توقّعت تقارير أن تُحيي إسرائيل ولبنان، بعد ثلاثة أسابيع، مرور عام على توقيع اتفاق وقف إطلاق النار بين الحكومة الإسرائيلية و"حزب الله"، وسط تحذيرات من انهياره الوشيك. وذكرت صحيفة "هآرتس" أن الاتفاق قد ينهار خلال أيام، بل يرى بعض المراقبين أنه بات فعليًا "حبرًا على ورق".

وجاء الاتفاق بوساطة أميركية وفرنسية بعد 14 شهرًا من القتال. وخلال الأشهر الإحدى عشرة الأولى بعد السابع من تشرين الأول، نجح "حزب الله" في إنهاك إسرائيل ودفعها إلى تخصيص موارد كبيرة لجبهتها الشمالية، ما أطال أمد حرب غزة. لكن ابتداءً من أيلول 2024، وبعد تنفيذ إسرائيل "عملية البيجر" واغتيال قيادات بارزة في الحزب، وجد الأخير نفسه في موقف دفاعي.

ورغم الضربات، واصل الحزب القتال لشهرين إضافيين مفاجئًا إسرائيل باستخدام المسيّرات الهجومية؛ إذ وصلت إحداها إلى قاعدة عسكرية تبعد نحو 80 كلم عن الحدود، وأصابت أخرى بعد أيام منزل عائلة نتنياهو في شمال وسط البلاد. غير أن هذه النجاحات التكتيكية لم تُخفِ ضعفه الاستراتيجي؛ ففي نهاية تشرين الثاني وقّع الحزب اتفاق وقف نار منفصلًا مع إسرائيل رغم استمرار حرب غزة، في خطوة اعتبرها سياسيون إسرائيليون "رضوخًا للبقاء".

داخل المؤسستين العسكرية والاستخباراتية في إسرائيل ساد تقييم أكثر تعقيدًا وتحذير من أن الحزب سيسعى لإعادة بناء قدراته. وخلال العام الماضي، انخرط الطرفان في "لعبة القط والفأر": "حزب الله" يُعيد تأهيل مسارات التهريب ويجنّد مقاتلين وخبراء جدد ويتعلّم من اختراقات اتصالاته، فيما تواصل إسرائيل قصف أهداف جنوبية لإعاقة إعادة البناء.

وبحسب التفاهمات، كان من المفترض أن تتولّى الحكومة اللبنانية والجيش، بدعم من واشنطن وحكومات عربية، مسؤولية نزع سلاح "حزب الله" وإبعاده شمال نهر الليطاني. لكن بعد نحو عام، تبدو قدرة الدولة اللبنانية على معالجة الملف شبه معدومة، ما يرفع احتمال انزلاق الهجمات الإسرائيلية في الأسابيع المقبلة إلى مواجهة شاملة قد يفضّل فيها الحزب الحرب على نزع السلاح.

ورغم انخراط إدارة ترامب وحكومات عربية في مساعٍ دبلوماسية لتفادي التصعيد، يبقى تغيّر ميزان القوى بين "حزب الله" والدولة اللبنانية شرطًا حاسمًا لأي مخرج. وبينما تبدو حرب غزة في نهاياتها، تعود حرب لبنان إلى واجهة المشهد من جديد.