سوريا: التحديات في شمال شرق البلاد مستمرة، والاحتياجات الإنسانية في تزايد

10:43AM

أمستردام/ الحسكة، لا يزال السكان في شمال شرق سوريا يعانون للحصول على الرعاية الصحية والمياه والغذاء، وفقًا لتقييم أجرته منظمة أطباء بلا حدود في وقت سابق من هذا العام في محافظة الحسكة. تحدث فريق أطباء بلا حدود مع أكثر من 150 أسرة من سكان المنطقة والأشخاص النازحين.

أكّد تقييم المنظمة الذي أُجري في يونيو/حزيران أن السكان يواجهون عوائق شديدة في الوصول إلى الخدمات الأساسية. من بين المشاركين في التقييم، أفاد 90 بالمئة أنهم أجلوا أو تجنبوا الحصول على الرعاية الصحية بسبب التكاليف الباهظة للاستشارات والأدوية، ونقص المرافق القريبة أو العاملة، وعبء النقل.

تخبرنا خولة*، إحدى سكان الحسكة، "لم نتمكن من تأمين الدواء لمرض والدي المزمن لأكثر من أربعة أشهر. ساءت حالته وتعقدت، وتطلبت في النهاية تدخلًا جراحيًا عاجلاً. فعلنا كل ما بوسعنا لتأمين المال للعملية، لكننا تأخرنا كثيرًا. وتوفي والدي".

أفادت 85 بالمئة من الأسر أنهم أو أحد أفراد عائلتهم يعانون من مرض واحد على الأقل من الأمراض غير السارية.

ولمواجهة هذه التحديات، تعمل أطباء بلا حدود بالتعاون مع السلطات الصحية المحلية لدعم العيادات المصممة خصيصًا لعلاج الأمراض غير السارية في محافظتي الحسكة والرقة.

شح المياه

في شمال شرق سوريا، تفاقم شح المياه المنتشر – والناجم عن تغير المناخ، واستخدام موارد المياه كسلاح، وفترات الجفاف الطويلة، والاستخراج المفرط للمياه الجوفية – بسبب الأضرار المتكررة التي لحقت بالبنية التحتية للمياه، بما في ذلك محطتي مياه علوك وتشرين.

منذ عام 2019، أدت الانقطاعات المتكررة في محطة علوك، وهي المصدر الرئيسي للمياه الصالحة للشرب لنحو مليون شخص، إلى إجبار الأسر على الاعتماد على مصادر مياه غير آمنة وغير خاضعة للتنظيم. أشارت نتائج التقييم إلى أن 37 بالمئة فقط من الأسر يمكنها الحصول باستمرار على مياه كافية لتلبية احتياجات النظافة الأساسية والمنزلية.

يقول خالد*، وهو شاب يبلغ من العمر 26 عامًا نزح إلى الحسكة خلال سنوات النزاع، "نستحم مرة واحدة كل خمسة أيام الآن. علينا أن نختار بين النظافة أو الارتواء".

يسلط التقييم الضوء على أن انعدام الأمن المائي يؤثر بشكل غير متناسب على النساء، اللاتي يتحملن المسؤولية الأساسية عن تأمين المياه للعائلة، وغالبًا ما يمشين مسافات طويلة، ويواجهن الإرهاق الجسدي والتحرش والاستغلال.

تقول فاطمة*، وهي امرأة تبلغ من العمر 27 عامًا من الحسكة، "كنت أجمع حصة عائلتي من المياه من خزان المياه المشترك. أصر الرجل المسؤول عن التوزيع على أن أدخل حتى يتمكن من "مساعدتي". وعندما اقترب، لمسني بشكل غير لائق. كنت مصدومة لدرجة أنني غادرت من دون أن آخذ الماء، ومنذ ذلك الحين، لم أعد أذهب بمفردي".

أفادت النساء أن بعض البائعين عرضوا عليهن الماء مقابل الجنس، وهو أمر غير مقبول ويسلط الضوء على تقاطع الحاجة والنوع الاجتماعي والبقاء على قيد الحياة.

أما مؤخرًا، فقد أعدت فرق أطباء بلا حدود تأهيل 12 بئرًا في الحسكة ودعمت إعادة تأهيل محطتي مياه (العزيزية والحمة) استعدادًا لأي تشغيل محتمل لمحطة علوك ولضمان وصول السكان إلى المياه الصالحة للشرب.

الهشاشة الاقتصادية وانعدام الأمن الغذائي

الهشاشة الاقتصادية منتشرة على نطاق واسع، حيث يبلغ متوسط دخل الأسرة الشهري 150 دولارًا أمريكيًا، ويتراوح ما بين 15 دولارًا أمريكيًا كحد أدنى و200 دولار أمريكي. كثيرًا ما أصبح الغذاء بعيد المنال للأسر ذات الدخل المنخفض، حيث أفادت 77 بالمئة من الأسر التي شملها التقييم عن نقص الغذاء عدة مرات في الشهر.

وفي هذا الصدد، تقول مديرة برامج منظمة أطباء بلا حدود في شمال شرق سوريا، باربرا هيسيل، "لا تقتصر الأزمة في شمال شرق سوريا على النزاع فقط، فهي مرتبطة بالتآكل اليومي لقدرة الناس على النجاة بكرامة. تؤكد هذه الأرقام على تدهور الوضع الإنساني".

خديجة هي أم لأربعة أطفال، وقد شاركتنا معاناتها قائلة، "بصفتي كأم، أعتبر أطفالي أهم جزء في حياتي؛ فغالبًا ما أفوّت وجبات الطعام كي يحصلوا على ما يكفي ليأكلوه. ومع ذلك، فإننا نعاني لتزويدهم بالتغذية السليمة التي يحتاجونها. يكسرني أن أراهم يطلبون طعامًا لا أستطيع دائمًا تقديمه. أشعر باليأس".

وفيما تعتمد معظم الأسر على الأسواق المحلية للحصول على طعامها، فإن قدرتها الشرائية غير كافية لتلبية حتى أبسط الاحتياجات الغذائية الأساسية.

في الرقة، تدير فرقنا وحدات تغذية للمرضى المقيمين ومرضى العيادات الخارجية لتوفير الرعاية للأطفال الذين يعانون من سوء التغذية.

عوائق العودة

بالإضافة إلى هذه التحديات، أفاد العديد من النازحين الذين ثابلناهم في الحسكة أنهم غير قادرين على العودة إلى ديارهم بسبب المخاوف الأمنية المستمرة، والنقص في المأوى، وغياب الدعم الإنساني للعائدين.

تخبرنا آلاء*، وهي امرأة نازحة من رأس العين/سري كانيه، "حتى لو كنا راغبين في العودة، فلا يوجد شيء نعود إليه، فما من مساعدات أو مأوى أو دعم. وفي غياب المساعدة، فالعودة ليست صعبة فحسب، بل إنها مستحيلة".

أطباء بلا حدود تدعو إلى التحرك

تحث منظمة أطباء بلا حدود المانحين والوكالات الإنسانية والسلطات على زيادة التمويل والتنسيق لمنع المزيد من تدهور الخدمات الأساسية. على جميع أطراف النزاع المستمر حماية البنية التحتية المدنية، بما في ذلك محطات المياه، وفقًا للقانون الدولي الإنساني.

تضيف هيسيل، "يُجبر الناس على اتخاذ خيارات مستحيلة، بين شراء الطعام أو الدواء أو الماء. ومن دون استثمار فوري وإرادة سياسية، سيستمر الآلاف في مواجهة معاناة يمكن تفاديها".

ملاحظات للمحررين: تعمل منظمة أطباء بلا حدود في شمال شرق سوريا منذ أكثر من عقد، حيث تقدم برامج الرعاية الصحية والتغذية والمياه في الحسكة والرقة ومخيم الهول.

*غُيّرت الأسماء بناءً على طلب الأشخاص الذين قابلناهم لحماية خصوصيتهم.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa