البطريرك الراعي من الديمان: الوردية سلاح الرجاء وخلاص لبنان

05/10/2025 02:51PM

ترأس البطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي قداس احد الوردية الاخير، في المقر البطريركي الصيفي في الديمان يعاونه المطرانان حنا علوان والياس نصار، الامين العام الاب فادي تابت، القيم البطريركي الخوري طوني الاغا، امين الديوان الخوري خليل عرب،امين سر البطريرك الخوري كاميليو مخايل وعدد من الكهنة والرهبان، في حضور عائلتي المرحومين نجيب صالح وفوزي بطرس صليبا و حشد من المؤمنين.

بعد تلاوة الانجيل المقدس، القى الراعي عظة بعنوان: "حيث تكون الجثّة، هناك تجتمع النسور" (متى 24:2) قال فيها: "يستعمل ربّنا يسوع هذا التشبيه ليبيّن أنّ عند ظهوره بالمجد، كلّ الذين سلكوا في البر هم كالنسور يحلّقون إلى السماء. فيقال إنّ النسور تستروح الجثّة عن بعد، من وراء البحار. بالمعنى المجازي نقول مع القديس إيرونيموس: إن كانت هذه المخلوقات غير العاقلة قادرة على اكتشاف الأجسام الصغيرة، وتفصلها عنها مسافات شاسعة من يابسة وبحر، فكم بالحري ينبغي لنا نحن المؤمنين أن نعرف المسيح الذي يأتي بهاؤه من المشرق ويسطع حتى المغرب. وبالمعنى المجازي «الجثّة» هي الجسد المائت، وترمز إلى آلام المسيح، الحمل الذي سيق إلى الذبح (اشعيا ٥٣: ٧). عند مجيئه الثاني، كما في مجيئه اليومي في سرّ القربان، يجتمع القديسون كالنسور حول مذبحه ويرتفعون بذبيحته إلى عرش الحمل المذبوح في السماء. فالنسور يمثّلون القديسين الذين حلّقوا بفضائلهم وقداسة حياتهم إلى أعالي السماء. نقرأ في كتاب المزامير: «القديسون يتجدّد شبابهم كالنسور» (مز ۱۰۳ (۱۰۲)، ٥). فلا بدّ عند الاحتفال بالذبيحة القربانية من التخشّع مدركين حضور القديسين حول المذبح، فنضمّ قرابين أعمالنا الصالحة إلى القربان الإلهي، ونسمو معهم إلى قمم الروح بالفضائل الإلهية والإنسانية".

وتابع: "هذه الصورة الرمزية القوية، تدعونا للتأمل في معنى الحياة والموت والقيامة. فكما تنجذب النسور إلى حيث الجثة، هكذا يجتمع المؤمنون حول الصليب، لأن فيه ينبوع الحياة. هو الصليب الذي صار بفضل القيامة باب المجد والملكوت. واليوم إذ نحتفل بعيد سيدة الوردية، نفهم أن المسبحة هي الطريق الذي يقودنا دومًا إلى هذا الصليب، وإلى المسيح القائم من بين الأموات. فالوردية هي مدرسة التأمل في أسرار الفرح والألم والمجد والنور. ونحن في شهر تشرين الأول المكرّس للوردية، نتذكر دعوة العذراء الدائمة في ظهوراتها في لورد وفاطيما: "صلّوا المسبحة، صلّوا المسبحة، من أجل التوبة، وعودة الخطأة، ووقف الحروب، وبسط السلام".

واردف: "نلتقي اليوم في هذا العيد المبارك، عيد سيدة الوردية، حيث نجتمع معًا في الديمان لنختم الصيفية بالصلاة والشكر، ولنفتتح شهرًا جديدًا من التأمل والصلاة. هو يوم ترحيب ووداع في آن واحد: نرحّب بكم جميعًا، ونودّع الصيفية بروح الرجاء بلقاءات جديدة في المستقبل. وجودكم هنا علامة محبة وإيمان، وعيد الوردية هو فرصة لنضع كل قلوبنا بين يدي العذراء مريم، أمّنا وشفيعتنا، التي ترافقنا في مسيرتنا الإيمانية والوطنية. وأخصّ بالتحية كل الحاضرين من أبناء هذه البلدة العزيزة الديمان، وعائلة العزيز المرحوم نجيب صالح من الديمان الذي اعتدنا لقاءاته يوميا في القداس وفي صلاة المسبحة. وفي اليوم الذي فارقنا كان معنا في قداس الصباح ،صلى وتناول وذهب الى بيته وكان الوداع.ونذكر بالتحية عزيزا آخر على قلبنا هو المرحوم فوزي بطرس صليبا من جبيل والذي اعتدنا على زياراته في البطريركية وفي مطرانية جبيل .اننا نصلي اليوم لراحة نفسيهما ولعزاء اسرتيهما.

وأضاف: "لمناسبة احد الوردية نتوقف عند البابا القديس يوحنا بولس الثاني، الذي جعل من المسبحة محور حياته وسر قداسته. لقد كان يرى في الوردية مفتاح التأمل في سر المسيح. وفي رسالته "Rosarium Virginis Mariae"، دعا الكنيسة كلها إلى تلاوة الوردية لأنها صلاة بسيطة وقوية في آن واحد. لم يكتفِ بالتمسّك بأسرارها الثلاثة التقليدية، بل أضاف إليها "أسرار النور"، ليجعلها أكثر اكتمالًا في التأمل بحياة المسيح. لم تكن المسبحة بالنسبة إليه مجرد صلاة إضافية، بل قلب حياته اليومية. يروي المقربون منه أنه لم ينم يومًا دون أن يتلو مسبحته، حتى أن آخر أيام حياته كانت مغموسة بتلاوتها. وعندما زار لبنان سنة ١٩٩٧ والتقى الشباب، كانت المسبحة في يده؛ وعندما غادرنا إلى السماء، كانت المسبحة رفيقته الأخيرة. لذلك يمكننا القول إن الوردية كانت سر حياته، محور قداسته، وسلاحه الروحي في مواجهة الألم والموت. وهو القائل: "مسبحة الوردية هي مدرسة التأمّل في المسيح مع عينيّ مريم. إنَّ لبنان اليوم بأمسّ الحاجة إلى صلاة الوردية. في زمن الأزمات والانقسامات والضياع، نحن مدعوون لأن نلتفت إلى مريم ونرفع المسبحة من أجل وطننا. المسبحة الوردية، في أبعادها الروحية والكنسية، هي أيضًا رسالة وطنية. فهي سلسلة من الحبات التي يجمعها خيط واحد، كما يجمع وطننا أبناءه المختلفين والمتنوعين. إذا انقطع الخيط، تفرط الحبات وتتبعثر. لكن حين يبقى الخيط متينًا، تبقى الحبات مترابطة وتكوّن عقدًا واحدًا جميلاً. هكذا هو لبنان: إذا تماسك أبناؤه بالإيمان والوحدة، يبقى وطنًا مزدانًا بالمحبة؛ وإذا تفكك، ضاع عقده وتلاشى جماله. في المسبحة أيضًا نجد الخلاص. فمن يتأمل أسرارها يعيش معنى التضحية والرجاء. كما أن أسرار الألم تسبق دائمًا أسرار المجد، هكذا لبنان: يعيش آلامًا وأزمات، لكنه مدعو أن ينهض إلى مجد جديد، شرط أن يصبر ويثبت ويضع ثقته بالرب. صلاة الوردية هي سلاحنا الروحي ضد اليأس والانقسام. إنها صرخة في وجه الحروب الداخلية والخارجية، ونداء للوحدة والسلام. مريم سيدة الوردية تعلّمنا أن السلام يبدأ من القلب، ثم من العائلة، ثم من الوطن، ليصل إلى العالم كله. لذلك نقول: بالمسبحة، هناك الأمل، وبالمسبحة، هناك الخلاص".

وختم الراعي: "في هذا العيد المبارك، نرفع صلاتنا من أجل كل واحد وواحدة منكم، ومن أجل لبنان الحبيب. نطلب من العذراء أن تزرع في قلوبنا الرجاء، وأن تحفظ وطننا من الشر والانقسام. بعد ختام هذه الذبيحة الإلهية، سندعوكم مباشرة لتلاوة المسبحة الوردية معًا، كي يكون هذا العيد بداية لمسيرة صلاة طوال هذا الشهر المبارك، فنضع وطننا وعائلاتنا بين يدي العذراء مريم، واثقين أنها لن ترد لنا طلبًا. لتكن المسبحة الورديّة رفيقة دربنا، وسلاحنا الروحي، وجسر عبور إلى السّماء. فنرفع المجد والتسبيح مع مريم للثالوث القدوس الذي اختارها، الآن وإلى الأبد، آمين.

وبعد تلاوة المسبحة وطلبة العذراء مريم استقبل البطريرك الراعي المشاركين في الذبيحة الالهية ورئيس مؤسسة المطران شبيعة الذي وجه له الدعوة لترؤس القداس السنوي الذي سيقام في بشري لراحة نفس المطران فيليب شبيعة.

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa