اتصالات تسبق «الثلاثاء الكبير» لتأمين التفاهم الحكومي حول السلاح

07:17AM

تشهد المقرات الرئاسية اللبنانية حركة كبرى بعيدا من عدسات الإعلام، تحضيرا لما يُطلق عليه اسم «الثلاثاء الكبير»، موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء المدرج على جدول أعمالها مناقشة بند حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية.


يتزامن ذلك مع انتصاف السنة الأولى من عهد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون الذي انتخب في 9 يناير بأكثرية 99 صوتا من أعضاء المجلس النيابي الـ 128، وهو لم يتردد يومذاك في خطاب قسمه اليمين رئيسا للبلاد من ساحة النجمة، التي دخل قاعتها العامة للمرة الأولى والأخيرة رئيسا منتخبا للجمهورية بعد فراغ رئاسي بدأ منذ 31 أكتوبر 2022، في التطرق إلى مسألة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، وتكريس سيادتها على أراضيها من دون شريك.


ومنذ ما قبل انتخابه الرئيس الـ 14 للبلاد بعد الاستقلال، كانت للعماد جوزف عون تفاهمات مع أطراف داخليين وخارجيين التزم بها في ولايته الرئاسية، ولم يحد عن أي منها. وتشدد رئيس البلاد في حماية المكون اللبناني، وجهد لإقناعه بضمانة سقف الدولة. وعلى خط مواز، ناقش مع الوسطاء الدوليين وتحديدا الأميركيين في مسائل عدة مطلوبة من لبنان، بينها إصلاحات إدارية واقتصادية ونقدية، وصولا إلى مسألة السلاح غير الشرعي. وكرر رئيس البلاد من منابر دولية عدة أبرزها من قصر الإيليزيه في فرنسا في مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس إيمانويل ماكرون، بضرورة التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار الموقع 27 نوفمبر 2024، وقال: «لا شيء لدى لبنان ليقايض به إسرائيل من أراض محتلة وأسرى».


رئيس الجمهورية انتقل إزاء الضغوط الدولية الكثيفة على لبنان إلى المضي قدما في تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار ولو من جانب واحد في ضوء تفلت إسرائيل من الاتفاق، انتقل إلى مصارحة اللبنانيين بما جرى حتى الآن، عارضا من منبر قاعة العماد جان نجيم في مقر وزارة الدفاع الوطني باليرزة في مناسبة عيد الجيش، للملاحظات اللبنانية على الورقة الأميركية التي حملها الموفد توماس باراك، والتي لم تلق أي تجاوب أميركي أو إسرائيلي. وجاءت المصارحة الرئاسية بالتوجه إلى أهل الداخل المعنيين بمسألة تسليم السلاح، أي «حزب الله»، من بوابة تجنيب البلاد مواجهة كبرى مع المجتمع الدولي، تعطي غطاء لإسرائيل في متابعة حربها الموسعة على لبنان.


وحتى موعد جلسة مجلس الوزراء الثلاثاء، تستمر الاتصالات الرئاسية مع «الطرف اللبناني المعني»، أي «حزب الله» للوصول إلى اتفاق يتعلق بمسألة تسليم السلاح، في مقابل العمل أيضا على بقية الأسلحة المتفلتة خارج إطار الشرعية من فلسطينية ومنظمات لبنانية تدور في الفلك عينه.

وأشارت معلومات خاصة بـ «الأنباء» إلى «ان العمل يقوم على الوصول إلى تفاهم مع الحزب بعيدا من التسبب بأي مأزق لا يصب في مصلحة البلاد والحزب تاليا، بعد الحرب الإسرائيلية المدمرة الكبرى بين 20 سبتمبر و27 نوفمبر 2024. واستبعدت المعلومات حصول خلافات داخل الحكومة التي يتمثل فيها «الثنائي الشيعي» بحصة وزارية كاملة، وذكرت أن الهدف تأمين التفاهم وليس الاختلاف، تمهيدا للدفع بالبلاد إلى مساحة من الأمان والازدهار ينتظرها أهلها والبعض منهم يعتقدون انها قد لا تأتي..


عمل وجهد من أركان الحكم في لبنان على تنفيس الاحتقان، توازيا مع ارتفاع الكلام عن ضربات إسرائيلية محتملة، لم تغب في الأساس عن البلاد، وآخرها يوم الخميس تزامنا مع وجود قائد المنطقة الوسطى في الجيش الأميركي مايكل كوريلا في بيروت، حيث ضربت الطائرات الحربية الإسرائيلية أهدافا بين الجنوب والبقاع الشمالي.


وفي شق «تبريد الأجواء» حكوميا، تسائل مقرب من مرجع رسمي لـ«الأنباء»: «هل شكل خطاب رئيس الجمهورية في عيد الجيش أمس الأول ضمانة للحزب، بعدما أقفلت أبواب الضمانات دوليا بأي شكل من الأشكال، بل على العكس ترجمت تصعيدا إسرائيليا كبيرا؟».


وأضاف المصدر: «إزاء المخاوف من الإرهاب أو الاستهداف من الجماعات المتطرفة، فقد أكدت الدولة أن الجيش هو الذي يلتزم بحماية جميع اللبنانيين وهذه مسؤولية الدولة الأساسية. وقد تضمنت كلمة الرئيس عون ان لبنان وضمن رده على الورقة الأميركية، طالب بمساعدة دولية في تنظيم الحدود البرية ومنع التهريب أو أي عمليات تسلل، وحل مشكلة النازحين التي يخشى أن تتحرك الخلايا الإرهابية تحت ستارها».


وضمن جولاته الأسبوعية على المرافق الحيوية في المناطق، أكد رئيس الجمهورية العماد جوزف عون على «ان النجاح لأي مؤسسة رسمية أو عامة يتحقق بفعل الإدارة السليمة»، معتبرا أن «ليس هناك مؤسسة سيئة بل هناك إدارة سيئة تقود العاملين فيها إلى الفساد والرشوة وابتزاز المواطن، في حين ان العكس هو المطلوب، أي أن تكون الإدارة في خدمة المواطن وليس العكس».


كلام الرئيس عون جاء خلال زيارة قام بها إلى المركز الرئيسي لإدارة حصر التبغ والتنباك اللبنانية «الريجي» في الحدت، في إطار الزيارات التفقدية التي يقوم بها رئيس الجمهورية إلى عدد من الإدارات والمؤسسات العامة لتفقد سير الأعمال فيها والاطلاع على حاجاتها.


وحرص رئيس الجمهورية قبل دخوله المبنى على لقاء عناصر من جهاز مكافحة التهريب الذين نفذوا الخميس عملية نوعية في مخيم البص في صور، حيث صادروا كميات كبيرة من الدخان المهرب وأصيب خلال عملية الدهم ثلاثة من أفراد المجموعة بجروح بمن فيهم قائد القوة ايلي جعجع. وهنأ الرئيس عون أفراد القوة على نجاح عملية الدهم والمكافحة متمنيا الشفاء العاجل للجرحى.


وتخلل الزيارة عرض فيلم وثائقي عن تاريخ «الريجي» منذ إنشائها العام 1935 وحتى اليوم، والمراحل التي مرت بها خلال هذه السنوات لاسيما بعدما تحولت في العام 1990 إلى مرفق عام تحت وصاية وزارة المالية بعد إلغاء امتياز الشركة السابقة، وصولا إلى بداية مسيرة النهوض في العام 1992 حيث ترعى إنتاج 25 ألف مزارع في 458 بلدة في الجنوب والشمال والبقاع، فضلا عن نيلها جوائز تقديرية عدة.


بعد ذلك تحدث الرئيس عون مهنئا إدارة «الريجي» والعاملين فيها على الإنجازات التي تحققت خلال الأعوام الماضية وقال: «لقد اخترت اليوم، الأول من أغسطس، عيد الجيش، زيارة الريجي لشكر القيمين عليها على عملهم الدؤوب لإنجاح هذه المؤسسة. فكما يعمل عسكريو الجيش بصمت ووفاء، كذلك فان عمال الريجي يحرصون على انجاز مهماتهم بصمت ولكن بفعالية وإنتاجية، وهذا دليل على ان الإدارة السليمة لأي مؤسسة رسمية أو عامة تحقق النجاح المنشود مهما كانت الصعوبات والظروف التي تمر بها البلاد، ونموذج «الريجي» خير دليل على ذلك..».


وأضاف الرئيس عون مخاطبا الحضور: «لكم فضل كبير في المحافظة على هذا المرفق العام الذي اعتقد انه يجب ان يكون نموذجا للمرافق والإدارات الأخرى كي تتمثل به. لقد استطعتم التأقلم مع الأوضاع الصعبة التي مرت فيها البلاد واستمررتم في وضع الخطط والإجراءات للخروج بالريجي إلى الأمام لتحقيق مستقبل افضل للعاملين فيها أولا، ثم للبلاد عموما. وأنا أشكركم لأنكم حافظتم على المؤسسة كي تعمل بعيدا من التدخلات والشعبوية، التي أصبحت ويا للأسف واقعا له ارتداداته السلبية على مستوى الوطن».


وفي اليرزة، عقد قائد الجيش العماد رودولف هيكل في اليرزة اجتماعا استثنائيا لمناسبة العيد الثمانين للجيش، حضره أركان القيادة وقادة الوحدات الكبرى والأفواج المستقلة، وعدد من الضباط، تطرق فيه إلى التطورات على الصعيدين المحلي والإقليمي وشؤون المؤسسة العسكرية، وزودهم بالتوجيهات اللازمة في ظل الظروف الصعبة التي يمر فيها لبنان. وهنأ العماد هيكل الضباط بعيد الجيش، مؤكدا أن «المؤسسة العسكرية تؤدي دورها بفاعلية في هذه المرحلة كما في كل المراحل السابقة، وهذا عائد إلى جميع عناصرها على اختلاف رتبهم ووظائفهم».


وفي هذا السياق، لفت العماد هيكل إلى أن «الجيش مستعد دائما للعطاء والتضحية وسط التحديات القائمة، بخاصة الانتهاكات والاعتداءات المتزايدة من جانب العدو الإسرائيلي ضد سيادة لبنان وأمنه، وما ينتج عنها من سقوط شهداء وجرحى ودمار». وقال: «نفتخر بشهدائنا وجرحانا الذين قدموا تضحيات كبرى فداء للوطن».


وأكد أن «جهود الجيش ترتكز حاليا على حفظ الاستقرار والسلم الأهلي، وتأمين الحدود الشمالية والشرقية وحمايتها ومنع أعمال التهريب، ومواجهة التهديدات الخارجية». وأشار إلى أن «التواصل مستمر مع السلطات السورية في ما خص أمن الحدود، باعتبار أنه أمر بالغ الأهمية بالنسبة إلى استقرار البلدين».


وقال: «الجيش نفذ انتشارا واسعا ومهما في منطقة جنوب الليطاني بالتنسيق والتعاون الوثيق مع قوة الأمم المتحدة الموقتة في لبنان - اليونيفيل، فيما لا يزال العدو الإسرائيلي يحتل عدة نقاط عقب عدوانه الأخير على بلدنا. إن استمرار الاحتلال هو العائق الوحيد أمام استكمال انتشار الوحدات العسكرية، وقد أبدى الأهالي في الجنوب تعاونا كاملا مع الجيش، وقيادة الجيش تتواصل باستمرار مع لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية».


كذلك كشف أن «الجيش يتابع بدقة أي تحرك لمجموعات إرهابية، ويعمل على توقيف أعضاء هذه المجموعات». وختم معربا عن تقديره للعسكريين على جهودهم وتضحياتهم.


على صعيد آخر، وفي موضوع التجديد للقوات الدولية، فإن ممثلة الأمم المتحدة في لبنان جينين هينيس - بلاسخارت تقوم بتحرك لافت بين لبنان، وإسرائيل بهدف تذليل العقبات التي تعترض التجديد لهذه القوات نهاية الشهر الجاري، خصوصا أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش أشار قبل يومين إلى استفزاز إسرائيلي متعمد للقوات الدولية لدفعها إلى مغادرة 29 موقعا على طول الحدود. وهذا يعني أنها محاولة إسرائيليه لتكريس المنطقة في القرى الحدودية كمنطقة عازلة.


المصدر : الأنباء

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa