15/09/2025 10:10PM
كتب أنطوني سعد:
منذ 17 و18 أيلول، تاريخ انفجارات أجهزة “البيجر” والاتصالات اللاسلكية، وحتى يوم اغتيال السيد حسن نصرالله ورئيس المجلس التنفيذي هاشم صفي الدين، يواجه حزب الله أخطر الضربات التي تلقاها منذ تأسيسه. الضربتان اختلفتا في الشكل والأدوات، لكنهما اشتركتا في الهدف: تقويض البنية العسكرية والسياسية والتنظيمية للحزب، وزرع الشك في صلابته أمام جمهوره وحلفائه.
العملية الأولى – أي انفجارات “البيجر واللاسلكي” – مثّلت ضربة مركبة، إذ أنها لم تستهدف قيادات بالمعنى التقليدي، بل أصابت العمود الفقري للمنظومة الأمنية للحزب. في يومين متتاليين انهارت شبكة الاتصالات التي طالما اعتبرها الحزب حصينة. هذا الأمر شلّ قدرة الوحدات الميدانية على التنسيق وأدى إلى ارتباك واضح في جبهاته. التأثير العسكري كان فورياً، إذ انقطعت خطوط القيادة والسيطرة، وأصبح الحزب في وضع دفاعي، يحاول إعادة ترميم ثغراته. أما على المستوى السياسي والإعلامي، فقد برزت صورة الحزب كجسم مُخترق، يمكن الوصول إلى “أدواته المحصّنة” بسهولة، ما شكّل ضربة لصورته أمام بيئته الحاضنة وأمام الرأي العام الإقليمي.
أما العملية الثانية، أي اغتيال السيد نصرالله وصفي الدين، فقد حملت وقعاً يتجاوز العسكري إلى الرمزي والوجودي. نصرالله لم يكن مجرد قائد، بل أيقونة، تمحورت حوله هوية الحزب وسرديته منذ ثلاثة عقود. غيابه المفاجئ أحدث فراغاً هائلاً على مستوى القيادة والقاعدة الشعبية. ومع اغتيال صفي الدين، الذي كان يُعتبر الوريث الطبيعي والواجهة المستقبلية، تضاعفت الأزمة، وأصبح الحزب أمام مأزق خلافة عسير، محفوف بانقسامات داخلية وصراع بين الأجنحة. التأثير الأمني لهذه العملية أقل مباشرة من انفجارات أيلول، لكنه سيبقى أعمق وأطول مدى، لأنه يضرب القلب السياسي والتنظيمي للحزب.
مسؤول لعب دوراً مخابراتياً ثم سياسياً اعتبر أن ضربة اغتيال حسن نصرالله هي بمثابة نهاية مشروع “الشيعية السياسية” الذي بناه خلال عقود، وأنها ستشكل، مهما طال الزمن، خاتمة لهذا المشروع. أما ضربة “البيجر”، فعلى الرغم من قسوتها وأثرها الآني، فإنها تبقى قابلة للتعويض عبر إعادة بناء المنظومة الأمنية واللوجستية، ما يجعل الفارق جوهرياً بين عملية تستهدف الأجهزة وأخرى تقطع رأس المشروع بأكمله.
المقارنة بين العمليتين تُظهر بوضوح أن انفجارات “البيجر” أصابت قدرة الحزب العملانية، لكنها قابلة للترميم مع الوقت عبر بدائل تقنية وتنظيمية. في المقابل، اغتيال نصرالله وصفي الدين يشكل ضربة يصعب تجاوزها، لأن الخسارة هنا ليست في الأجهزة أو الوسائل، بل في القيادة والرمزية. هذه ليست مسألة إعادة بناء بنية تحتية، بل إعادة إنتاج زعامة قد لا تتكرر بسهولة.
وعليه، فإن عملية الاغتيال تبقى الأشد قسوة من حيث النتائج السياسية والمعنوية، بينما تبقى عملية “البيجر واللاسلكي” الأخطر من حيث الأثر العسكري الآني. الاثنتان معاً وضعتا حزب الله أمام اختبار وجودي غير مسبوق، وأدخلتاه في مرحلة عنوانها الأبرز: اهتزاز الثقة والبحث عن بدائل في زمن التحولات الكبرى.
شارك هذا الخبر
إليكم الحصيلة النهائية للغارة على النبطية
مخزومي: شكراً لوزارة الداخلية وشعبة المعلومات على الجهود الاستثنائية
الحصيلة الأولية للغارة الإسرائيلية على النبطية
اغتيال القيادة أم انهيار الاتصالات: أي ضربة هزّت الحزب أكثر؟
أدرعي يزعم: استهدفنا مقراً لحزب الله
بالصورة: اسرائيل تستهدف النبطية
غارة اسرائيلية تستهدف مدينة النبطية
الريجي تنفي: شائعات لا صحة لها
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa