05/09/2019 08:59AM
كتب محمد أروادي في السياسة:
في العشرين من شهر كانون الثاني من العام ١٩٨١ كان الأمريكيون والإيرانيون يوقعون اتفاقاً تم على أساسِه تسليم رهائن السفارة الأمريكية الإثنين والخمسين بعد احتجازٍ دام أربعمئة وأربعة وأربعين يوماً.. ما هي إلا ساعات على توقيع الإتفاق حتى كان الرئيس رونالد ريغن يؤدي اليمين الدستورية كرئيسٍ (أربعين) للولايات المتحدة الأمريكية خلفاً لجيمي كارتر الذي خسر الإنتخابات بسبب سوء إدارة ملف الرهائن الأمريكيين؛ وهو الملف الذي استثمره ريغان على أحسن وجه. ومن خلال البربغندا الإعلامية الموجهة لهذا الحدث لناحية تسويقه في الشارع الأمريكي، استطاع البقاء رئيساً للولايات المتحدة لولايتين متتاليتين..
هذه الحادثة وتبعاتها تدلّ على أهمية الملفات الخارجية في الحياة السياسية الأمريكية، خاصة فيما يتعلق بأمور السيطرة والنفوذ في مناطق الثروات، والخليج الفارسي يُعتبر من أهمها عالمياً، إن لم يكن الأهم.. من هذا المنطلق وضع دونالد ترامب منذ يومه الأول في البيت الأبيض نُصب عينيه الملف الدسم الذي يعتقد أنه سيؤمّن له ولاية ثانية في رأس الهرم الأمريكي..
كان الملف الذي تتقاطع فيه كل أنواع المصالح لترامب هو الإتفاق النووي الإيراني، الذي لمس ترامب بيده كيف كادت منافِسته الديمقراطية هيلاري كلينتون أن تطيح به في الإنتخابات، إذ فازت فعلاً بأكبر عدد من الأصوات لكنها أخفقت بالوصول للرئاسة بسبب خطأ تكتيكي جعل كفة "المندوبين" -وهي الأساس في الدستور الأمريكي- راجحة لصالح ترامب، وكلينتون كانت قد بنت حملتها الإنتخابية على ملفين مهمين؛ الأول هو الحفاظ على الملف النووي الإيراني والثاني هو مشروع أوباما كير الصحي، الملفان اللذان نقضهما ترامب...
كانت نظرية ترامب تتلخّص بأن ينقض الإتفاق أولاً فيضمن رضا اللوبيات الصهيونية، وأن يمارس أكبر نوع من الضغط السياسي والاقتصادي على الجمهورية الإسلامية الإيرانية ثانياً، محاولة منه لإخضاعها وتعديل بعض بنود الإتفاق ليخطف توقيعاً على اتفاق جديد في ربع الساعة الأخير من حملته الإنتخابية للولاية الثانية، فيضمن الفوز بها..
إنسحب ترامب من الإتفاق النووي وترك شركاءه الأوروبيين حيارى ما بين مؤيد ومعارض، وإن كان جميعهم معارضين لترامب في العلن، إلا أنهم كانوا ولا زالوا مربَكين بين أوضاعهم الإقتصادية التي ارتبطت بشكل وثيق بضمانة الإتفاق النووي وبين المشاكل السياسية وأهمها البريكست..
على الضفة الإيرانية كان الشعور من أعلى الهرم أن هناك استهانة بالكرامة الإيرانية من قِبل الأمريكيين، مما رفع سقف التحدي وقالها مرشد الجمهورية وكل أركان الدولة؛ أن لا حلّ ولا تفاوض مع الأمريكيين بشكل مباشر تحت الضغط، وإنّ أي مفاوضات ستكون محكومة بالعودة للاتفاق الأساسي وإلغاء العقوبات...
في آفاق الحل للاتفاق اليوم، وبحسب مصادر مطلعة، تبدو المبادرة الفرنسية متقدمة جداً لناحية إيجاد أرضية مناسبة للمفاوضات بين إيران والولايات المتحدة، لكن ضمن أطر رسمها الرئيس الإيراني حسن روحاني ومِن قبله وزير خارجيته محمد جواد ظريف؛ الذي كان في مقر قمة مجموعة السبع، ولعلّ صوته كان مسموعاً في الغرفة المجاورة -حيث كان الأميركيون- وهو يخاطب الرئيس الفرنسي عن شروط إيران..
أكد روحاني ثوابت المرشد الذي منع أي تفاوض مع الأمريكي على حساب الكرامة الإيرانية، لكنه في الوقت عينه استطاع تصويب الإطار الوحيد الذي من الممكن أن يجمع الإيرانيين مع نظرائهم الأمريكيين عندما قال أن العودة للاتفاق النووي وإلغاء العقوبات سيتيح للولايات المتحدة العودة لطاولة إيران والخمسة زائد واحد، وهي الطاولة التي وضعت الإتفاق النووي وبروتوكوله المكمّل...
بالمحصّلة، أراد ترامب أن يُخضع الايرانيين من خلال الملف الإيراني لأنه مفتاح كل الملفات في الشرق الأوسط وخاصة سوريا واليمن، إلا أنه واجه عناداً وإصراراً إيرانياً كبيراً جداً، ووجد نفسه من خلاله في مستنقع كبير وراح يستجدي الوساطات الدولية ومنها الوساطة اليابانية والعمانية والكويتية، حتى أنهم حاولوا التواصل مع حزب الله لحلّ الموضوع، بحسب مصادر مطلعة. وأخيراً يبدو أن الوساطة الفرنسية استطاعت عبر الرئيس ماكرون أن تأخذ تنازلات أمريكية جديّة. لعل ماكرون يفلح بفكفكة الشيفرة الإيرانية التفاوضية..
بالعودة الى المقدمة نرى أن الملف الذي أطاح بجيمي كارتر كان من صنع الإيرانيين، بينما الملف الذي على ما يبدو سيطيح بترامب كان من صنع يديه..
المصدر : السياسة
شارك هذا الخبر
سلام: الإفلات من العقاب أصبح ثقافة وهي التي جعلت الفساد مستمراً والانهيارات متكررة ومسألة 4 آب ليست قضائيّة فقط إنّما هي سؤال عن طبيعة البلد الذي نريد أن نعيش فيه فلا بلد من دون عدالة
رئيس الحكومة نواف سلام خلال جلسة حواريّة لمناقشة تداعيات انفجار 4 آب: معرفة حقيقة انفجار مرفأ بيروت ومحاسبة المتورطين قضية وطنية جامعة
بهاء الحريري: متمسكون بنهج الاعتدال وبدور الطائفة السنية الوطني
تقي الدين يطالب بالعدالة لضحايا انفجار مرفأ بيروت
إصابة ميسي تُربك إنتر ميامي رغم الفوز الدرامي!
حماس ترفض طرح نزع السلاح وتصف زيارة ويتكوف بـ"المسرحية السياسية"
الحريري في ذكرى 4 آب: لن نفقد الأمل بالعدالة لبيروت
منتخب لبنان لكرة السلة ينطلق إلى جدة لخوض تحدي آسيا
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa