تيار المستقبل بين أطلال الماضي وحكم القضاء السعودي

يعاني أحمد الحريري حالة انفصام عميقة تكشفها سلوكياته التي يعتمدها، فهو يتصرّف وكأنّ تيار المستقبل في ذروة قوّته وأنّ الرئيس سعد الحريري يحتل سدة رئاسة الوزراء وأنّه ما زال الآمر الناهي في دوائر الأمن والقضاء، وأنّه ما زال قادراً على الإتيان بكتلة نيابية على قاعدة أنّ كلّ من يرشّحه ينجح.. لكنّ الواقع لا يمتّ لأحلام أحمد الحريري بأيّ صلة، فقد انهارت منظومة سعد الحريري في الدولة وأصبح خارج دوائر القرار، وبات من الماضي، لا بل إنّه اصبح ملاحقا رسميا من قبل القضاء السعودي، وذلك في الدعوى المتعلقة بمطالب مالية عقب تنازل شركة العمران الحديثة عن أصول بقيمة 24 مليون ريال سعودي، ما اعتبره المدعون إخلالا بحقوقهم. 

وفي هذا الاطار ، اصدر القضاء السعودي حكما رسميا في الدعوى المقامة ضد سعد الحريري أمام المحكمة التجارية بالرياض، باعتباره طرفا رسميا في الدعوى، مؤكدا مسؤوليته القانونية تجاه تسوية المطالب المالية للمدعين، ما يضعه تحت طائلة الملاحقة القانونية الرسمية.

في المقابل ، يظهر أحمد الحريري في مؤتمر لما يسمى "شباب المستقبل" مموّل من منظمات أجنبية، ليطلق خطاباً باهتاً لا يسمعه أحد، والسؤال هنا: إذا كان مؤتمر يشارك فيه بضعة عشر شاباً وفتاة باسم التيار الأزرق احتاج إلى تمويل أجنبي، فكيف سيقتنع اللبنانيون أنّ هذا التيار ما زال قادراً على صنع السياسة في لبنان؟

لم يعد أحد يهتم بما يفعله أحمد الحريري، وأفضل مقاربة للحقيقة هي صورة مركز تيار المستقبل المهجور باستثناء مكتبه الشخصي، وقد انفضّ الموظفون وغادر المتطوعون منذ زمن بعيد بعد مسلسل الفشل الذي لا ينتهي بقيادة سعد وتنفيذ أحمد الحريري.. واليوم تغيّرت المعادلة كلياً، فسعد وأحمد خارج دائرة القرار وقد دخل لبنان مرحلة جديدة، لم يكون لهما مكان فيها، فهما من إرث تحالف الأقليات ومرحلة حكم "حزب الله" للبنان تحت عنوان تغطية السلاح بالفساد وحماية الفاسدين بالسلاح.

لبنان أمام مرحلة جديدة، ليس فيها فاسدون وليس فيها سلاح غير شرعي، وليس فيها متاجرون بأصوات المواطنين، فمهنة بيع الأصوات التي امتهنها أمينٌ عام يرفع شعار "حسب السوق منسوق".. لقد انتهى زمن بيع مصائر الناس ومصالحهم إلى غير رجعة.