واشنطن تضغط لتثبيت الهدوء في الجنوب… ولبنان ينتظر ترجمة الخطة على أرضه

07:38AM

كتب محمد شقير في “الشرق الأوسط”:

يواكب لبنان الرسمي بدء سريان اتفاق وقف النار في غزة للتأكد ما إذا كان سينسحب على استكمال الاتفاق الذي التزم به لبنان منذ صدوره في 27 تشرين الثاني 2024 وامتنعت إسرائيل عن تطبيقه، أم أنه يتوقف على إنجاز المراحل في سياق الخطة التي وضعتها قيادة الجيش لتطبيق حصرية السلاح بيد الدولة، والتي تبدأ من جنوب الليطاني امتداداً إلى المناطق كافة وصولاً إلى حدوده الدولية مع سورية وإسرائيل؟

فلبنان يترقّب سير تطبيق إنهاء هذه الحرب بموجب الخطة التي وضعها الرئيس الأميركي دونالد ترمب وحظيت بـتأييد عربي ودولي وإسلامي غير مسبوق؛ ليكون في وسعه أن يبني على الشيء مقتضاه لتطبيق القرار 1701، وهذا يتطلب من الولايات المتحدة الضغط على إسرائيل لإلزامها بما يجب عليها لإنهاء الحرب في الجنوب، في مقابل استعداد «حزب الله» لتسهيل حصرية السلاح في ضوء تجاوبه مع انتشار الجيش اللبناني بمؤازرة قوات الطوارئ الدولية في جنوب الليطاني باستثناء البلدات التي ما زالت محتلة.

المطلوب من «حزب الله»

في هذا السياق، يقول مصدر سياسي، فضّل عدم ذكر اسمه، بأن إنهاء الحرب في غزة لم يكن ليطبّق لو لم يضع الرئيس ترمب كل ثقله لإلزام إسرائيل بالتجاوب مع الخطة التي تحمل اسمه. ويؤكد لـ«الشرق الأوسط» بأنها نسخة طبق الأصل عن القرار 1701، وإنما بصيغة أميركية يراد منها نزع السلاح غير الشرعي من الشرق الأوسط، بدءاً بغزة وصولاً إلى لبنان.

ويلفت المصدر الدبلوماسي إلى أن المطلوب من «حزب الله» التدقيق في مضامين الخطة الأميركية والانفتاح عليها بتطبيق القرار 1701 لبسط سلطة الدولة اللبنانية على أراضيها كافة. ويقول إن الحزب في ردّه الأولي على الخطة الأميركية، بلسان أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، بدا مربكاً من خلال التعامل معها على أنها تأتي لمصلحة إسرائيل قبل أن يصوّب الحزب موقفه ببيان يؤيد فيه ما ترتضيه «حماس».

ويرى أن تشكيك قاسم بالخطة لم يدم طويلاً، واضطر الحزب إلى التدخل لتفادي اتهامه بأنه أحرج «حماس» وأخطأ عندما قرر إسناده لغزة. ويقول إن تصحيح موقفه جاء استجابة لنصيحة طهران؛ لأنها ليست في وارد معارضتها لتفادي دخولها في اشتباك سياسي مع الدول التي أيّدتها بتوفير الغطاء السياسي لها.

ويؤكد المصدر بأنه لم يكن من خيار لـ«حزب الله» سوى تأييده لإنهاء الحرب لقطع الطريق على اتهامه بأن إسناده لغزة لم يكن مدروساً، ويدعوه لمراجعة حساباته بعيداً عن الإنكار والمكابرة، خصوصاً وأنه يتعاون مع الجيش ببسط سلطته بمؤازرة «يونيفيل» في جنوب الليطاني، والذي اضطر إلى الانسحاب منه.

إشادة بما حققه الجيش

ومع أن المصدر لا يملك الإجابة عن أسئلة اللبنانيين ما إذا كانت خطة ترمب ستشمل لبنان لإعادة الاعتبار لاتفاق وقف النار، فإنه في المقابل يبدي ارتياحه للإنجاز الذي حققه الجيش بتوسيع انتشاره في جنوب الليطاني، وأن استكمال الخطة التي وضعتها القيادة يتوقف على مدى استعداد الولايات المتحدة للضغط على إسرائيل لإلزامها بالانسحاب من التلال التي تحتفظ بها.

ويشيد بما حققه الجيش رغم إمكاناته اللوجيستية المتواضعة، ويخفف من مبالغة «حزب الله» باستعادته قدراته العسكرية. ويسأل كيف استعادها في ظل الحصار المفروض عليه براً وبحراً وجواً؟ ويقول إنه افتقد لقواعد الاشتباك ولزمام المبادرة، ولم يعد أمامه سوى الانخراط في مشروع الدولة. ويؤكد بأن الحزب يتعاون ميدانياً مع الجيش بخلاف إصرار قيادته على رفع سقوفها السياسية في محاكاتها لحاضنتها الشعبية.

ويؤكد المصدر بأن لبنان الرسمي ماضٍ بتطبيق حصرية السلاح، وأن قيادة الجيش تستكمل الخطة وهي بحاجة لمزيد من الوقت لتأمين المعدات التي من دونها لا يمكنها السيطرة على المنشآت العسكرية للحزب وأنفاقه الواقعة في الجبال ويصعب على الوحدات العسكرية الوصول إليها ما لم تتزود بما تحتاج إليه، وهذا ما يدعو إلى الإسراع بعقد مؤتمر دولي وعربي لتوفير احتياجاتها من معدات متطورة تسمح لها بالوصول إليها، خصوصاً أنه لا يمكن التخلص منها بكبسة زر بعد أن أمضى الحزب أكثر من أربعة عقود في استحداثها في مناطق جبلية وأودية وعرة.

حصرية السلاح

ولم يستبعد تمديد الفترة الزمنية لتطبيق حصرية السلاح، سيما أن ما تحقّق في جنوب الليطاني لا يستهان به بالتلازم مع احتواء السلاح غير الشرعي ومنع حمله واستخدامه، إضافة إلى جمع السلاح الفلسطيني، وبالأخص من الفصائل المنتمية إلى محور الممانعة سابقاً وعلى رأسها حركة «حماس»؛ لأنه لم يعد من مبرر للاحتفاظ به بعد موافقتها على خطة ترمب.

ويتوقف أمام عدم اعتراض إيران على الخطة، ويقول إنها تراهن على عامل الوقت لإعادة الاعتبار لاستئناف مفاوضاتها مع الولايات المتحدة، وهذا ما ينعكس إيجاباً على «حزب الله» لجهة تعاونه مع الجيش لبسط سلطة الدولة.

ورغم أن المصدر لا يملك الإجابة عن إمكانية تمدد خطة ترمب نحو لبنان، فإن مصادر وزارية تؤكد لـ«الشرق الأوسط» بأن الحكومة ماضية بتطبيق حصرية السلاح، وهي تنفذها على مراحل، وأن انعكاس السلام الغزاوي على جنوب لبنان يبقى بيد واشنطن بالضغط على إسرائيل للانسحاب منه.

وتلفت المصادر الوزارية إلى أن الحوار القائم بين رئيس الجمهورية العماد جوزيف عون وبين رئيس كتلة «الوفاء للمقاومة» النائب محمد رعد، بتشجيع من رئيس المجلس النيابي نبيه بري، سيدخل مرحلة جديدة غير تلك التي كانت قائمة قبل سريان مفعول إنهاء الحرب في غزة؛ لما لها من تداعيات على الداخل اللبناني. وتؤكد بأن مواصلته تتلازم مع مضي قيادة الجيش بتطبيق خطة حصرية السلاح على مراحل، وبالتالي فإن لبنان على التزامه بإنجاز المطلوب منه ويبقى على إسرائيل أن تتجاوب تحت ضغط واشنطن.

وإلى أن يتأكد لبنان ما إذا كان مشمولاً بالخطة الغزاوية، فإن المصدر الدبلوماسي يجزم بأن نزع السلاح الميليشياوي من الشرق الأوسط بدأ من غزة وسيتمدد إلى لبنان، وإن كان لا يستبعد استمرار إسرائيل بتوجيه ضرباتها إلى «حزب الله» من دون أن تقدِم على توسيع حربها لافتقادها للغطاء الأميركي، وأن واشنطن لا تعارض الضغط على الحزب للإسراع بتطبيق حصرية السلاح في إطار إطباق الحصار على الحزب.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa