لبنان: توفير الرعاية والدعم للاجئين وسط الاحتياجات المتزايدة

17/07/2025 01:01PM

يستضيف لبنان أكبر عدد من اللاجئين نسبةً إلى عدد سكانه في العالم، ويعاني في الوقت نفسه من النزوح الداخلي إضافةً إلى الاحتياجات الصحية الآخذة بالتزايد. وفي ظل التوترات المستمرة في سوريا المجاورة والأزمة الاقتصادية والقرارات المرتبطة بالسياسات – بما في ذلك قرار المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين بتعليق تغطية الاستشفاء والرعاية الصحية الأساسية للاجئين السوريين بسبب الخفض الحادّة في التمويل – إضافة إلى تصاعد الاحتياجات نتيجة القصف المتواصل والوجود العسكري الإسرائيلي في البلد، اكتسبت الأزمة الإنسانية أبعادًا جديدة لا مؤشرات على انحسارها حتى الآن.

يستضيف لبنان اليوم قرابة 1.5 مليون لاجئ سوري، ونحو 250 ألف لاجئ فلسطيني، بالإضافة إلى قرابة 176 ألف عامل مهاجر، غالبيتهم من النساء. ويُضاف إلى ذلك قرابة 83 ألف نازح داخلي بسبب القصف الإسرائيلي الذي طال جنوب لبنان ومناطق أخرى.

لأطباء بلا حدود تاريخٌ طويلٌ في توفير الرعاية الصحية المجانية وعالية الجودة للأشخاص الذين يحتاجونها، من دون أي تمييز وبصرف النظر عن جنسيتهم أو وضعهم القانوني. في لبنان، تقدّم فرقنا الرعاية الصحية الأساسية والخدمات في مجال الصحة الجنسية والإنجابية ورعاية الأمراض غير السارية والتطعيم الروتيني والطارئ، إلى جانب خدمات العناية بالجروح والدعم النفسي، وذلك لدعم اللاجئين واللبنانيين الأكثر حاجة والعمال المهاجرين والمجموعات المهمّشة.

 

لذلك، فإننا نشغّل أربع عيادات ثابتة في لبنان. في بيروت، ندير عيادتين:

• في مخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين جنوب بيروت، والذي يقطنه آلاف اللاجئين الفلسطينيين ومئات العائلات السورية. تقدّم أطباء بلا حدود الرعاية الصحية الضرورية وخدمات إدارة الأعراض المزمنة وسط حواجز ممنهجة تعيق وصول السكان إلى الرعاية الصحية العامة. أما في برج حمود، وهو حيّ مكتظ يقطنه الكثير من العمال المهاجرين من إفريقيا وآسيا الذين يعيشون بمعظمهم وسط الاكتظاظ وعدم الاستقرار، فتقدّم المنظمة رعاية طبية مجانية وذات جودة لفئة تُستثنى غالبًا الخدمات الصحية بأسعار ميسّرة.

• في محافظة بعلبك الهرمل، حيث لجأت أعداد كبيرة من العائلات السورية منذ بداية الأزمة السورية في عام 2011، ولاحقًا بعد سقوط حكومة الأسد في أواخر عام 2024، تدير منظمة أطباء بلا حدود عيادات في الهرمل وعرسال، حيث تقدّم خدمات شاملة من الرعاية الصحية الأساسية.

 

تشمل أنشطة العيادات المتنقلة:

• في محافظة بعلبك الهرمل، نشغّل شبكة من الفرق الطبية المتنقّلة للوصول إلى السكان المعزولين أو النازحين حديثًا، لا سيما من يعيشون في مجمعات غير نظامية أو خيم، بالإضافة إلى المناطق التي تضررت من الحرب الإسرائيلية على لبنان والمناطق النائية التي تفتقر إلى البنى التحتية.

• في عكار وشمال لبنان، حيث تستمر موجات النزوح في إعادة صياغة الاحتياجات الإنسانية في المنطقة، تقدّم فرق الصحة النفسية المتنقلة الإسعافات النفسية الأولية والاستشارات النفسية والأنشطة الترفيهية للأطفال. ويُعدّ هذا الدعم بالغ الأهمية، خاصةً للاجئين السوريين الذين عايشوا الصدمات والفقدان، والتي غالبًا ما يرافقها انعدام الأمان الاقتصادي وتزعزع وضعهم القانوني والغموض الذي يشوب مستقبلهم.

• في محافظة النبطية جنوب لبنان، وهي المنطقة الأكثر تأثرًا بالقصف الإسرائيلي والأضرار التي لحقت بالبُنى التحتية خلال تصعيد عام 2024، لا يزال أكثر من 28 ألف شخص في حالة نزوح. وقد نشرت أطباء بلا حدود فرقًا طبية متنقلة لتقديم الرعاية الصحية للأشخاص المقيمين في مساكن مؤقتة أو لدى مجتمعات مضيفة، موفّرة خدمات صحية حيوية في مناطق أصبح فيها النظام الصحي المحلي مثقلًا أو خرج عن الخدمة تمامًا.

 

وفي هذا السياق، تشهد جميع هذه المناطق تزايدًا في الاحتياجات النفسية، وتسجّل المجتمعات النازحة واللاجئة مستويات حادة من الاحتياجات النفسية على وجه خاص. فقد واجه الكثيرون دورات متكررة من الحرب والنزوح القسري وفقدان المقرّبين وانعدام الاستقرار المزمن — وكلها عوامل تُخلّف أثرًا نفسيًا عميقًا. ولذلك، تقدّم فرق أطباء بلا حدود، في جميع مشاريعنا وعياداتنا، الإسعافات النفسية الأولية والاستشارات النفسية و/أو الدعم النفسي الاجتماعي، استجابةً لحالات القلق والاكتئاب والصدمة النفسية والشعور المستمر بانعدام الأفق التي تُثقل كاهل الأطفال والبالغين ممّن عايشوا الحرب والنزوح والفقدان.

ولكن وفي ظل النزاع والانهيار الاقتصادي، باتت إمكانية الوصول إلى الرعاية الصحية الأساسية مقيّدةً أكثر فأكثر. ونتيجة لذلك، تُترك عشرات الآلاف من العائلات الأكثر حاجة من دون القدرة على تحمّل التكاليف الطبية. هذا وبات كثيرون اليوم يتجنبون المراكز الصحية، إما بسبب الكلفة أو خشية التعرّض لملاحقة قانونية، بينما يُضطر آخرون إلى توقيف علاجهم أو عدم استكماله، ما يعرّض صحتهم لخطر جسيم. ويُشار إلى أنّ هذه التحوّلات تأتي في وقت يعاني فيه النظام الصحي والمنظمات الإنسانية في مختلف أنحاء البلاد من ضغط شديد ونقص في الموارد.

وفي ظل تزايد حالة انعدام اليقين والنقص في التمويل الإنساني عالميًا، تظل منظمة أطباء بلا حدود ملتزمة بتقديم الرعاية الطبية لمن هم في أمسّ الحاجة إليها. كما نواصل الدفاع عن حق الجميع في الوصول العادل إلى الخدمات الصحية، وندعو جميع الأطراف إلى التحرك تضامنًا مع الأشخاص النازحين والفئات الأكثر حاجة في لبنان — ليس فقط في اليوم العالمي للاجئين، بل في كل يوم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa