الدبلوماسية السعودية لا تُصَفِّقُ.. بل تَحْشُدُ

02/08/2025 01:21PM

 كتب طارق أبوزينب:  

 في عالم السياسة والدبلوماسية، حيث كثيرًا ما تختبئ الكلمات وراء الشعارات الفارغة، برهنت السعودية أنها تختلف. ليست دبلوماسية تصفق على الكلمات وتكتفي بالمواقف الاستعراضية، بل دبلوماسية تحشد، تجمع، وتبني تحالفات حقيقية على الأرض. إنها دبلوماسية الفعل الذي يصنع التغيير ويحقق النتائج .

في يونيو الماضي، وأمام أنظار العالم، استضافت السعودية في الجمعية العامة للأمم المتحدة مؤتمرًا دوليًا فارقًا لتسوية القضية الفلسطينية وتنفيذ حل الدولتين. مبادرة سعودية-فرنسية رسمت خارطة طريق واضحة، تجمع أكثر من 90 دولة ومنظمة دولية حول هدف مشترك: إقامة دولة فلسطينية مستقلة تعيش بسلام وأمان إلى جانب إسرائيل، ضمن إطار المرجعيات الدولية المعترف بها .

رغم كل الضغوط والتحديات، نجحت السعودية في تحويل المبادرة إلى واقع ملموس. حيث أعلن وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان اعتماد وثيقة ختامية شكلت خارطة طريق تنفيذية، مع التزام دولي جاد برفض الاحتلال ودعم حق الفلسطينيين في تقرير مصيرهم .

الرسالة السعودية كانت واضحة وصارمة: القضية الفلسطينية ليست لعبة شعارات، بل مسؤولية تاريخية وإنسانية، ودعمها يجب أن يترجم إلى أفعال، لا مجرد كلمات. ومن هنا، نجحت الدبلوماسية السعودية في تجاوز الضغوط والتهديدات التي حاولت إقصاء صوتها أو تعطيل المبادرة .

النجاح السعودي لم يكن صدفة، بل نتاج عمل دؤوب وتنسيق ذكي مع عدد كبير من الدول من أوروبا، آسيا، أفريقيا، وأمريكا اللاتينية، بالإضافة إلى منظمات إقليمية ودولية، مما أعاد القضية الفلسطينية إلى مركز الاهتمام العالمي بعد فترة من الإهمال والتجاهل .

الدعم الدولي الواسع لمبادرة السعودية جاء من دول ذات مواقف متنوعة مثل فرنسا، إسبانيا، بلجيكا، إيرلندا، النرويج، كندا، جنوب أفريقيا، البرازيل، إندونيسيا، الجزائر، تركيا، مصر، الأردن، تونس، باكستان، ماليزيا، الهند، وغيرهم. بالإضافة إلى تفاعل إيجابي من دول منظمة التعاون الإسلامي والاتحاد الإفريقي، التي عبرت بوضوح عن دعمها لمبادرة السلام السعودية-الفرنسية ورفضها للسياسات الإسرائيلية الأحادية.

ولم يقتصر المؤتمر على الجانب السياسي فقط، بل تضمن أبعادًا اقتصادية وإنسانية، حيث شدد المشاركون على دعم التنمية الاقتصادية في الأراضي الفلسطينية، وتعزيز مؤسسات الدولة المستقبلية، وحماية المدنيين، والوقف الفوري للانتهاكات، إضافة إلى تأكيد أهمية دعم الوحدة الفلسطينية والمصالحة الوطنية كشرط أساسي لتحقيق أي تقدم سياسي.

على الصعيد الإعلامي والشعبي، تبنت السعودية حملة مدروسة بعناية، جمعت بين الحداثة والإقناع، ونقلت رسالة العدالة والكرامة إلى العالم، مع إشراك الشباب والمؤسسات التعليمية والثقافية لتعزيز الوعي والدعم المستمر للقضية الفلسطينية، بعيدًا عن التلاعب السياسي والإعلامي الذي عانت منه القضية لعقود.

دور ولي العهد الأمير محمد بن سلمان

لا يمكن الحديث عن هذه الدبلوماسية الحشدية الناجحة دون الإشارة إلى الدور المحوري الذي يلعبه ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان. برؤية واضحة وثقة لا تهتز، يقود الأمير محمد بن سلمان السياسة الخارجية السعودية نحو تفعيل الدور الإقليمي والدولي للمملكة. تحت قيادته، تحولت الدبلوماسية السعودية من خطاب إلى عمل ميداني، ومن مواقف إلى نتائج ملموسة على الأرض .

الأمير محمد بن سلمان يؤمن بأن بناء السلام والاستقرار في المنطقة يتطلب حشد القوى الحقيقية، وبذل الجهود الحثيثة لتحقيق الحلول السياسية والاقتصادية والاجتماعية. رؤيته هذه ترجمت إلى خطوات دبلوماسية واضحة وناجحة، وضعت المملكة في مركز الفاعلية والتأثير، وجعلت صوتها مسموعًا في أهم الملفات الدولية، وعلى رأسها القضية الفلسطينية .

الدبلوماسية السعودية اليوم ليست مجرد لعبة كلمات أو مواقف إعلامية. هي استراتيجية عمل متكاملة تستند إلى الحشد والتنسيق والإرادة الصلبة، بقيادة شابة وحازمة على رأسها الأمير محمد بن سلمان. هذه الدبلوماسية الفاعلة أعادت للرياض مكانتها الدولية، وأثبتت أن العمل الحقيقي هو وحده القادر على تغيير المشهد السياسي وتحقيق تطلعات الشعوب .

من خلال نهجها الحشدّي، تعيد السعودية تشكيل معادلات القوة في الشرق الأوسط، وتجسد نموذجًا جديدًا للدبلوماسية التي تبني ولا تهدم، تجمع ولا تفرق، وتحقق السلام العادل المستدام .

 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa