مصرف لبنان المركزي: رمز الروح الجديدة في الاقتصاد اللبناني

06:55PM

منذ تعيين حاكم مصرف لبنان كريم سعيد على رأس المصرف ، شهدت البلاد بداية مرحلة إصلاحية تُعيد الأمل بإمكانية استعادة الاستقرار المالي والنهوض الاقتصادي. فقد أطلق الحاكم سلسلة من القرارات الجوهرية لإعادة بناء الثقة وتنظيف البيئة المالية والاقتصادية من التشوّهات التي راكمتها سنوات الفوضى والفساد.

فهو اولا إعاد ربط لبنان بالمجتمع المالي الدولي من خلال استئناف الحوار البنّاء مع صندوق النقد الدولي اذ شكّل ذلك ركيزة أساسية لخطّة التعافي، خصوصًا أن الاتفاق مع صندوق النقد الدولي يعد البوابة لإطلاق المساعدات الدولية وإعادة تحريك العجلة الاقتصادية. 

وفي هذا الإطار، حرص حاكم المصرف على توحيد الموقف اللبناني بالتنسيق مع الحكومة، وتقديم رؤية إصلاحية واضحة وقابلة للتنفيذ.

كما قام بضبط النظام المالي ومكافحة الاقتصاد الموازي، من خلال أصدار المصرف  التعميم رقم 170 الذي وضع حدًا للتعاملات المالية مع الكيانات غير المرخصة، وفي مقدمتها مؤسسات تعمل خارج الإطار القانوني مثل “القرض الحسن”.

كذلك من خلال مطالبة وزارة الداخلية بالتحقيق في أسباب وطرق عمل هذه المؤسسات غير الشرعية التي لطالما استفادت من غياب الرقابة وتحوّلت إلى جزء من منظومة غسل الأموال وتمويل الإرهاب.

مما يؤكد على ان هذه الإجراءات تضع لبنان على الطريق الصحيح نحو تعزيز الشفافية المالية، وهو مطلب دولي أساسي لرفع اسم لبنان من اللائحة الرمادية التابعة لمجموعة العمل المالي (FATF).

اضافة الى كل ذلك فان مصرف لبنان قام بإصلاحات هيكلية لاستعادة ثقة المواطنين بالنظام المالي بعد سنوات من الانهيار من خلال إعادة تنظيم القطاع المصرفي وفرض ضوابط أكثر صرامة.

باعتبار ان النظام المصرفي السليم هو العمود الفقري لأي عملية نهوض اقتصادي.

كذلك قيامه بشراكة استراتيجية مع شركة K2 الدولية من خلال وضع اتفاقية مع شركة الاستشارات العالمية، مما يعتبر خطوة نوعية في المعالجة الجذرية لمشكلات الاقتصاد اللبناني، 

فالمطلوب من الشركة الاستشارية رسم خريطة المخاطر في الاقتصاد اللبناني، وفضح الثغرات في الرقابة والتنظيم، حصر الكيانات غير القانونية وإضعاف نفوذها، والعمل على تقديم توصيات تشغيلية سريعة وواقعية.

وهي عملية أساسية لاستعادة ثقة المستثمرين الدوليين وتحسين تصنيف لبنان المالي.

ولكن كل ذلك يحتاج الى إجراءات مكمّلة من الحكومة اذ ان المصرف لم يعمل وحده. فقد اتخذت الحكومة خطوات داعمة لعمله أبرزها:

اصدار وزير العدل عادل نصار تعميما يمنع تقديم الخدمات القانونية للكيانات الخاضعة للعقوبات.

وقد تم تسجيل أولى النتائج العملية بشكل واضح من خلال تعليق حساب التبرعات لجمعية “وتعاونوا ” المرتبطة بحزب الله من قبل شركة Wish Money لتحويل الأموال.

من هنا،  فان كل الخطوات المتخذة تشكل فرصة حقيقية للمواطنين اللبنانيين لعودة الثقة الدولية ببلدهم ولجذب الاستثمارات اليه ولعودة التمويل الخارجي، كذلك لتثبيت سعر صرف مستقر وأكثر توازنًا ولإعادة دورة الحياة الاقتصادية داخل البلاد.

لذلك فان الدعم الدولي موجود… لكن الشرط واضح وهو منع الاقتصاد الموازي وإنهاء التدخل غير الشرعي في المنظومة المالية.

ولكن اللافت انه في الوقت الذي تعمل فيه المؤسسات الشرعية لإخراج لبنان من أزمته، يستمر "حزب الله "في مهاجمة الدولة والمسؤولين الذين يسعون لإنقاذ الاقتصاد.

مما يعني ان هذا الهجوم ليس سياسياً فقط، بل هو ضربة مباشرة لكل لبناني يحلم بوطن يستعيد مكانته وازدهاره.

فإما أن ينتصر منطق الدولة والشرعية والاقتصاد السليم،وإما سيبقى لبنان رهينة لعزلة مالية واقتصادية قاتلة.

في المحصلة، فان لبنان يقف  اليوم أمام مفترق مصيري، فالخطوات التي يقودها حاكم مصرف لبنان ووزير العدل ليست مجرد قرارات تقنية…

إنها مسار إنقاذ وطني.

لرفع اسم لبنان من اللائحة الرمادية وإتمام الاتفاق مع صندوق النقد الدولي لاستعادة الثقة

وإطلاق ورشة تعافٍ شاملة.

فجميع هذه الخطوات تبقى رهينة بقدرة الدولة على فرض القانون ووقف العبث الاقتصادي الذي تقوده مجموعات خارج الشرعية.

اليوم، لبنان أمام خيار واحد لا بديل عنه، 

العودة إلى حضن الدولة والاقتصاد العالمي… أو الانهيار الكامل.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa