إيران تتمسك بسلاح الحزب لفتح قنوات التفاوض مع واشنطن!

06:42AM

كتب محمد شقير في الشرق الأوسط:


تدخّل إيران بلسان وزير خارجيتها عباس عراقجي في الشأن الداخلي بالطلب من «حزب الله» عدم تسليم سلاحه، يضع علاقتها بلبنان على حافة الهاوية، خصوصاً أنه سبق أن تدخّل في أثناء تصاعد وتيرة المواجهة بين الحزب وإسرائيل، وكان وراء اضطرار رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون، عندما التقاه، للفت نظره بوجوب التقيُّد بالأصول الدبلوماسية الناظمة للعلاقات بين الدول واحترام السيادة اللبنانية، ومن قبله سبق لرئيس الحكومة آنذاك نجيب ميقاتي أن أبدى في العلن انزعاجه الشديد من رئيس مجلس الشورى الإيراني محمد باقر قاليباف على خلفية إبداء استعداد بلاده للتفاوض مع فرنسا لتطبيق القرار 1701.


فطلب عراقجي من «حزب الله» عدم تسليم سلاحه تلازم مع موقف مماثل للحزب بإعلان تعامله حيال تكليف مجلس الوزراء قيادة الجيش بوضع خطة، قبل انتهاء شهر أغسطس (آب) الحالي، تؤدي لحصر السلاح بيد الدولة وكأنه لم يكن، وهذا ما يذكّرنا، كما يقول مصدر وزاري، بانقلاب الحزب على تعهّده بحياد لبنان الذي تم التوصل إليه بإجماع القوى السياسية في أثناء تولي ميشال سليمان رئاسة الجمهورية.


ويؤكد المصدر الوزاري لـ«الشرق الأوسط» أن عراقجي يتوخى بطلبه هذا من الحزب توجيه رسالتين: الأولى للولايات المتحدة الأميركية باعتبارها واضعة الورقة التي أعدها الوسيط الأميركي السفير توم برّاك، ويشكّل حصر السلاح بيد الدولة الإطار العام فيها لبسط سلطة الدولة اللبنانية على كافة أراضيها. والثانية لبيئة المقاومة لعله يبدد قلقها حيال عدم تدخل إيران في الحرب ضد إسرائيل. مع أنه، أي عراقجي، يدرك أن الضغط لن يؤدي إلى تراجع مجلس الوزراء عن تبنيه للورقة الأميركية في ضوء الرد اللبناني عليها.


ويلفت إلى أن عراقجي أراد بموقفه هذا «التحرش» بواشنطن لإعلامها بأن إيران تبقى الممر الإلزامي لإقناع حليفها بالانخراط في التسوية التي تقوم على حصر السلاح، وبالتالي لا خيار أمامها إلا بالتواصل معها، في محاولة إيرانية مكشوفة لفتح قناة للتفاوض في الحائط المسدود الذي لا يزال يعطّل معاودة المفاوضات الأميركية - الإيرانية حول السلاح النووي.


ويقول المصدر إن عراقجي يحاول بطلبه هذا من الحزب، استدراج لبنان للانزلاق إلى حافة الهاوية لعل واشنطن تستجيب ضمناً لطلب طهران بمعاودة التفاوض معها، رغم أنها تدرك أن تهديدها للحكومة اللبنانية لن يؤدي لإقناع الإدارة الأميركية بتعديل موقفها، بل ستتصلب في مواجهة التعطيل الإيراني للحل الأميركي المدعوم عربياً ودولياً لمساعدة لبنان للخروج من التأزم، ويؤكد أن طهران كانت وما زالت تستخدم لبنان ساحة لتحسين شروطها للعودة إلى المنطقة من البوابة اللبنانية، بعد أن خسرت موقعها في سوريا بسقوط بشار الأسد، وفي بغداد بعدم انخراط «الحشد الشعبي» في المواجهة دفاعاً عنها.


ويؤكد أن المصالح الإيرانية في الشرق الأوسط أصيبت بضربة قاصمة يصعب على القيادة الإيرانية تعويضها في منطقة أخرى، وإن كانت لم تفقد الأمل باستعادة نفوذها باستخدامها الساحة اللبنانية لتحسين شروطها بإيعازها للحزب بعدم تسليم سلاحه.


أما الرسالة الثانية لإيران بدعوتها الحزب إلى الاحتفاظ بسلاحه فموجّهة خصيصاً لحاضنة المقاومة لتبديد حالة الإرباك التي سيطرت عليها بعدم تدخّلها إلى جانب الحزب وتركته وحيداً في حربه مع إسرائيل التي بلغت ذروتها باغتيالها أمينيه العامين السابقين حسن نصر الله وهاشم صفي الدين، وأبرز قياداته العسكرية والأمنية.


فالوزير الإيراني بقوله إن الحزب استعاد قدراته العسكرية أراد، بحسب المصدر الوزاري، التصالح مع جمهور المقاومة لعله ينجح بتبديد قلقه وسحب تساؤلاته من التداول حول الغموض الذي يكتنف موقف طهران بعدم مناصرتها الحزب رغم التهديدات بالتدخل التي كان قد أطلقها المرشد علي خامنئي.


ويسأل المصدر: هل تأكيد عراقجي استعادة المقاومة قدراتها العسكرية يدعو بيئتها للاطمئنان بأنها استردت توازن الرعب وقواعد الاشتباك كما كانت عليه قبل إسناد الحزب لغزة؟ وأين تكمن المصلحة في كشفه عن أسرار عسكرية بهذا المستوى؟ ولماذا اختار هذا التوقيت للإعلان عن ذلك؟ وهل يصرف موقفه ميدانياً، أم أراد تزويده بجرعة معنوية ليس أكثر؟


ويضيف بأن دعوة عراقجي لن تؤدي لخفض منسوب التحولات في المنطقة ولبنان بخروج محور الممانعة بقيادة إيران من المعادلة في الإقليم، وبالتالي لن تعيد التوازن العسكري لما كان عليه بين إسرائيل والحزب قبل إسناده لغزة؛ لأن خريطة التحالف في الداخل اللبناني لم تعد كما كانت قبل اندلاع الحرب التي تسببت بابتعاد حلفائه عنه، ولم يبق بجانبه سوى حليفه رئيس المجلس النيابي نبيه بري.


وعليه، فإن لبنان، مع تصاعد الاشتباك السياسي بين الثنائي الشيعي والأكثرية الداعمة للحكومة بتبنيها الأفكار الأميركية لتطبيق حصرية السلاح، يقف أمام إقحامه بدورة غير مسبوقة من التأزم السياسي ومحكومة بشد الحبال بينهما بغية تقطيع الوقت لفترة زمنية حتى انتهاء قيادة الجيش من وضع الخطة لتطبيق حصرية السلاح، ليكون في وسع الثنائي أن يبني على الشيء مقتضاه، مع أن سحب وزرائه ليس مطروحاً حتى الساعة، فيما جنوح الحزب نحو تحريك الساحة احتجاجاً على موقف الحكومة يبقى محدوداً رغم العراضة بالدراجات النارية التي شهدتها مناطق نفوذه، وامتدت ليل أمس إلى أطراف بيروت، بعدما دعا الرئيس بري محازبي حركة «أمل» إلى عدم المشاركة في المسيرات وتحذيره الاقتراب من العاصمة؛ لقطع الطريق على حصول إشكالات تنذر ببوادر احتقان مذهبي وطائفي.


وإلى أن تفرغ قيادة الجيش من إعداد الخطة، فإن ما يشغل البال انقطاع التواصل بين رئيسي الجمهورية العماد جوزيف عون والحكومة نواف سلام من جهة، والرئيس بري من جهة أخرى، على أمل أن تنجح الاتصالات لعلها تؤدي للتأسيس لشبكة أمان تشكل حماية للبنان، بالتلازم مع التوافق على حصرية السلاح على نحو يطمئن الثنائي، وتحديداً «حزب الله» الذي يتطلع، بحسب المصدر، لثمن سياسي لتبرئة انعطافته أمام بيئته، في مقابل تسليم سلاحه.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa