من إنستغرام إلى الطبيعة.. لماذا ننجذب لمراقبة حياة الآخرين؟

13/09/2025 11:00PM

يبدو أن شغف الإنسان بمراقبة الآخرين والاهتمام بمعرفة تفاصيل حياتهم، سواء عبر التنصت أو متابعة برامج تلفزيون الواقع أو التدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، ليس سلوكاً جديداً كما يظن كثيرون، بل له جذور عميقة تعود إلى ملايين السنين.

فقد أظهرت دراسة أميركية حديثة أن ما يُفسَّر غالباً باعتباره "تطفلاً"، قد يكون في جوهره أداة للبقاء الاجتماعي تطورت منذ عصور سحيقة.

الدراسة التي قادتها الباحثة لورا لويس، أخصائية علم النفس التنموي والمقارن بجامعة كاليفورنيا – سانتا باربرا، شملت أطفالاً تتراوح أعمارهم بين أربع وست سنوات، إلى جانب مجموعة من قرود الشمبانزي البالغة. وخلال التجربة، عُرضت مقاطع فيديو أظهرت أفراداً من النوع نفسه إما بمفردهم أو أثناء تفاعلهم في مجموعات. وكانت النتيجة أن الأطفال والشمبانزي أبدوا اهتماماً أكبر بالمشاهد الاجتماعية مقارنة بالمنفردة، حتى لو كان تجاهلها يعني التخلي عن مكافأة مادية.

وتوضح لويس أن "المعلومات الاجتماعية تمثل قيمة أساسية للإنسان والرئيسيات، إذ كانت وسيلة تكيفية لأسلافنا منذ نحو 25 مليون عام، وساعدت على تعزيز قدراتهم على البقاء وتشكيل الروابط الاجتماعية".

كما رصد الباحثون فروقاً بين الأطفال والقرود، إذ ظهر أن الفتيان مع التقدم في العمر يميلون أكثر لمتابعة مشاهد الصراع الاجتماعي مثل الشجار أو البكاء، بينما تميل الفتيات إلى الاهتمام بالمشاهد الإيجابية مثل اللعب واللهو أو تمشيط الشعر. ويرى العلماء أن هذه الملاحظات تعكس تأثير أنماط التنشئة الاجتماعية والضغوط المرتبطة بها.

خلصت الدراسة إلى أن الفضول الاجتماعي ليس مجرد رغبة عابرة، بل هو آلية تطورية تساعد على اكتساب المهارات الاجتماعية، واتخاذ القرارات، وبناء العلاقات.

وفي موازاة ذلك، رصدت دراسة أخرى نُشرت في مجلة Animal Cognition أن قرود الماكاي تُبدي اهتماماً أكبر بمراقبة التفاعلات العنيفة مقارنة بالسلمية، خاصة عندما يتعلق الأمر بقرود مألوفة لها. وأوضحت ليسبيث شتيرك، أخصائية علم الرئيسيات بجامعة أوتريشت، أن هذا السلوك يحاكي اهتمام البشر بمتابعة الحياة الاجتماعية للأشخاص المعروفين، سواء كانوا أقارب أو أصدقاء أو مشاهير. وأضافت أن التركيز على مشاهد العنف قد يعكس محاولة لفهم موازين القوة والهيمنة في المجتمع ورصد التهديدات المحتملة.

بهذا، تضع الدراسات الفضول الاجتماعي في إطار جديد، ليس كفضول عابر أو سلوك متطفل، بل كآلية ارتقائية تدعم التعاون والتماسك في المجتمعات البشرية المتطورة.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa