مع عون.. ظالماً كان أم مظلوماً

30/09/2019 08:28AM

من المسلّم به،  أن لبنان من الدول التي واجهت أزمات كثيرة في تاريخها. فقد مرّ على هذا البلد الكثير من الحروب الداخلية والخارجية والوصايات الاجنبية والضغوطات على اختلافها من سياسية واقتصادية، وإفلاسات مصرفية. كما انه عانى سابقا من انهيار لليرة اللبنانية وتضخم كبير بين عامي 1982 و 1992. وهو الذي يحمل منذ التسعينيات تراكم العجوزات المالية والديون وفوائدها، وقد حاولت الحكومات المتعاقبة ان تجد لها الحلول المؤقتة والمسكنات كي لا تنحرف نحو الإنهيار. اما اليوم فقد وصلت الى ذلك الحائط المسدود الذي طالما  حذّر منه المراقبون لسلّم تطور العجز في مالية الدولة عاما بعد عام.


ولكن رغم الصعاب الكثيرة التي مرت على لبنان وتمكن من تخطيها، وكانت اخطر من الحالية، يشعر الناس بالقلق والتشاؤم وفقدان الثقة تماما بإمكانية تجاوز هذه المحنة الحالية، والأسباب عديدة، أهمها ما يضخّه الإعلام وبعض الشائعات التي تساهم بصورة غير مباشرة في ضرب السوق المالية والنقدية.


الصورة اليوم، ورغم وجع المواطنين وأحقية مطالبهم والحال الذي باتوا يرزحون تحت رحمته، تُظهر وكأن  هذا العهد بحكومته ومكوناته من رئيس الجمهورية الى أصغر نائب هو المسؤول عن الإنهيار المحتمل.


لكن، من الظلم تحميل ما وصلت اليه الأمور الى عهد الرئيس ميشال عون، فهذا الإنحدار السريع الذي تسلكه الامور حاليا، ما هو إلا نتاج منظومة السياسة المالية المتبعة بمشاركة اغلب من في السلطة اليوم منذ العام 1990، والتي كانت وما زالت قائمة على القطاع الخدماتي لا الإنتاجي. فضُخّت الاموال المستدانة لهذا القطاع بدل إستخدامها في قطاعات إنتاجية بإمكانها مع الوقت سداد الدين.

من الظلم تحميل ما وصلت اليه الأمور الى عهد الرئيس ميشال عون



ومع تراكم السنين، ازدادت الإستدانة، وازدادت معها الفوائد الخيالية وتراكمت. فجلّ ما يحدث اليوم أن لنبان يدفع ثمن هذه الفوائد المتراكمة منذ التسعينيات.


صحيح أن الرئيس عون، وصل الى قصر بعبدا بشعارات الإصلاح والتغيير، حلم معها اللبنانيون بلبنان آخر، وهو كان صادقا بذلك. لكن حتى الآن ما من تغيير شاهده المواطنون، وهنا يجب البحث عن الأسباب الحقيقية لا على نوايا مفبركة. 


فمنذ عام 2006 واتفاق مارمخايل، والرئيس عون اتخذ خطه الواضح. ومع وصوله الى "قصر الشعب" تأكد المؤكد بأن اقوياء هذا البلد في خط حلف مارمخايل باتوا يحكمون. لذا كان لا بد من خطة تسلسلية لتطويق عون وإفشال سياسته الدائرة على موجة حارة – حريك. ولهذا لا يمكن فصل المتغيرات الإقليمية عن الداخل اللبناني حيث تحالف حزب الله – عون الذي عليه دفع ثمن هذا الموقف عبر الضغط بمختلف الوسائل المتاحة.


ومنذ تلاوته قسم الرئاسة، لم يُسمح للرئيس عون أن ينفّذ ما وعد به ، وباتت الازمات المفتعلة في كثير من الاحيان تسقط على رأس السلطة واحدة تلو الأخرى. فبدت أوليات إتمام الإلتزامات الدستورية سابقة للإنكباب على الإصلاحات. من قانون الإنتخاب الى الإنتخابات، فتشكيل الحكومة وبيانها الوزاري، الى معضلة موازنة 2019 وما رافقها من إشاعات حول فرض الضرائب. 


وما إن تنفّس الصعداء وبدأ هذا العهد يتخذ إجراءات جدّية للإصلاح، وفتحت بعض الأحزاب بوابة مكافحة الفساد. حتى خرجت التصنيفات الدولية وبدأ معها مسلسل ضرب الواقع المالي والنقدي.


اليوم .. الرئيس عون محاصر دوليا وهذا ما لمسناه في نيويورك، ويحاول الخارج محاصرته داخليا عبر خنق الشارع اللبناني حتى الإنفجار. لذا على "بي الكل" ضرب يده على الطاولة كما فعل في أول جلسة للحكومة، ويتخذ إجراءات قاسية بكل من يتآمر ضده وضد اللبنانيين في هذه اللحظات المفصلية، ويعيد المؤكد " أنا من أحدد مصلحة لبنان ". وتبعا لكل ذلك، تصح الإستعارة بتصرّف من دولة الرئيس نبيه بري : " مع عون.. ظالما كان أم مظلوما " .


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa