مساحة لبنان غير معروفة.. والـ"10452 كم2 "خرافة" ؟

03/09/2019 05:37PM

هنا الماضي والحاضر والمستقبل... هنا لبنان التاريخ بجغرافيته، ولبنان الحاضر بخرائطه وبصوره الجوية، ولبنان المستقبل بتحديثاته. 

تعلمّنا انّ لبنان بلد الطبيعة الخضراء والأرض الخصبة والشعب الذي تضرب جذوره بالتاريخ. ويرى البعض أنّ لبنان ليس ثلجاً أبيض وأرزا شامخا فقط ولا لبنان الذي ورد في التوراة مرات ومرات، بل  لبنان المستهدف من غزوات الأباطرة وفتوحات الجيوش. وبين هؤلاء واولئك يرددّ آخرون أنّ لبنان العربي أيضاً هو الشعب المنفتح على الحضارات، لبنان المقاومة منذ الصمود التاريخي لمدينة صور بوجه الإسكندر المقدوني والى تحرير الجنوب بدم أبنائه في العام 2000.

خوض غمار رحلة البحث عن الحدود الجنوبيّة للبنان ليس بالأمر اليسير، بل يُصبح ضربًا من المُستحيل كلما قلّبنا هذه الاتفاقيات وغُصنا فيها وحاولنا الربط بين المعروف وغير المعروف منها. ويزيد من وعورة البحث اختلاط دروبها بمكان النفط والغاز.

وترتبط الحدود الجنوبيّة للبنان ارتباطًا عضويًا بمسألة الحدود اللبنانيّة - الفلسطينيّة. ولهذه الحدود أبعاد وجوانب وانعكاسات مُتعددة يصعب علينا البحث بها لكثرة الاتفاقيات المعقودة سابقا. إذ إن المراحل والتطوّرات التي مرّ بها الوضع القانوني لقضيّة الحدود الجنوبيّة للبنان وموقف إسرائيل منها بدأ منذ اتفاقية سايكس – بيكو عام 1920.

ينظر بعض الباحثين إلى تطوّر مسألة الحدود الجنوبيّة للبنان بين العامين 1916 و1923 "كأحد أغرب ألغاز العصر الحديث"، ويعتقد البعض الآخر أنّ تشكُّل الحدود بين العامين 1920 و1949 هو بمنزلة طلسم يستعصي على كل باحث مُجدّ بسبب غياب بعض الإتفاقيات الحدوديّة الفرنسيّة – البريطانيّة أو تغييبها.

في هذا السياق، يوضح العميد المتقاعد أمين حطيط أن " الشريط اللبناني الذي رسم عام 1920 يضم 42 قرية ومزرعة وبلدة من بينها بلدة صلحا أي أفيفيم التي تمّ قصفها من قِبل حزب الله بعد ظهر الأحد الفائت". 

ويلفت حطيط في حديثه للـ"السياسة" إلى ان "الشريط اللبناني رُسم بشكل متعرّج بطول 42 كم2 ولكن بعرض مختلف ومجموع الشريط يصل إلى 80 كم2 وبالتالي إذا احتسبنا مساحة لبنان مع الشريط المرسوم تصل الحدود اللبنانية إلى 10530 كم2".

"لبنان لم يُنشأ كدولة بإرادة شعبية بل أنشأ بإرادة المستعمر الفرنسي آنذاك"، يقول حطيط، وبالتالي وبحسب حطيط لم تكن القرى السبع المحتلة والتي منها صلحا والمالكية ومنها طربيخا، تشحل، النبي روبين، سروج، المالكية، قدس، النبي يوشع، صلحا هونين، جزء من الأراضي اللبنانية إذ قد سُلخت قبل إصدر قرار  318 المُقتضى بموجبه إنشاء لبنان الكبير". 

وبالتالي العودة لاستعادة هذه القرى يتطلب التفاوض مع الدولة الفلسطينية في حال تحقق حلم قيام دولة فلسطينية عربية والتي بدورها  أٌنشئت بقرار الاستعمار البريطاني، بحسب كلام حطيط، الذي يوضح أن "فترة ما بين 1920 و1948 كانت القرى السبع جزءا لا يتجزأ من الأراضي الفلسطينية ومعظم أهاليها يحملون الهُويّة الفلسطينية هذا ما يُفسر استعادة أهالي هذه القرى لجنسيتهم اللبنانية عام 1932". 

الحدود اللبنانية عُدلت 4 مرات نتيجة الاتفاقيات المطروحة دوليا منذ 1916 لغاية 1920 والتي أبرزها معاهدة سايكس – بيكو إذ في كل مرة كانت تُدحرج الحدود اللبنانية بحسب مصالح كل من المستعمرتين الفرنسية والبريطانية، بحسب معلومات حطيط، الذي يؤكد أن "لبنان قد سُلب منه ما يناهز 280 كم2".

أما "الصدمة" فهي وبحسب معلومات حطيط، بعض اللبنانيين في ذاك العهد قد باعوا أراضيهم إلى المستعمرة مثل بيت سرسق وبيت سلام، وبالتالي سهل الحولة التي تبلغ مساحته 72 كم2 لبناني الأصل أباً عن جدّ. ويؤكد حطيط أن مساحة لبنان الفعلية وبحسب اتفاقية سايكس – بيكو يصل إلى حدود الـ" 10682كم2.

وعن أبحاث بعض المؤرخين الذين يؤكدون وجود لغطا كبيرا في الحدود اللبنانية – السورية، يوضح حطيط أن " مفهوم علاقة الحدود بين لبنان وسوريا مختلف جذرياً وذلك نسبة لقيام استعمار موحّد على كل من البلدين". وتاريخيا، وبحسب حطيط، عمدت فرنسا على اعتماد سياسة مختلفة عن الحدود اللبنانية الفلسطينية التي رُسمت بخطوط على شكل مسطرة دون مراعاة الملكيات اللبنانية إلا في المناطق المسيحية وذلك نزولا عند رغبة البطاركة الموارنة، أما في المناطق الشيعية رُسمت الحدود على قاعدة المسطرة، غير أنه في نطاق ترسيم الحدود اللبنانية – السورية اتجهت فرنسا إلى قانون يفصل كل من الشعبين اللبناني والسوري واعتماد مبدأ الهُوية لكل من البلدين. 

" ملف الحدود مع سوريا خطير ضعف المخاطر مع الحدود الفلسطينية"، يقول حطيط، الذي يوضح أن  أراضي اللبنانية – السورية متشابكة مع بعضها البعض إذ لا يمكن تميزها إلا عبر قياسها بـ"الشبر" مثال بلدة النائب السابق غازي زعيتر بحسب الحدود ليست لبنانية إنما أهالي المنطقة يحملون الجنسية اللبنانية وبالتالي لا أحد يتجرأ على  فتح ملف الحدود اللبنانية – السورية جراء خطورته وتكبّده مسؤولية وعناية فائقة لتحديده". كما يلفت إلى أن "المناطق الأكثر تعقيدا هي عرسال نحو مرجحين في الهرمل ومنطقة دير العشاير وراشيا الفخّار". 

يبيّن هذا الواقع أن لبنان هو من البلدان النادرة، ربّما، التي لا تعرف مساحتها الفعلية، وهو ما يبقي هذا الرقم مفتوحاً على الكثير من التقديرات والتحليلات، وبالتالي  الحديث اليوم عن ترسيم الحدود اللبنانية – الفلسطينية والمعضلة المتفاقمة جراء هذه الإشكالية إما نابعة عن جهل في التاريخ أم عن خُبثُ لا حول ولا قوة له.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on news@elsiyasa.com | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa