الدكتورة يافا الحاج حسين تلهم النساء في قطر

11:08AM

بقلم الكاتبة عبير غانم: 

    في عالمٍ يطغى عليه حضور الرجال، برزت الدكتورة يافا الحاج حسين، التونسية الجنسية، كواحدة من الأسماء اللامعة في مجال جراحة التجميل، لتثبت أن هذا التخصص ليس حكراً على جنس دون آخر، بل هو ميدان للشغف والإبداع. تعمل اليوم في مركز جلو الطبي في الدوحة – قطر، حيث استطاعت أن تجمع بين الخبرة العلمية والرؤية الإنسانية في التعامل مع أدق تفاصيل المراجعين .

لم يكن اختيارها لهذا التخصص وليد الصدفة، بل جاء نتيجة تجربة شخصية أليمة تركت بصمتها في مسيرتها. فحين كانت في الخامسة عشرة من عمرها، أصيبت والدتها – رحمها الله – بسرطان الثدي واضطرت إلى استئصال أحد ثدييها. ورغم أنها تقبلت فكرة مفارقة الحياة، فإنها لم تستطع التعايش مع التشوهات التي أصابت جسدها بسبب المرض والعلاج. هذه المعاناة جعلت د. يافا تدرك مبكراً أن التجميل ليس رفاهية، بل قد يكون مفتاحاً لاستعادة ثقة المرأة بنفسها في أصعب الظروف.

رحلتها إلى قطر كانت بدورها ثمرة ظرف إنساني. فبعد وفاة والدها – رحمه الله – في المستشفى الذي كانت تعمل به، لم تعد قادرة على مواجهة الذكريات المؤلمة يومياً. وفي خضم ذلك، وصلها عرض عمل في قطر فقبلته على الفور، لتبدأ من هناك مرحلة جديدة شكلت نقطة تحول في مسيرتها المهنية .

وعن أكثر العمليات طلباً في عيادتها، تكشف أن عمليات الشفط والشد والنحت بعد فقدان الوزن تحتل الصدارة، إلى جانب إجراءات منطقة "اللغلوغ". لكنها في المقابل ترفض بشكل قاطع أن تتحول العمليات التجميلية إلى مجرد "صيحة موضة"، مؤكدة أن لكل إنسان بصمته الخاصة وهويته التي يجب الحفاظ عليها. بالنسبة لها، خطورة التجميل تكمن حين يسعى الناس ليشبهوا بعضهم البعض، فيفقدون فرادتهم ويمحون تميزهم الطبيعي .

في تعاملها مع المراجعين، تتبنى نهجاً واضحاً وحاسماً. فهي لا تتردد في رفض أي إجراء تشعر أنه لا يتناسب مع الشخص أو قد يسيء إلى مظهره بدلاً من تحسينه. وتوضح أن دورها كطبيبة ليس فقط إجراء العملية، بل أيضاً حماية المريض من قرارات متسرعة أو غير مناسبة .

وترى أن حسنات التجميل في عصرنا تتمثل في تعزيز الثقة بالنفس والاهتمام بالمظهر كجزء من الاهتمام بالصحة العامة. غير أن الجانب المظلم يظهر عندما يتحول الأمر إلى هوس أو إدمان، فتتكرر الإجراءات بشكل غير واقعي أو يُطلب ما يتجاوز حدود الطب والمنطق .

أما نصيحتها للمرأة فهي بسيطة لكنها عميقة: "اهتمي بنفسك، ثقي بذاتك، وكوني قوية". ومن هذا المنطلق، تضع معايير دقيقة في عملها، إذ ترفض القيام بأي عملية خارج نطاق خبرتها، إيماناً منها بأن الصدق مع النفس والمريض هو أساس النجاح.

ولعل أكثر ما يميز حضورها في المجال هو إصرارها على توفير طاقم نسائي متكامل في عملها. هذا الخيار لا يعكس فقط إيمانها بتمكين المرأة وتشجيع دورها في المجتمع، بل أيضاً احترامها لخصوصية البيئة التي تعمل فيها. فهي تدرك أن كثيراً من النساء لا يستطعن التعبير بحرية عن تطلعاتهن أمام الأطباء الرجال، بينما التواصل الصريح والدقيق يعد عاملاً أساسياً في نجاح العمليات التجميلية.

بهذا المزيج من الخبرة والإنسانية، استطاعت د. يافا الحاج حسين أن تفرض حضورها وتقدم نموذجاً مختلفاً لجراحة التجميل، حيث يصبح التخصص أداة لتمكين المرأة وتعزيز ثقتها، لا مجرد أداة لتكريس الصور النمطية أو اتباع صيحات عابرة.

وخاتمة رسالتها واضحة: التجميل ليس هدفاً بحد ذاته، بل وسيلة لإعادة الثقة والانسجام بين الإنسان وجسده، شرط أن يبقى في إطار التوازن والوعي.

 


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa