أول يد روبوتية في العالم تثني الأصابع باستخدام الفكر البشري فقط

في تقدم علمي لافت، يقترب الباحثون من تحويل الخيال العلمي إلى واقع ملموس، حيث بات بإمكان الأشخاص التحكم في يد روبوتية باستخدام إشارات الدماغ فقط، دون الحاجة لأي حركة عضلية أو تدخل جراحي.

فقد تمكن فريق من الباحثين في جامعة كارنيغي ميلون الأميركية، بقيادة البروفيسور بن هي، من تطوير نظام جديد قائم على تخطيط كهربية الدماغ (EEG)، يسمح للمستخدمين بتحريك أصابع روبوتية بمجرد تخيّل حركتها.

هذه التقنية تندرج ضمن مجال واجهات الدماغ والحاسوب غير التدخلية (BCIs)، الذي يتيح لمستخدميه التحكم في أجهزة خارجية مثل الأطراف الاصطناعية عبر إشارات الدماغ، لكن دون الخضوع لأي عملية زرع جراحية، على عكس الأنظمة التدخلية التي لطالما كانت حكراً على فئة محدودة بسبب مخاطرها وتعقيدها.

واستخدم الفريق تقنيات التعلم العميق لفك شيفرة الإشارات الدماغية وتحويلها إلى أوامر دقيقة لتحريك الأصابع. ونجح المتطوعون في أداء مهام معقّدة باستخدام إصبعين أو ثلاثة أصابع، دون أن يُحرّكوا عضلة واحدة.

وقال البروفيسور بن هي: "في دراستنا، تمكن المشاركون من تنفيذ تحكم متعدد الأصابع بمجرد التفكير في الحركات المطلوبة، وهو إنجاز غير مسبوق في هذا المجال".

وقد أتاح فك التشفير المتقدم المستند إلى الشبكات العصبية تجاوز القيود التقليدية لتخطيط الدماغ، ما مكّن من ترجمة نوايا الحركة بدقة عالية، وأعاد رسم حدود الممكن في تفاعل الإنسان مع الآلة.

وعلى مدار أكثر من عقدين، قاد بن هي جهوداً رائدة في هذا المجال، بدءاً من التحكم بطائرات مسيّرة وأذرع آلية، وصولاً إلى هذا الابتكار الجديد الذي يُعيد الأمل لذوي الإعاقات الحركية ويمنحهم وسيلة لاستعادة قدراتهم بطريقة طبيعية وآمنة.

الميزة الأهم في هذا النظام أنه خارجي، خالٍ من المخاطر، وقابل للتكيّف مع بيئات مختلفة، ما يجعله مناسباً لفئات أوسع من المستخدمين، من مرضى الشلل والإصابات إلى من يتطلعون لاستخدام الأطراف الاصطناعية في مهام دقيقة مثل الكتابة أو الإمساك بالأشياء الصغيرة.

ويطمح الفريق في المستقبل إلى تطوير وظائف أكثر تعقيدًا، وتحقيق تفاعل طبيعي بين الإنسان والآلة يحاكي براعة اليد البشرية، في خطوة تُبشّر بإعادة تعريف العلاقة بين الدماغ والتكنولوجيا.

في هذا السياق، تُبرز الدراسة أيضًا أهمية التعاون متعدد التخصصات، حيث تتقاطع علوم الأعصاب والهندسة والذكاء الاصطناعي في سبيل ابتكار حلول واقعية تُغيّر حياة الناس، لا عبر استعادة ما فُقد فحسب، بل عبر توسيع قدراتهم لما لم يكن ممكنًا من قبل.