وزارة الصحة أمام امتحان الثقة بعد تقرير تلوّث مياه تنورين

17/10/2025 07:27AM

كتب مايز عبيد في نداء الوطن: 

بناءً على اللغط الحاصل حول تلوث "مياه تنورين"، والتقرير الصادر عن وزارة الصحة بهذا الشأن، يجد اللبنانيون أنفسهم مجددًا أمام هاجسٍ قديم متجدد يتعلّق بسلامة المياه التي يشربونها.

فالقضية، وإن بدت محصورة بشركة معينة، إلا أنها تفتح الباب واسعًا أمام تساؤلات عن مدى مراقبة الدولة لمصادر المياه في مختلف المناطق اللبنانية. إن صدور تقرير رسمي عن وزارة الصحة يؤكد أو يثير الشبهات حول التلوث، لا يعفي الوزارة من مسؤولياتها، بل على العكس يزيد هذه المسؤوليات تعاظمًا، ويضعها أمام امتحان أكبر بكثير من مجرد إعلان نتائج تحاليل. فالمطلوب اليوم أن تمارس الوزارة دورها الكامل في إجراء فحوصات شاملة ومنتظمة لكل مصادر المياه، وأن تُصارح الرأي العام بالنتائج بكل شفافية ومسؤولية.

ففي الشمال مثلًا، حيث تعمل أكثر من مئة شركة لتعبئة المياه وبيعها بعد تكريرها، بعضها مرخّص رسميًا والبعض الآخر يعمل من دون ترخيص أو رقابة فعلية، وينتج "غالونات" مياه بعضها لا يحمل أي اسم، وهي موجودة في الكثير من محلات السوبر ماركت بطبيعة الحال. ومع غياب المتابعة الدورية من الجهات المختصة، يبقى المواطن عرضة لمخاطر صحية غير منظورة، خصوصًا في ظل الظروف الاقتصادية التي تدفع الناس إلى شراء المياه الأرخص دون معرفة مصدرها أو مدى سلامتها.

إلى جانب ذلك، يعتمد كثير من الأهالي في الشمال على الآبار الارتوازية لتأمين حاجاتهم من المياه، فيما تُظهر المعاينات الميدانية أن العديد من هذه الآبار ملوّث بسبب تسرّب الملوثات من الأنهر والمياه الجوفية التي تغذيها، كما هي الحال في بعض مناطق عكّار. وهذه المياه تستعمل أيضًا للمستلزمات المنزلية اليومية من خلال الصهاريج، وهذه المشكلة لا تقلّ خطورة عن تلوث مياه الشبكات العامة، وتستدعي متابعة دقيقة وإجراءات صارمة من قبل وزارة الصحة وسائر الإدارات المعنية.

ولا يمكن لوزارة أن تكتفي بإعطاء نتائج فحص مياه لشركة وتطلب منها التوقف عن العمل، ثم تنسى أن عليها دورًا أساسيًا لم تلعبه بعد في حفظ سلامة المياه التي يشربها الناس. كما أن على وزارات أخرى، مثل وزارة الطاقة والمياه ووزارة الزراعة، أن تضطلع بمسؤولياتها في مراقبة المياه التي تُروى بها المزروعات، وأن تضع هذه الوزارات، كونها المعنية بالأمر مباشرة، خطةً مستدامة لتأمين المياه بالدرجة الأولى، ثم تحسين جودتها ورفع كل أشكال الملوثات عنها.

صحة الناس ليست تفصيلًا ولا يمكن التعامل معها بخفة. وإذا كان ثمة خطر على أي مصدر من مصادر المياه، فإن الدور الأول والمسؤولية الأولى تقع على الدولة التي يفترض أن تضمن الحق الأساسي لكل مواطن في مياهٍ نظيفةٍ وآمنة. فالماء ليس سلعة، بل حياة، ولا حياة بلا رقابة ولا مساءلة. 


المصدر : نداء الوطن

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa