11:54AM
"أصيب ابني بجروح بالغة، ولم يكن لدي أي أمل في شفائه، فكبده تمزق إلى أشلاء. بذل المستشفى كل ما في وسعه لمساعدته على التعافي، وقدم له الرعاية ليلاً ونهاراً. أنا ممتنة لوجود هذا المستشفى"، تقول فاطمة، والدة مصاب أُدخل إلى مركز علاج الإصابات التابع لأطباء بلا حدود في قندوز في أفغانستان في يوليو 2025.
قبل ما يقرب من عشر سنوات، خلال ليلة 3 أكتوبر 2015، ولأكثر من ساعة، تعرض مركز قندوز لعلاج الإصابات لضربات جوية أمريكية مكثفة وطويلة. أصيب مبنى المستشفى الرئيسي، الذي يضم وحدة العناية المركزة وغرف الطوارئ والمختبر والأشعة السينية وقسم العيادات الخارجية والصحة النفسية وجناح العلاج الطبيعي، بقصف بضربات دقيقة ومتكررة.
عندما خمدت النيران، وانقشع الغبار، وتم التواصل مع الناجين، كان 42 شخصاً قد لقوا حتفهم، منهم 24 من المرضى، و 14 من موظفي أطباء بلا حدود، وأربعة من مقدمي الرعاية للمرضى. بعض المرضى احترقوا في أسرتهم، وبعضهم فقدوا رؤوسهم أو أطرافهم، وأصيب آخرون بالرصاص من الجو أثناء محاولتهم الهروب من المبنى المحترق. حتى الآن، هذا هو الهجوم الأكثر دموية الذي يُرتَكب ضد أحد مرافقنا.
قام الدكتور سيد حامد هاشمي الذي كان يعمل جراحاً في إحدى غرف العمليات ليلة الهجوم بزيارة المستشفى بعد أسبوعين من القصف. وقد وصف ما رآه كما يلي: "كل شيء قد احترق. كان في غرفة العمليات التي كنت أعمل فيها ليلة الهجوم ثقوب في السقف والجدران. عبوات الأكسجين وطاولة العمليات قد تحولت إلى قطع متناثرة. لقد توقف الوقت: تستطيع أن تشعر باللحظة التي توقف فيها الجميع عن العمل".
كان الطلاء على الجدران قد تقشّر من حرارة اللهب، وهناك قطع معدنية مشوهة بشكل غريب ممزوجة بالحطام على الأرض، وكان السقف مفتوحاً على السماء في بعض الأماكن. توقفت الأنشطة الطبية لمنظمة أطباء بلا حدود في شمال شرق أفغانستان.
ما الذي دُمِّر؟
بدأ مشروع أطباء بلا حدود في قندوز في أغسطس 2011 كمستشفى بسعة 55 سريراً. قدمنا الرعاية الجراحية العاجلة والعلاج اللاحق للأشخاص الذين لديهم إصابات ناتجة عن انفجارات القنابل والشظايا وجروح الطلقات النارية بسبب النزاع المستمر. قبل افتتاح المستشفى، كان الناس في المنطقة الذين يعانون من إصابات خطيرة يضطرون إلى القيام برحلات طويلة وخطيرة إلى كابُل أو باكستان، أو زيارة العيادات الخاصة باهظة التكلفة، وقد توسّع المرفق بسرعة بمجرد تشغيله إلى 70 سريراً، وبحلول عام 2015 كان يضم 92 سريراً. كان مستشفى قندوز هو مركز علاج الإصابات المتخصص الوحيد في شمال أفغانستان.
في سبتمبر 2015، اشتد القتال في قندوز مع دخول قوات طالبان ثم سيطرتها على المدينة، لكنها خسرتها لاحقاً بعد بضعة أسابيع. كان المستشفى على خط المواجهة وقد تدفق إليه الكثير من الجرحى، فزدنا عدد الأسرّة إلى 110 ثم إلى 150 سريراً. في نهاية الشهر كان هناك الكثير من الجرحى، لدرجة أنهم كانوا يُعالَجون في المكاتب وفي غرف الفحص وكان يتم تقديم العلاج الإسعافي على المراتب على الأرض. طوال تلك الفترة، ظل مركز علاج الإصابات مفتوحاً، حتى مع تحول السيطرة على المدينة.
يقول الدكتور عصمت الله عصمت، الذي نجا من الهجوم ويعمل اليوم كنائب للمستشار الطبي للمشروع في مركز قندوز لعلاج الإصابات: "كنا فخورين للغاية بأننا نقدم العلاج للجميع – النساء والرجال والأطفال - بغض النظر عن عرقهم أو انتماءاتهم السياسية".
بعد الهجوم، حيث دُمِّر معظم المستشفى ولم يعد يعمل، أصبحت إمكانية الحصول على الرعاية الصحية الطارئة منخفضة بشكل كبير لآلاف الأشخاص في وقت كانوا في أمس الحاجة إليها. استغرقت منظمة أطباء بلا حدود أكثر من عام لبدء تقديم الرعاية الطبية من جديد في مدينة قندوز، ووقتاً أطول لإعادة بدء رعاية الإصابات. في الفترة الفاصلة، عمل مستشفى قندوز الإقليمي بدأب لمحاولة سد الفجوة.
واصلت منظمة أطباء بلا حدود دعم النقطة المتقدمة في إقليم شاهردارا (إقليم آخر في قندوز)، والتي كانت في الأراضي التي تسيطر عليها المعارضة. قدم الممرضون الرعاية الفورية للمرضى الذين أصيبوا، لكن الإحالة إلى مركز قندوز للإصابات لم تعد ممكنة. لم يكن متاحاً سوى الرعاية الأساسية، وتوقفت الرعاية التي كانت تنقذ الحياة.
ما الذي حدث بعد ذلك؟
احتاجت منظمة أطباء بلا حدود كمنظمة إلى فهم ما حدث والتعامل مع فقدان المرضى والأصدقاء والزملاء. وقع الهجوم على الرغم من مشاركة أطباء بلا حدود إحداثيات موقع المستشفى مع وزارة الدفاع الأمريكية ووزارتي الداخلية والدفاع الأفغانية والجيش الأمريكي في كابل. في أعقاب ذلك، على الرغم من المناقشات مع السلطات الأمريكية والأفغانية على جميع المستويات، لم تكن أطباء بلا حدود مقتنعة بإمكانية إجراء تحقيق مستقل ومحايد من قبل الأطراف المعنية. وبناءً على ذلك، طلبنا من اللجنة الدولية لتقصي الحقائق الإنسانية إجراء تحقيق مستقل. لكن بدون موافقة الحكومتين الأمريكية والأفغانية، لم يكن من الممكن المضي قدماً. في نوفمبر 2015، أصدرنا مراجعتنا الداخلية الخاصة.
في يناير 2017، قررت أطباء بلا حدود المضي قدماً في بناء مستشفى جديد للإصابات في موقع آخر في المدينة، وبمجرد الحصول على الأرض وإزالة الألغام منها، بدأ البناء في أواخر عام 2018. بالتوازي مع ذلك، في يوليو 2017، افتتحت أطباء بلا حدود عيادة خارجية صغيرة في قندوز للأشخاص الذين يعانون من جروح طفيفة مرتبطة بالإصابات، لكنها أغلقت للأسف في أبريل 2020 خلال جائحة كوفيد-19 ولم يتم إعادة فتحها.
عندما اشتد القتال في قندوز في عام 2021، قامت فرق أطباء بلا حدود بإنشاء وحدة مؤقتة لعلاج الإصابات تضم 25 سريراً في مكتبها لعلاج جرحى الحرب، ريثما يكتمل بناء المرفق الجديد. أخيراً، في يوم الإثنين 16 أغسطس 2021، نقلت أطباء بلا حدود جميع المرضى من الوحدة المؤقتة لعلاج الإصابات إلى مركز علاج الإصابات الجديد في قندوز. وقال أحد المسعفين العاملين هناك في ذلك الوقت: "نحن نقوم بعملنا الطبي بينما لا يزال البناء مستمراً، ولكن السرعة التي يقوم بها جميع فريق البناء وغيرهم بإصلاح الأمور مذهلة للغاية".
مع عودة الهدوء إلى المدينة وانتهاء القتال، بدأت أنواع الرعاية التي يحتاجها المرضى في التغير. فبدلاً من جروح الطلقات النارية وانفجارات القنابل، كان الفريق يستقبل حوادث مرور على الطرق حيث شعر الناس بأمان أكبر للتنقل. استمرت هذه التغيرات؛ في عام 2023، بدأ برنامج الإشراف على مقاومة مضادات الميكروبات وتم إدخال أنشطة العناية بالحروق في عام 2025.
مركز قندوز لعلاج الإصابات اليوم
مركز علاج الإصابات الجديد في قندوز موجود اليوم في بلد لم يعد في حالة حرب ولكنه يعاني من تحديات أخرى لا تحصى. يضم المركز غرفة للطوارئ، ووحدة للعناية المركزة، وأقساماً للمرضى الداخليين والخارجيين، وغرف عمليات، ومساحة للعلاج الطبيعي.
يحتوي مركز الإصابات على 79 سريراً ويوفر رعاية شاملة للمرضى الذين يعانون من إصابات ناتجة عن السقوط وحوادث المرور والذخائر غير المنفجرة وغيرها. بين يناير ويونيو 2025، استقبلنا 10,253 مريضاً في غرفة الطوارئ بالمرفق وتم إجراء 3,197 عملية جراحية.
تقول إميلي بويل، منسقة مشروع أطباء بلا حدود في قندوز: "تختلف مدينة قندوز اليوم عن مدينة قندوز في عام 2015، تماماً كما تغيرت طبيعة إصابات الحوادث. لكن الشيء الوحيد الذي لن يتغير أبداً، هو أننا بصفتنا منظمة أطباء بلا حدود نتعامل مع الجميع وفقاً لاحتياجاتهم الطبية. نحن لا نميز على أساس عرق المريض أو جنسه أو معتقداته الدينية أو انتمائه السياسي".
انتهى
شارك هذا الخبر
إليكم الحصيلة النهائية لاستهداف زبدين
باسيل: سلطة عاجزة وخطر التوطين عم يزيد
لقاء خريش ورئيس بلدية الفنار: بحث في الشؤون الإنمائية والخدماتية
التيار الوطني الحر: عودة النازحين عبر المعابر الرسمية تكشف ذرائع التوطين
حزب الوطنيين الأحرار: مع الجيش... ومن يجرؤ نزع السلاح؟
سلسلة لقاءات لوزير الأشغال
هيكل يستقبل رئيس لجنة مراقبة وقف الأعمال العدائية وبو صعب
قائد الجيش العماد رودولف هيكل أنهى عرض التقرير الشهري الأول خلال جلسة مجلس الوزراء في قصر بعبدا
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa