بعد كل التدابير… حزب الله ما زال مخترقاً من إسرائيل

23/11/2025 06:06PM



منذ وقف الحرب بين لبنان وإسرائيل وتثبيت الاتفاق الذي أنهى المواجهة الأخيرة، سعى حزب الله إلى إعادة ترتيب صفوفه وتشديد قبضته الأمنية على قياداته، معتقداً أنّ تغيير مسارات الحركة، واعتماد قنوات تواصل أكثر صرامة، وإخفاء مواقع المسؤولين، يمكن أن يوفر له حصانة تمنع أي اختراق. غير أنّ الوقائع التي تكشفت خلال الفترة الماضية أثبتت أن كل هذه التدابير لم تغيّر شيئاً في عمق المشهد، وأن الحزب ما زال مخترقاً من إسرائيل اختراقاً مباشراً ودقيقاً يصل إلى مركز عمله الأمني والعسكري.


فالاستهدافات التي طالت كوادر وقيادات بارزة بعد الاتفاق أظهرت أن إسرائيل ما تزال على اطلاع كامل على حركة الحزب الداخلية، وتعرف بدقة أين يتواجد القادة وكيف يتحركون ومتى يكونون مكشوفين. وهذا النوع من المعلومات لا يأتي من ثغرة بسيطة أو خطأ عفوي، بل من اختراق ثابت ومستمر يؤكد أن الحزب، مهما حاول التمويه والتشدد والسرية، لا يملك القدرة على حماية نفسه من الداخل.


وتتحمل قيادة الحزب وحدها مسؤولية هذا الانكشاف. فالحزب، بخطابه التصعيدي وإصراره على إعادة بناء قدراته العسكرية بعد الحرب، قدّم لإسرائيل الذريعة والظرف والفرصة. فعندما يفاخر علناً باستعادة “قوته”، ويستعرض ما يسميه “الجاهزية”، ويؤكد أنه سيعود إلى بناء جبهة عسكرية غير خاضعة للدولة، فهو عملياً يفتح الباب أمام الردّ الإسرائيلي، بل ويمنحها المبرر السياسي والأمني لاستهدافه من جديد. وكل عملية اغتيال أو ضربة تأتي اليوم، تأتي نتيجة مباشرة لقراراته هو، ولخيار الاستمرار في السلاح خارج الدولة، ولرفضه تسليم القرار العسكري إلى المؤسسات الشرعية.


ولا يمكن للحزب أن يشتكي من الاختراق فيما هو يتمسك ببنية عسكرية لا يمكن لأي جهاز أمني غير شرعي أن يحميها. ولا يمكنه أن يتحدث عن “ردع” أو “قدرة” بينما قياداته الأساسية تُستهدف داخل مناطق يفترض أنها محصّنة. ولا يمكنه أن يحمّل الآخرين مسؤولية التصعيد، بينما الخطاب الذي يعتمده، والمواقف التي يطلقها، والسياسات التي يتخذها ، من إعادة تخزين السلاح إلى تدريب الوحدات إلى العمل خارج سلطة الدولة، كلها تشكل عوامل تفجير تدفع المنطقة نحو مواجهة جديدة.


وبالنتيجة، فإن الحزب لا يعاني من اختراق أمني فقط، بل من أزمة خيارات. فهو يصرّ على بناء قوة عسكرية تقول الوقائع إنّها غير قابلة للحماية، ويستمر في مسار تصعيدي يتناقض مع مصالح لبنان واستقراره، ويرفض تسليم السلاح رغم أنه الطريق الوحيد لحماية لبنان، وحماية قياداته نفسها، وإغلاق أبواب التصعيد.


إنّ حزب الله، بعد كل ما فعله منذ وقف الحرب، لا يزال مكشوفاً أمام إسرائيل، وسيبقى كذلك ما دام يرفض تسليم سلاحه ويواصل بناء قوة عسكرية خارج الدولة. وكل عملية اغتيال أو تصعيد أو ضربة مقبلة، هي أولاً وآخراً نتيجة مباشرة لسياساته وخطابه وتمسّكه بسلاح أثبتت التجربة أنه لم يعد يحميه، بل أصبح مصدر الخطر الأكبر عليه ‏hi

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa