باسيل.. كان عربيا أكثر من أبناء الجزيرة

بالأمس.. جلس وزير خارجية لبنان جبران باسيل أمام وزراء الخارجية العرب في اجتماع القاهرة لبحث التدخل التركي في الأراضي السورية.

كان وحيدا في مواجهة الجميع، فامتلك الشجاعة ان يحاججهم: "كيف لكم ان تبحثوا قضية أرض يتم الإعتداء عليها وصاحبها مغيّب؟ ".

باسيل، صاحب الجدلية الاكبر في الداخل اللبناني، والمتهم بفينيقيته ممن يخالفوه في السياسة، كان عربيا أكثر من أبناء الجزيرة.

هي ليست المرة الأولى التي يقف فيها أمام الأمة التي خذلت كل القضايا المحقة، ويقول " كرسي سوريا في هذه الجامعة يجب أن يمتلىء بممثلها".

بالأمس، أثبت باسيل أن نظرته لمجريات الأمور أكبر من ما يتصوره بعض الداخل، فقد كان واضحا بأن لبنان لن يكون "خيال صحراء" أمام ما تتعرض له "سوريا الأصيلة".

كما استبق الجميع، بإصدار بيان رسمي لإدانة العملية، وهو يعلم علم اليقين ان هذا البيان سيفتح نيران جهنم في وجهه، فقال  كلمته ومضى الى القاهرة ليعيد ويكررها امام العرب.

باسيل بات يمتلك من الذكاء السياسي ما يجعله يقرأ التحولات في المنطقة، وهو يعلم أن الأمور تتجه الى إعادة فتح كل قنوات الإتصال بين بعض الدول العربية وسوريا، لذا لم يكتف بدعوتهم الى إعادة دمشق الى الجامعة واتخاذ خطوات فعلية لردع العدوان وحتى اي عدوان على أي أرض عربية. بل ذهب بعيدا في المطالبة بعقد مصالحة شاملة وإنهاء التشرذم العربي الذي يضعف الموقف ويشتت الجهود امام ردع المؤمرات الخارجية. ووضع إصبعه على الجرح الذي لا يرد ان يراه العرب حين قال لهم " الى متى سنبقى مللاً وطوائف متناحرة، خائفين من بعضنا البعض ومتوجسين من الحريات والديموقراطية وحقوق الإنسان".

ومما لا شك فيه أنه يعود اليوم، وسينتظر ان ينال نصيبه من الإتهام الحكومي. فقد كسر باسيل قاعدة النأي بالنفس، ووقف الى جانب دولة يراها البعض عدوا يجب مقاطعته الى أبد الآبدين. أما نظرته هو فتختلف، كونه يدرك جيدا أن الوقت اليوم ليس للعواطف ولا لإستعادة الماضي وإنما للعمل، في ظل ظروف عصيبة تمر بها البلاد وتحتاج الى وسيلة إنقاذ. فلبنان يحتاج الى فتح القنوات مع دمشق لما في ذلك من مصلحة للبلدين.

المصدر : السياسة