحالي بعد الانتخابات المقبلة، بما يوفر الطمأنينة والاستقرار لمختلف المكونات اللبنانية ويحول دون استمرار نزيف الهجرة وما يعنيه من خلل.
والملفت أن الكنيسة المارونية تتجه الى تحرك نوعي حيال مسألة اقتراع المغتربين في غير دوائرهم الأصلية، وموقف الكنيسة ناجم عن رؤية وطنية وميثاقية وترتبط بالخطر المحدق بالوجود المسيحي في لبنان، ولا ترتبط بأي حسابات سياسية على صعيد الربح والخسارة. فما يهم الكنيسة هو الحفاظ على ارتباط المغتربين بجذورهم الروحية والتاريخية والإنسانية والوطنية، وما يعنيه ذلك من ارتباط بالأهل والأقارب وبالأرض والإيمان واللغة والتراث والثقافة اللبنانية.
ولن تقف الكنيسة مكتوفة الأيدي أمام محاولات تكريس هجرة اللبنانيين والمسيحيين خصوصًا، لا سيما في ظل الخلل الديموغرافي الناجم أساسًا عن دفع المسيحيين بخاصة إلى الهجرة، بسبب ما تعرضوا له على مراحل عدة من اضطهاد وتهجير وتهميش وإحباط، ولذلك إن بدعة الدوائر الاغترابية الست تمثل تهجيرًا ثانيًا وتكريسًا للخلل، بدلًا من أن يحرص كل مخلص على معالجة الخلل وتصحيح الآثار السلبية، لنهج كان في صلب ما حل بلبنان المقيم والمغترب.
وقد حرص مطارنة الانتشار الموارنة خلال زيارتهم رئيس الجمهورية أخيرًا على تأكيد حق المغتربين في انتخاب النواب الذين يمثلون انتماءهم الأصلي، ولمسوا تفهمًا حيال هذا الأمر، علمًا أنهم يستعدون لإطلاق ما يشبه دعوات ملحة في ديار الانتشار لشرح موقفهم، ودعم التوجه لتعديل القانون الحالي للانتخاب في ما خص تمثيل الاغتراب.
المصدر : نداء الوطن
شارك هذا الخبر
مجلس النواب يقر اعفاء المتضررين من الاعتداءات الاسرائيلية من بعض الضرائب والرسوم
إسرائيل تلوّح باستخدام القوة في غزة... وترفض شروط حماس
مجلس النواب أقر 1500 مليار لصندوق تعاضد القضاة و1320 مليارا لصندوق تعاضد اساتذة الجامعة اللبنانية
مجلس النواب أقرإبرام اتفاقية قرض بين لبنان والبنك الدولي للإنشاء والتعمير لتنفيذ مشروع الطاقة المتجددة
الأمن العام يتحرّك: تدابير مسلكية بحق عنصر مخالف في مطار بيروت
عون: معركة مكافحة الفساد أخذناها على عاتقنا
بيان توضيحي لـ "أوجيرو" حول ترميم شبكة الاتصالات
"تاتش": العمل مستمر لتحسين إرسال الشبكة في المناطق المتضررة
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa