الفرصة الأخيرة للبنان: بين نزع السلاح واستعادة الدولة

21/10/2025 03:21PM

بعد عامٍ من التصعيد والدمار، بدأ أنصار" حزب الله" يفقدون زخمهم، وبدأت الأصوات داخل بيئته تطرح أسئلة لم يكن مسموحاً طرحها من قبل. لم تعد “جبهة التحرير الوطني” قادرة على تلبية احتياجات مجتمعها، فالناس اليوم يبحثون عن كهرباء، فرص عمل، وأمان اقتصادي لا عن شعارات المقاومة الفارغة. باتت الوعود بالمجد والممانعة عبئاً ثقيلاً على حياة المواطنين الذين يدفعون ثمن حروبٍ لا تخصّهم.

هذا هو السؤال الحقيقي الذي على اللبنانيين جميعاً، وخاصة من هم داخل بيئة الحزب، أن يجيبوا عنه بصدق. 

فالمقاومة التي وُلدت لتحرير الجنوب، تحوّلت إلى منظومة تُمسك بخناق الدولة وتمنع قيامها. إنها مقاومة ضد التغيير، ضد الدولة وضد الشعب الذي يُفترض أنها تحميه. فما نفع القوة عندما يعيش المواطن بلا كهرباء، بلا دواء وبلا دولة؟

اليوم، تقع على عاتق الرؤساء الثلاثة رئيس الجمهورية، رئيس الحكومة ورئيس مجلس النواب مسؤولية تاريخية لإثبات أن لديهم نفوذاً داخلياً ودولياً يمكن أن يُعيد لبنان إلى طاولة التفاوض من اجل مستقبل أفضل.

إنها لحظة الحقيقة، إما أن يستعيدوا زمام المبادرة ويقودوا البلاد نحو حل جذري عبر نزع سلاح الميليشيات، أو أن يبقوا شهود زور على انهيار الدولة.

فالرئيس نبيه بري يمتلك فرصة نادرة لترك بصمته في التاريخ، ليس كسياسي لبناني فحسب، بل كشخصية قادرة على التأثير في مسار لبنان دوليا . فبدلاً من إدارة الأزمات أو تغطية الحزب، يمكنه أن يكون الجسر الذي يربط بين الداخل والخارج، وبالتالي بين لبنان والمجتمع الدولي، كذلك بين الجنوب والدولة.

إن تردده اليوم يعني ضياع فرصة قد لا تتكرر، فإذا فشل لبنان في الاستمرار بعملية نزع السلاح، فسيجد نفسه معزولاً عن العالم سياسيًا واقتصاديًا. منا يعني ان لا استثمارات خارجية ولا مساعدات دولية ،لان المجتمع الدولي لا يمكنه دعم دولة يسيطر عليها تنظيم مسلح خارج عن الشرعية.

لذلك إما أن يعود لبنان إلى المسار الصحيح اي ان يكون ضمن دولة القانون والاعتدال أو ان يختار البقاء في محور الخراب مع غزة واليمن.

علما انه من أخطر مظاهر  "حزب الله" هو ما يقوم به من توغل باستخدامه لمنازل المدنيين لإخفاء الأسلحة والمعدات العسكرية. فهذا السلوك لا يهدد فقط حياة السكان، بل يجعلهم دروعًا بشرية لأي ردّ إسرائيلي. 

من هنا فانه وفي عملية نزع السلاح المقبلة، لا يمكن للجيش اللبناني تجاهل هذا الملف.

فمن يخبّئ قذيفة تحت سرير أطفاله لا يمكن اعتباره مقاومًا، بل مجرمًا بحق شعبه.

كما ان رسالة إسرائيل واضحة وذلك من خلال التدريبات الإسرائيلية عبر الحدود، وهي بطبيعة الحال ليست مجرد استعراض عسكري، بل إنذار علني، بانه إذا لم تبادر الحكومة اللبنانية إلى نزع سلاح "حزب الله"، فستقوم إسرائيل نفسها بالمهمة ، والنتيجة بطبيعة الحال ستكون كارثية على لبنان ومواطنيه.

وما يمكن للحكومة أن تفعله اليوم بالتفاوض، ستفعله إسرائيل غداً بالنار وسيدفع الشعب اللبناني فاتورة هذه الحرب.

كما ان الواقع الإقليمي يتبدّل بسرعة ، والإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب، ومعها إسرائيل، لن تنتظر حكومة لبنانية مترددة أو عاجزة، فنزع السلاح لن يكون محصوراً في جنوب الليطاني فقط، بل مشروعاً كاملاً لإنهاء التهديد من جذوره.

ومن لا يفهم هذا التحول، سيجد نفسه خارج الزمن السياسي الجديد الذي يُرسم للمنطقة.

وفي المحصلة،  فإن لبنان اليوم أمام مفترق مصيري، إما أن يختار طريق الدولة والسيادة، أو أن يظل رهينة في يد ميليشيا تجرّه إلى عزلة وانهيار دائم.

هذه اللحظة لا تتكرر.

إما أن نكون دولة… أو لا نكون


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa