عون من مؤتمر بيروت1: لبنان لا يطلب تعاطفًا بل ثقة وهو يقدم فرصة

أكد رئيس الجمهورية جوزاف عون، في كلمته خلال افتتاح مؤتمر "بيروت 1" في بيروت، أن الحدث يشكل بداية فصل جديد من نهضة لبنان، قائلاً إن المؤتمر "أردناه أكثر من مؤتمر اقتصادي، أردناه بداية فصل جديد عنوانه الثقة والشراكة والفرص بين الدولة ومواطنيها ومع شركائنا في الداخل والخارج".

وأشار عون إلى أن لبنان بدأ بالفعل مسار إصلاحات حقيقية، موضحاً أنه تم إقرار قوانين أساسية تعزز الشفافية والمساءلة، وإطلاق خطوات جدية لإعادة بناء مؤسسات الدولة على أسس صلبة "تتقدم فيها الكفاءة على المحسوبيات ويعلو فيها القانون على الاستنساب". وأكد العمل على تفعيل هيئات الرقابة والمحاسبة، معتبراً أن "الدولة التي تحاسب مسؤوليها وتحمي مواردها هي الدولة القادرة على حماية المستثمر والمواطن معاً".

وشدد رئيس الجمهورية على إعادة تأكيد انفتاح لبنان على محيطه العربي والدولي، مؤكداً أن على البلاد استعادة دورها الطبيعي "لاعباً اقتصادياً وثقافياً في المنطقة، وجسراً بين الشرق والغرب، ومنصة للتعامل والتعاون بين الشركات والمستثمرين والمؤسسات الإنمائية"، لافتاً إلى أن هذا الانفتاح "ليس شعاراً بل توجهاً فعلياً نحو شراكات جديدة وتعزيز مكانة لبنان على خريطة الأعمال الإقليمية والدولية".

وفي موازاة المسار الاقتصادي، أكد عون استمرار العمل على تثبيت الأمن الداخلي، موضحاً أن المستثمر الذي يأتي إلى لبنان يجب أن يطمئن إلى أن حمايته "ليست خاضعة لمزاج السياسة بل راسخة بثبات القانون"، مشدداً على أن "الأمن الذي نريده ليس أمن تهدئة مؤقتة بل أمن استقرار مستدام". واعترف بصعوبة الإصلاحات قائلاً إنها "تواجه مقاومة داخل النظام نفسه، لأن التغيير الحقيقي يمسّ مصالح مترسخة، لكننا مستمرون".

وأوضح رئيس الجمهورية أن الرؤية التي تحملها الدولة تقوم على شراكة متوازنة بين القطاعين العام والخاص، إذ "لا يمكن للقطاع العام وحده ولا للقطاع الخاص وحده أن يصنعا النمو الحقيقي". واعتبر أن دور الدولة هو "التمكين ووضع الأطر وضمان النزاهة والمنافسة، وفتح المجال أمام القطاع الخاص لقيادة التنفيذ وخلق فرص العمل ودفع الابتكار وتحريك الاقتصاد".

وعرض عون ملامح الرؤية الوطنية الاقتصادية الجديدة للبنان، التي أطلقها وزير الاقتصاد الدكتور عامر بساط بالتعاون مع المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي ورئيسه شارل عربيد، وبالتنسيق الكامل مع الحكومة، واصفاً إياها بأنها "رؤية واقعية قابلة للتنفيذ، تستند إلى أرقام وخطط وتوقيتات واضحة"، وتهدف إلى تحويل لبنان إلى "منصة استثمارية منفتحة وطموحة تجمع بين الموقع الجغرافي الاستراتيجي والطاقات البشرية المميزة والفرص الواسعة في قطاعات متعددة".

ومن على منبر المؤتمر، وجّه عون نداءً إلى "كل صديق للبنان، وكل مستثمر، وكل شريك محتمل"، قائلاً إن لبنان "لا يطلب تعاطفاً بل ثقة، ولا ينتظر صدقة بل يقدّم فرصة"، معتبراً أن وجود الحاضرين في المؤتمر "استثمار في الاستقرار وفي الطاقات الشابة وفي مستقبل سيكون أفضل إذا سرنا فيه معاً".

ووجّه رئيس الجمهورية شكره إلى جميع الوفود الأجنبية المشاركة من الدول الشقيقة والصديقة، مرحباً بشكل خاص بالوفد السعودي "المشارك للمرة الأولى في مناسبة لبنانية على هذا المستوى منذ مدة كانت كافية لتشتاق بيروت إليهم ويشتاقوا إليها". كما رحّب بالسفير الأميركي الجديد ميشال عيسى، معتبراً أن اختياره ووجوده في المؤتمر "لفتة معبرة جداً من الرئيس دونالد ترامب حيال لبنان"، مجدداً شكر لبنان للإدارة الأميركية على ما تقدمه من دعم، والتطلع إلى مزيد من التعاون على مختلف المستويات.

وختم عون بالتأكيد أن "بيروت 1 هي خطوة أولى لتعود بيروت أولى ولبنان أولاً"، مجدداً الشعار: "عشتم، عاش لبنان سيداً قوياً ومزدهراً".