سوريا… من دولة منهوبة إلى مستقبل ينتظر التحرر والازدهار

كتب رجل الأعمال الأمريكي السوري مهند صقر:

عندما اندلعت الثورة السورية عام 2011، لم تكن البلاد تقف على أرض صلبة اقتصاديًا أو سياسيًا. فقد ورث السوريون دولة مفلسة، خزائنها شبه فارغة، وقطاعاتها الإنتاجية مشلولة، وفسادها متجذر في كل مؤسسة. نظام آل الأسد، الذي حكم سوريا لعقود، لم يكتفِ بتقييد الحريات وقمع المعارضين، بل قام بتجريف ثروات الوطن بشكل منهجي. حتى الاحتياطي الاستراتيجي من الذهب، الذي يعد شريان الأمان لأي اقتصاد، تم نهبه وسرقته لتمويل آلة القمع والحروب الداخلية.

لكن النهب المالي لم يكن الجريمة الوحيدة. فقد تحوّل النظام إلى شبكة مافيا إقليمية ودولية، جعلت من تصنيع وتهريب المخدرات وعلى رأسها الكبتاغون صناعة مربحة ومحمية رسميًا. هذا إلى جانب تهريب السلاح وتوظيفه في صفقات مشبوهة وبيع مقدرات البلاد في السوق السوداء. لقد كان النظام يكدس الأموال من سرقة موارد الوطن، وتجارة المخدرات، وتهريب السلاح، في حين كان ملايين السوريين يرزحون تحت الفقر والجوع والتهجير.

سوريا، في ظل حكم آل الأسد، لم تكن دولة مؤسسات، بل كانت مزرعة خاصة لعائلة حاكمة وحاشيتها، تُدار بقبضة أمنية، وتُستغل مواردها لخدمة مصالح ضيقة. أما الشعب، فكان مجرد وقود لآلة السلطة، بلا حصة من ثروات أرضه، ولا حق في تقرير مصيره.

ومع ذلك، فإن الثورة السورية، رغم ما واجهته من قمع غير مسبوق، كشفت عن معدن السوريين الحقيقي. واليوم، مع وجود الحكومة السورية الجديدة التي تمثل خطوة قوية نحو التغيير، نجد أن وضع سوريا، مقارنةً بدول أخرى شهدت ثورات، لا يزال أفضل في بعض الجوانب. هناك دول دخلت في فوضى سياسية واقتصادية أطول، وفقدت السيطرة على مواردها لعقود، بينما لا يزال لدى سوريا فرصة حقيقية لإعادة البناء والانطلاق نحو الاستقرار إذا ما استُثمرت هذه المرحلة بحكمة.

التحديات أمام السوريين جسيمة، لكن التاريخ يعلمنا أن الشعوب التي تنتصر لكرامتها لا تستسلم. الثورة السورية لم تكن مجرد حدث عابر، بل كانت إعلان ميلاد مشروع دولة جديدة: دولة عدالة وحرية، لا يسرق فيها الحاكم قوت شعبه، ولا يحوّل أرضه إلى مصنع مخدرات أو مركز لتهريب السلاح.

اليوم، ورغم قتامة المشهد، فإن الأمل لا يزال حيًا. وكما أن الليل الطويل لا يمنع بزوغ الفجر، فإن سوريا الحرة قادمة، وسيكتب أبناؤها بأيديهم فصلًا جديدًا في تاريخها، بعد أن يُطوى صفحة الفساد والجريمة التي خيّمت عليها لعقود .