05:40PM
تكشف نتائج استطلاع غالوب الأخير تحولًا لافتًا في المزاج اللبناني حيال قضية السلاح ودور الدولة، إذ يظهر أن معظم المواطنين يريدون حصر القوة المسلحة بالمؤسسة الرسمية وحدها، أي بالجيش اللبناني Lebanese Armed Forces، باعتباره الجهة الوحيدة القادرة على حفظ الأمن ومنع انزلاق البلاد إلى صراعات جديدة. هذه الأرقام تأتي في لحظة دقيقة يتراجع فيها الاقتصاد ويتصاعد الاحتقان الإقليمي، ما يجعل النقاش حول السلاح غير الشرعي أكثر حساسية من أي وقت مضى.
بحسب الاستطلاع، يعتقد 79% من اللبنانيين أن السلاح يجب أن يكون حكرًا على الدولة، وهو موقف يجمع شرائح واسعة من المجتمع، من المسيحيين إلى السنة والدروز، بينما تظهر فجوة واضحة لدى المواطنين من الطائفة الشيعية الذين ينقسمون بين من يرى ضرورة احتكار الدولة للسلاح وبين من يعتقد أن الجماعات غير الحكومية يجب أن تبقى جزءًا من المعادلة الأمنية. هذه الفجوة ليست تفصيلًا بسيطًا، بل تعكس تاريخًا طويلًا من التداخل بين العمل السياسي والعمل العسكري، خصوصًا لدى تنظيم مثل Hezbollah Hezbollah الذي يعتبر نفسه جزءًا من منظومة “المقاومة”.
ورغم هذا الانقسام، يتفق اللبنانيون بغالبية ساحقة على الثقة بالمؤسسة العسكرية، إذ تصل نسبة الثقة إلى مستويات نادرًا ما تُسجّل في دولة منقسمة سياسيًا وطائفيًا. هذه الثقة المرتفعة بالجيش تعزز فكرة أن اللبنانيين يتطلعون إلى دولة قوية وقادرة، بعد عقود من انهيار المؤسسات ومنطق المربعات الأمنية. كما يعكس الاستطلاع رغبة واضحة في البقاء خارج أي مواجهة عسكرية مع إسرائيل، إذ يرفض معظم اللبنانيين الدخول في حرب جديدة أو دعم أي فصيل مسلح خارج إطار الدولة، بما في ذلك الفصائل الفلسطينية، في رسالة مباشرة بأن الشارع اللبناني لم يعد يحتمل مغامرات عسكرية إضافية.
تأتي هذه النتائج في وقت أعلنت فيه الحكومة اللبنانية اعتماد خطة رسمية لـ “احتكار السلاح” عبر الجيش، خطوة تبدو منسجمة مع ما يطلبه المواطنون. لكن تطبيق هذه الخطة على الأرض سيصطدم بلا شك بعوامل سياسية وأمنية معقدة، في بلد ما تزال فيه قوى الأمر الواقع تمتلك نفوذًا وسلاحًا، وما يزال جزء من الشارع يعتبر السلاح غير الشرعي عنصر حماية وليس مجرد تحدٍّ لسلطة الدولة. وهنا تظهر معضلة لبنان الأساسية: شعب يريد دولة قوية وجيشًا موحدًا، ونظام سياسي متشابك يحمي منظومات مسلحة موازية.
إن المعنى الأعمق لنتائج غالوب هو أن اللبنانيين، رغم الخلافات، يجتمعون على رغبة واحدة: إنهاء عصر السلاح المنفلت والولاءات المتعددة، والعودة إلى دولة بسيطة واضحة، فيها قوة واحدة وسلطة واحدة وقرار واحد. هذه الرغبة لا تعني بالضرورة أن الطريق باتت ممهدة، لكنها تؤكد أن المجتمع سبق الطبقة السياسية بخطوات، وأن اللبناني العادي، الذي يدفع يوميًا ثمن الفوضى، بات يريد دولة تحميه لا دويلات توظّفه وقودًا لصراعاتها. وفي بلد ينهار اقتصاديًا ويتعب اجتماعيًا، قد يكون هذا التحول الشعبي هو الفرصة الأخيرة لإعادة بناء مفهوم السيادة ومعنى الأمن الوطني
شارك هذا الخبر
مياه لبنان الجنوبي تدعو المواطنين إلى ترشيد الاستهلاك
قطر: مفاوضات إنهاء حرب غزة تمر بمرحلة حرجة
الجيش ينفذ تدابير أمنية واسعة في الشراونة
سابقة في تاريخ الإعلام اللبناني: مقابلة مع السفير الإسرائيلي تكسر التابو
بالفيديو والصورة: البترون تضيء شجرة الميلاد
بالفيديو: غضب في إيران بعد ظهور نساء بدون حجاب في ماراثون
اللواء شقير يواصل لقاءاته في بغداد
القوات الروسية تعلن سيطرتها على بلدة جديدة في دونيتسك
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa