06:52AM
بعد إدانة المسؤولين الإيرانيين قرار الحكومة اللبنانية بنزع سلاح "حزب الله"، زار أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، بيروت يوم الأربعاء 13 آب 2025، حيث التقى كلاً من رئيس الجمهورية جوزاف عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس الحكومة نواف سلام.
برز التباين في تصريحات لاريجاني، عقب لقائه رئيس الجمهورية ومن ثم رئيس البرلمان، كدليل على غياب جبهة رسمية موحّدة في لبنان حيال سلاح "حزب الله" والنفوذ الإيراني، ما يعكس تعدّد مراكز القرار داخل المؤسسات اللبنانية. فبينما شدّد المسؤول الإيراني، بعد لقائه الرئيس عون، على سيادة الدولة ورفض التدخّل الخارجي، اتّسم اجتماعه مع رئيس المجلس بلهجة أكثر تصالحية، مع تأكيد على دور "المقاومة".
في الواقع، لم تقتصر الرسالة الصادرة عقب لقاء برّي بلاريجاني على مضمون التصريحات، بل تجلّت أيضًا في الصورة التي جمعتهما، حيث لم تنحصر رمزية الودّ في لفتة الأذرع المُتشابكة، غير المألوفة بين كبار المسؤولين، إذ إنها، فضلًا عمّا توحي به من ثقة شخصية وتوافق استراتيجي، تُعبّر أيضًا عن رفض واضح، على الأقل في الشكل، للنهج "المُتحفّظ" الذي اعتمده الرئيس عون خلال لقائه لاريجاني.
كما أن الطابع غير الرسمي، الذي عكسه ارتداء لاريجاني وبرّي بدلات داكنة من دون ربطات عنق، يعُزّز فكرة وجود معسكر مُشترك قائم على الإلفة الشخصية، بدلاً من أجواء الزيارة الرسمية للدولة. أخيرًا، حمل المشي المتزامن بدوره دلالة بصرية على علاقة بين مُتساويين يتحركان في انسجام نحو هدف واحد.
كشفت هذه العوامل مُجتمعة تناقضًا واضحًا مع الاجتماع الرئاسي، الذي عكست تغطيته التزامًا ببروتوكول الدولة واحترامًا لسيادتها، في حين بدا لقاء برّي أقرب إلى اجتماع لِتحالف سياسي خاص منه إلى لقاء رسمي. باختصار، قدّم هذا المشهد انطباعًا سلبيًا، شكّل رسالة بصرية تحذيرية إلى واشنطن وعواصم الدول المعنية بالملف اللبناني، مفادها استمرار نفوذ إيران في أعلى مستويات النظام اللبناني، وأنّ الرئاسة لا تحتكر الموقف الرسمي في السياسة الخارجية.
لذلك، تبرز الحاجة إلى إعادة تقييم التوقّعات، وينبغي النظر إلى المفاوضات مع "الدولة اللبنانية" باعتبارها تعاملًا مع مراكز سلطة مُتعدّدة ومتنافسة، وهو ما يُضعف من مصداقية خطّة نزع السلاح. وبالتالي، كيف سيؤثر هذا الواقع على زيارة توم برّاك إلى بيروت؟
في الواقع، تحمل اجتماعات برّاك المُقرّرة في بيروت اليوم الاثنين 18 آب 2025 أبعادًا استراتيجية واضحة. فخلال لقائه رئيس الجمهورية جوزاف عون، الذي يمثل رمزية الشرعية، سيسعى برّاك ليس فقط إلى كسب تأييده لخطة نزع السلاح، بل إلى تقديمها كقرار سيادي صادر عن الدولة اللبنانية. أما بالنسبة إلى رئيس الحكومة نواف سلام، الذي يُنظر إليه في واشنطن كشخص براغماتي لكن مُقيّد بظروف موقعه، فستتركّز مهمة برّاك على دفعه لتحويل خطابه الحذر إلى سياسة رسمية قابلة للتنفيذ، تؤدي بحكومته لاعتماد موقف علني يُرسّخ فكرة أن نزع السلاح مشروع وطني تقوده الدولة. وقد شدّدت الإدارة الأميركية على أنها لن تدخل في أي مفاوضات إضافية مع إسرائيل قبل أن تصدر بيروت مرسومًا وزاريًا يلتزم صراحة بهذا الموقف.
أما رئيس مجلس النواب، فيُتوقَّع أن يلجأ إلى العرقلة السياسية أو السعي لإضعاف هذه الالتزامات. ومن هنا يتمثّل هدف واشنطن في كبح قدرته على التعطيل، وانتزاع بعض التنازلات، أو على الأقل منع أي محاولات لإفشال المسار. وتبرز أهمية الاجتماع مع برّي باعتباره الحامي السياسي الأساسي لـ "حزب الله" داخل المؤسسات اللبنانية. وبالنظر إلى أن الجولات السابقة لبرّاك أظهرت أنّ برّي يلجأ غالبًا إلى المناورة، فواشنطن تدرك أنها لن تنال تعاونه الكامل، خاصة بعد زيارة لاريجاني، لكنها ستسعى على الأقل إلى منعه من تقويض قرار الحكومة بنزع سلاح "حزب الله".
وعليه، تبدو اجتماعات برّاك محسوبة بعناية: عون من أجل الشرعية، سلام من أجل السلطة القانونية، وبرّي من أجل إدارة العرقلة. أما سيناريو التسوية الأكثر ترجيحًا، فقد يتمثّل في إصدار الحكومة بيانًا وزاريًا بصياغة غامضة، يتجنب استخدام مصطلح "نزع السلاح"، لكنه يُلزم لبنان بـ "استراتيجية دفاع وطني شاملة تحت سلطة الدولة". خطوة من هذا النوع سيؤيدها عون، ويؤمّن الغطاءً الرسمي لها، بينما يضمن برّي أن تبقى الصياغة فضفاضة بما يسمح لـ "حزب الله" بتأجيل التنفيذ الفعلي والحفاظ على استقلاليته.
وفي حين يُشدّد مسؤولون أميركيون على أن زيارة برّاك لحظة "حاسمة"، وإن فشل لبنان في اتخاذ إجراءات ملموسة قد يؤدي إلى حجب واشنطن المساعدات والدعم الدولي، تؤكّد إسرائيل على أن انسحاب قواتها لن يتمّ إلا بعد خطوات قابلة للتحقّق في مجال نزع السلاح.
لذلك، يبدو أن التوصّل إلى حلّ وسط هو النتيجة الأرجح، لكنه سيُبقي سيادة لبنان مُعلّقة بين مؤسساته وولاءات أطيافه السياسية إلى أن يتبدّد طيف لاريجاني.
المصدر : نداء الوطن
شارك هذا الخبر
بورتسودان… سلطة جائرة تُعاقب شعبها وتختلق الأكاذيب لتبرير عزلتها
في أمسية استثنائية... نجوى كرم تعود إلى قرطاج بعد غياب
وصول براك وأورتاغوس الى القصر الجمهوري
إليكم موعد عرض "شراب التوت 4"
بعد غياب.. أصالة تشعل ليل بيروت بحفل جماهيري
مع بداية الأسبوع... الحظ يرافق هذه الأبراج
اكتشف الفوائد الصحية للكاجو: من القلب إلى العظام!
كيف نحضر الـ " تشيز كيك"؟
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa