"لوبي" وراء حادثة كازخستان.. وما علاقة شركة "CCC"؟

تعنيف، ضرب، دماء، صراخ، شتائم وإذلال! هذا ليس وصفا لفيلم رعبٍ سينمائي، إنّما مشهدا من فيديوهات كثيرة انتشرت ليلة السبت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لعمّال عرب ومن بينهم لبنانيين، تعرّضوا لاعتداء وحشي في كازخستان، وقد اظهرت مقاطع الفيديو هذه هجوماً جماعياً عنيفاً على العمال العرب.

وذكرت المعلومات أن المهاجمين عمال كازاخستانيون غاضبون من صورة نشرها مهندس لبناني يدعى إيلي عبود، يظهر فيها وبيده جهاز لا سلكي وخلفه فتاة كازاخستانية، وبدا لاقط الإرسال الخاص بالجهاز في الصورة يغطّي فم الفتاة وراءه، ما اعُتبر إساءة بحقّها، وأثار حالة من الغضب انفجرت في مخیم شركة "المقاولون المتحدون CCC" في مدینة تینجیز.

الدولة اللبنانية، كعادتها، غير قادرة على حماية أبنائها لا في الداخل ولا في الخارج. فعشرات التغريدات طالبت الدولة بالتدخل، والأخيرة استجابت متأخرة لمطالبهم، فيما اقتصر تدخّلها على المطالبة بحلّ الإشكال وتطويقه، من دون مطالبة الدولة الكازخستانية بمحاسبة المرتكبين على فعلتهم، واستعادة حقّ اللبناني المغترب وصون كرامته.

فما قام به الكازاخستانيون، مُدان بكل المقاييس، وهو مؤشّر على مدى انتشار العنصرية، ورفض الآخر وإحياء لمنطق إذلال الغريب الذي يعيشه اللبناني في مناطق عدّة في العالم، وآخر حوادثه تجلّت في كازاخستان.

إنّما هي ليست قصّة رمّانة، بل "قصّة قلوب مليانة"، إذ ذكرت تقارير صحافية أن قضية الصورة كانت الشرارة، إلا أن غضب العمال الحقيقي ناجم عن مشاكل أبرزها عدم المساواة في الأجور، ومن جهة أخرى، اعتبر البعض أنّ  اللبنانيين المغتربين في كازاخستان يدفعون ثمن الاجراءات اللبنانية بحق السوريين في بلادهم، فإلى أي مدى ترتبط هذه الفرضيات بما حصل؟

مدير مركز الإرتكاز الإعلامي سالم زهران، علق على الحادثة عبر صفحاته الالكترونية قائلاً "من التبسيط الاعتقاد ان الاعتداء الوحشي والممنهج الذي تعرض له عمال عرب سببه فقط صورة مسيئة ومرفوضة نشرها احد المهندسين مع صبية كازخستانية. واذا أردت أن تعرف ماذا يحصل مع اللبنانيين والعرب في كازاخستان عليك النظر جيدا لما يحصل في أفريقيا من عمليات ممنهجة لطردهم. CCC شركة اتحاد المقاولين ليست مجرد شركة فهي تضم 130 الف وظيفة ومعظم عمالها عرب ولهم كل التضامن".

وفي هذا السياق، يوضّح زهران أنّ شركة اتحاد المقاولين CCC من أهم  شركات البناء والأشغال  أسّسها في الخمسينات  سعيد خوري، و حسيب الصباغ  في لبنان. ومع اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية انتقل مقرها الرئيسي  إلى أثينا وانتشرت أعمالها على مساحة كل الشرق الأوسط وشمال أفريقيا خاصة في مجال منشآت الغاز والبتروكيمائيات.

ويضيف زهران في حديثه لـ"السياسة": "شكلت CCC جسر عبور لعشرات الالاف من الفلسطينيين واللبنانيين والعرب نحو العالم عبر خلقها ل 130الف فرصة عمل".

وعن ما قصده في تعليقه على الحادثة، يوضّح زهران لـ"السياسة": "تقديري ان الشركة مستهدفة وضحية كما العاملين فيها، إذ إنّ هناك موجة استهداف واضحة للمغتربين العاملين العرب وبخاصة اللبنانيين والفلسطينيين سواء في أفريقيا او غيرها".

ويتابع: "نعم لـ CCC فضل كبير على عشرات الالاف من اللبنانيين والعرب، و واجبنا اليوم الوقوف مع الشركة وادارتها وموظفيها ومن المصادفات الحسنة ان وزير الدفاع الكازاخستاني كان في بيروت منذ أسابيع والتقى نظيره الوزير الياس ابو صعب الذي سارع إلى الاتصال به والمساعدة على تأمين الحماية للبنانيين واشقاؤهم العرب".

ويلفت زهران إلى أنّ :"ما حصل في كازاخستان لا يعقل ان يكون بسبب صورة غير أخلاقية، خاصة أن صاحب الصورة لم يكن أثناء حصول الهجوم الوحشي على العمال، وعلينا أن نبحث عن" اللوبي" الذي حرك العمال المحليين ودفعهم للهجوم على المهندسين العرب وطردهم من البلاد".

كما ان هناك مفارقة وربما صدفة تدعو للتفكير والتمعن بأبعاد الحادثة، فالمتعرضون للاعتداءات، لبنانيون واردنيون، ينتمون الى دولتين تستضيفان اللاجئين السوريين، ويشاركان في الجولة المقبلة بعد ايام من مؤتمر استانا في كازاخستان والمخصص لبحث الازمة السورية، بصفة مراقب. هي مجرّد مفارقة، قد تصحّ وقد تخطىء

وكعادته، يقع اللبناني أينما حلّ ضحية السياسة والعنصرية، فهو مشرّد في وطنه ومذلول في غربته.

المصدر : السياسة