جدل متصاعد حول علاقات عاطفية بين البشر وروبوتات الدردشة

08:56AM

لم يعد استخدام تطبيقات الذكاء الاصطناعي مقتصراً على كتابة الرسائل أو التخطيط للرحلات، بل تحوّل لدى كثير من المستخدمين إلى علاقات صداقة حميمة، وأحياناً إلى روابط عاطفية تشبه قصص الحب. هذه الظاهرة أثارت نقاشات واسعة، بعد تسجيل حالات تدهورت فيها علاقات إنسانية فعلية أو انهارت بسبب التعلق العاطفي بـ"روبوتات دردشة".

التطور الأحدث جاء مع تحديث شركة OpenAI لبرنامجها الشهير "شات جي بي تي" إلى الإصدار GPT-5، حيث شعر بعض المستخدمين بأن الروبوت أصبح أكثر "بروداً"، واعتبروا الأمر بمثابة "انفصال عاطفي". الشركة بدورها أكدت أنها تعمل على جعل الروبوت أكثر "دفئاً وودية"، وفق ما ذكر موقع Techradar ونقلته "العربية Business".

هذه الظاهرة ليست وليدة اليوم، فقد ظهر في خمسينيات القرن الماضي مصطلح "التفاعل الفوق اجتماعي" لوصف الروابط أحادية الاتجاه بين الجمهور والشخصيات الإعلامية. لكن الفارق أن روبوتات الدردشة الحالية قادرة على الرد والتذكر والتكيف، ما يوحي بعلاقة متبادلة وإن كانت في جوهرها غير متكافئة. وتوضح الخبيرة النفسية مادينا ديميرباس: "الاتصال يبدو حقيقياً لكنه يفتقر إلى الوعي العاطفي الحقيقي".

فوائد محتملة ومخاطر قائمة

يشير الخبراء إلى أن هذه العلاقات قد تكون مفيدة في بعض الحالات، إذ توفر بيئة آمنة للتعبير عن المشاعر أو التدريب على المحادثات، كما أظهرت دراسات أنها تساعد البعض في التغلب على العزلة أو تعزيز الثقة بالنفس. لكن بالمقابل، يحمل التعلق المفرط مخاطر، أبرزها رفع التوقعات بشكل غير واقعي في العلاقات الإنسانية، وخلق "غرف صدى" تحد من النمو الشخصي.

وقد سُجّلت بالفعل حالات مأساوية، منها انتحار مراهق في الولايات المتحدة عقب تفاعلاته مع روبوت دردشة، وكذلك وفاة رجل مسن في ولاية نيوجيرسي بعد أن أقنعه روبوت عبر فيسبوك ماسنجر بأنه شخص حقيقي.

تساؤلات حول الخصوصية والسيطرة

إلى جانب المخاطر النفسية، هناك قلق متزايد من سلطة شركات التكنولوجيا التي تتحكم بشكل كامل في شخصية الروبوتات وحدود ذاكرتها، بل وحتى في إمكانية تعديلها أو إزالتها من خلال التحديثات. وهذا يجعل "الأصدقاء الافتراضيين" عُرضة للاختفاء أو التحول المفاجئ.

الحميمية المصمَّمة

في النهاية، يرى الخبراء أن هذه العلاقات ليست مجرد احتمال نظري بل واقع يتطلب إدارة واعية. فهي قد تكون نافعة للبعض، لكنها قد تتحول إلى فخ خاصة للمراهقين والفئات الأكثر هشاشة. لذا لم يعد النقاش يدور حول إمكانية نشوء هذه الروابط، بل حول كيفية ضبطها وحماية الأفراد من تبعاتها السلبية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa