عون يصعّد وحزب الله يهدد: السلاح على طاولة القرار اللبناني

07:59AM

كتب سعد الياس في “القدس العربي”:

كل الأنظار مركزّة على جلسة مجلس الوزراء المخصصة لحصرية السلاح بيد الدولة بعد غد الثلثاء، بعدما حدّد رئيس الجمهورية العماد جوزاف عون السقف السياسي للجلسة التي تسبقها مشاورات بحثاً عن تفاهمات تحول دون زعزعة الحكومة ولاسيما أن أمين عام «حزب الله» الشيخ نعيم قاسم استبق الجلسة بإعلان الرفض لتسليم سلاح «الحزب» وباتهامه كل مَن يطالب بنزع السلاح قبل وقف العدوان بأنه يخدم المشروع الإسرائيلي.

وفي إطار التحضير للجلسة وتجنيب البلاد أي تصعيد، زار رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد رئيس الجمهورية ورئيس مجلس النواب نبيه بري، بهدف التوصل إلى تفاهمات مشتركة، فيما زار مسؤول الارتباط والتنسيق في «الحزب» وفيق صفا قائد الجيش العماد رودولف هيكل ولاسيما أن الجيش من خلال المجلس الأعلى للدفاع هو من سيتولى الآلية التنفيذية لحصرية السلاح، وتخللتهما مصارحة حول ملف السلاح، وعرض الرئيس عون أمام رعد للمعطيات التي لديه ودقة المرحلة والضغط المنطلق من الواقع اللبناني الداخلي قبل الإقليمي والدولي، في حين لفت النائب رعد إلى أن الحزب كان وافق على الحوار كأفضل السبل للتوصل إلى استراتيجية دفاعية، وسأل «لماذا التوجه إلى مجلس الوزراء؟»، متمنياً «عدم الزام الحزب بجدول زمني».

وجاء موقف رئيس الجمهورية أمام ضباط الأركان في اليرزة عشية عيد الجيش في لحظة حساسة، ووصف خطابه بأنه «الأقوى» منذ انتخابه رئيساً وحمل دلالات سياسية واضحة، داعياً إلى اقتناص الفرصة التاريخية لاستكمال النهوض بالدولة ومؤسساتها وبسط سيادتها، وكشف أمام الرأي العام المحلي والدولي، حقيقة المفاوضات التي باشرها مع الجانب الأميركي بالاتفاق الكامل مع رئيس مجلس الوزراء نواف سلام وبالتنسيق الدائم مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، والتي تهدف إلى التوصل إلى وقف شامل للنار وتثبيت الاستقرار، على قاعدة حصرية السلاح بيد الدولة اللبنانية، مقابل التزامات مالية وسياسية وأمنية واضحة من المجتمع الدولي.

وهكذا، فإن خطاب رئيس الجمهورية الذي أطلقه بعد يوم واحد على اطلالة الشيخ نعيم قاسم أظهر حجم التباعد بين الاطلالتين على المستوى الوطني بين مَن يصر على السلاح الشرعي القادر وحده على إنقاذ لبنان وجمع اللبنانيين حوله، وبين من يصر على التمسك بالسلاح. وما زاد من أهمية خطاب رئيس الجمهورية أنه أتى بعد ساعات على موقف أمين عام «حزب الله» الذي بدا وكأنه تعمّد إحراج الدولة ووضعها أمام الأمر الواقع، سواء برفضه المتكرر تسليم السلاح، أو باتهامه كل مَن يطالب بنزع السلاح، بأنه يخدم المشروع الإسرائيلي.

وبدا من خطاب الشيخ نعيم أن «حزب الله» لم يأخذ العِبَر من الحرب المدمرة الأخيرة التي أسقطت الأقنعة حول «قوة الردع» والقدرة على «حماية لبنان» بل هو يريد المغامرة من جديد، وكما يقول العديد من اللبنانيين مفضلاً «الانهيار على الاستقرار» وهي المعادلة التي رسمها الرئيس عون بقوله «المنطقة من حولنا في غليان، وهي تتأرجح بين حافة الهاوية وسلم الازدهار، فعلينا اليوم أن نختار، إما الانهيار، وإما الاستقرار».

وقرأ البعض في خطاب الشيخ نعيم أنه يعتبر العدوان الإسرائيلي مبررا للاحتفاظ بالسلاح ليس من أجل محاربة إسرائيل بعدما تم تفكيك بنية «الحزب» العسكرية جنوب نهر الليطاني بل من أجل محاولة العودة للهيمنة على القرار السياسي في لبنان، وهذا ما بدأ التعبير عنه من خلال استحضار لغة التهديد والوعيد بـ 7 أيار جديد عندما حوّل «حزب الله» شوارع العاصمة بيروت إلى حلبة قتال وبدّل موازين القوى، وحاول تهديد الجبل إثر جلسة الحكومة في 5 أيار 2008 وهي الجلسة التي اتخذت قراراً بتفكيك شبكة اتصالات «حزب الله» غير الشرعية، والدليل على ذلك، ما جاء في إحدى الصحف القريبة من «الحزب» تحت عنوان «هل حنّ جنبلاط وجعجع إلى 5 أيار؟». وفي هذا العنوان رسالة تهديدية مباشرة إلى رئيس حزب «القوات اللبنانية» والرئيس السابق للحزب التقدمي الاشتراكي اللذين ينسقان الموقف من حصر السلاح في جلسة مجلس الوزراء.

وقد ردّت أوساط الفريقين على محاولات التخويف بأن التهديدات لم يعد يكترث لها أحد وهي تعكس تخبّط «حزب الله» وضيق خياراته، مضيفة «إن زمن 5 أيار انتهى مع هزيمة الحزب وتوقيعه على تفكيك بنيته العسكرية، والأهم أنه انتهى مع سقوط بشار الأسد، وأن جلسة 5 آب الحكومية لا تشبه في ظروفها المحلية والخارجية بشيء جلسة 5 أيار».

يبقى أن أمام لبنان يومين حاسمين، فإما تختار السلطة السياسية العبور إلى الدولة وعدم التفريط بفرصة إنقاذ لبنان وعدم التهاون أمام أي تهديدات، وإما التراجع مجدداً وهو ما سيؤدي إلى السقوط المدوّي للثقة الدولية والعربية بالسلطة اللبنانية وإلى الانهيار الذي حذّر منه رئيس الجمهورية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa