مسعد: الدولة العميقة هي من تحكم لبنان

رأى النائب شربل مسعد انه "في بلدٍ مثل لبنان، كلما ظنّ المواطن أنه فهم اللعبة السياسية، يكتشف أن ما يراه لا يتعدى القشرة. وما خفي كان أعظم. هنا، لا يكفي أن نُسقط حكومة فاسدة أو نحاسب مسؤولاً فاشلاً، لأن المشكلة الحقيقية أعمق بكثير. نحن نواجه ما يُعرف بالدولة العميقة".

وقال في تصريح: "هذه الدولة العميقة هي تلك المنظومة غير المُنتخبة وغير المُعلنة، التي تتحكم بالقرار من خلف الستار. هي شبكة من المصالح، من الأجهزة، من أصحاب النفوذ، من بعض القضاة وبعض الضباط وبعض الموظفين الكبار، الذين يستمرون في ممارسة السلطة الحقيقية، مهما تغيّر شكل الحكم، أو تبدلت الوجوه في الوزارات والنيابات. هذه الدولة لا تُبنى في يوم، بل تتغلغل عبر عقود، وتُغذيها المحسوبيات، الطائفية، والفساد المنظم. ولأنها غير مرئية، فهي الأخطر. لا تخضع للمحاسبة، ولا للانتخابات، ولا حتى للرأي العام. لكن تأثيرها ظاهر في كل مفصل: في التعيينات، في القضاء، في التلزيمات، وفي عرقلة أي إصلاح. الدولة العميقة في لبنان لا تتبع جهة واحدة. بل هي تحالف مصالح يتجاوز الطوائف، يجمع بين بعض الزعماء وأذرعهم في الإدارات، وبين بعض أصحاب المال والإعلام، الذين يملكون القدرة على تعطيل أو تمرير أي قرار".

وتابع: "عندما نسمع أن ملفاً ما "انحط بالجارور"، أو أن لجنة ما "ما اجتمعت"، أو أن تحقيقاً توقف "لغياب المعطيات"، فغالبًا نكون أمام بصمات الدولة العميقة. هل يعني ذلك أن لا أمل؟ أبدًا. لكن هذا يتطلب وعياً شعبياً مستمراً، لا موسميًا. يتطلب دعمًا لقوى التغيير الحقيقية، لا الشعبوية. ويتطلب إعلامًا حرًّا لا يُبتز ولا يُشتَرى، وقضاءً مستقلاً لا يركع. والأهم: يتطلب أن نُدرك أن المعركة مع الدولة العميقة ليست مع مسؤولٍ واحد، بل مع منظومة كاملة، تحتاج إلى كسر الحلقة لا تدوير الزوايا. رسالتي لكل لبناني: لا تصدّقوا أن المشكلة فقط في الحكومة أو البرلمان. راقبوا ما خلف الستار. اسألوا: من يُقرر فعلاً؟ من يُعطل الإصلاح؟ من يُبقينا في القعر رغم كل الفرص؟ حين نبدأ بطرح الأسئلة الصحيحة، نكون بدأنا أول خطوة على طريق استعادة الدولة الحقيقية.