الدفاع المدني في "عزاء".. ومن بعدها لكل حادث حديث

16/10/2019 03:07PM

موجة الحرّ التي ضربت لبنان في الأيام القليلة الماضية، لم تمرّ مرور الكرام على الوطن. فلبنان المشتعل منذ زمن بالفساد والسرقة والرياء واللامسؤولية والجشع، احترقت اليوم أراضيه وقُضمت مساحات كبيرة من أحراجه بحادثة غير مسبوقة في تاريخ البلد.

لبنان المشتعل منذ زمن بالفساد والسرقة والرياء واللامسؤولية والجشع، احترقت اليوم أراضيه


من محافظة جبل لبنان، إلى بلدات في المتن الشمالي، وصولا إلى شمالي وجنوبي البلاد، التهمت ألسنة النار لبنان الأخضر وحاصرت المنازل، وأرعبت السكان.

وفي الوقت الذي "اختبأ" السياسيون والمعنيون في منازلهم، خلف شاشات هواتفهم واتصالاتهم "الفارغة"، كانت فرق إطفاء الدفاع المدني بالمرصاد منذ الساعات الأولى لاندلاع الحرائق. فعملت بقدراتها المتواضعة على إخماد النيران وسط صعوبات الوصول إلى المناطق الحرجية الوعرة، ونقلت عددا من المواطنين الذين أحاطتهم النيران من كلّ حدبٍ وصوب.

هذا المجهود الذي قامت به فِرَق الإطفاء المدني كان واضحًا على وجوههم المتعبة، والمصبوغة باللون الأسود جرّاء النار والدخان. وربّما صورهم التي اقترنت بصور الحريق، جعلت من كلّ مواطن يسأل، "أين حقوق هذه المجموعة، التي لم تتردّد للحظة بمواجهة خطر الموت"!

ليس خفيّا على أحد، أنّ عنصر الدفاع المدني لا يملك أبسط حقوقه. وفي كلّ مرّة يطالب بها، يصطدم بسلطة لا تأبه لمطالبه، ولا تذكرها أصلاً على جدول أعمالها. 

وكما هو واضح، فعنصر الدفاع المدني الذي يأخذ راتبًا زهيدًا بالكاد يعيله، يضطر إلى العمل في مهنتين لأنّ وظيفة "الحرائق والموت"، لا تلّبي حاجاته. ولكن إلى متى؟

مطلب متطوعو الدفاع المدني، واضح كضوء الشمس "ثبّتونا". غير أنّ السلطة، وعلى مرّ السنوات الخمس الماضية تغافلت عن هذا المطلب رغم توظيفها لما "هبّ ودبّ" من "مسّاحي الجوخ" في ملاك الدولة، إلاّ.. جماعة الدفاع المدني.

ومن لا يذكر المتطوّع الأشهر يوسف الملاّح؟ الذي وصلت صرخته لكلّ مواطن، وشبّعته الدولة وعود "كاذبة".

اليوم، كثيرون ما عادوا يلتفتون إليه، ولا إلى مطلبه الذي يمثّل مطالب كلّ عناصر الدفاع المدني، حتّى إعلاميّاً لم يعد له حصّة.

في هذا السياق، يرفض يوسف الملاّح استغلال المجهود الذي قام به الدفاع المدني في الأيام الماضية، في سبيل التمنين والمطالبة بحقوقهم من جديد.

ويرى في حديثه لـ"السياسة"، أنّ "الدفاع المدني اليوم هو في حالة عزاء على الطبيعة، بعد الكارثة التي أصابتها وحين ينتهي هذا العزاء، لكلّ حادث حديث".

من يتراجع عن قضية حقّ، فمن المعيب أن يحملها أصلاً


فقضية الطبيعة هي أكبر من قضية الدفاع المدني، وفقًا لكلام الملاّح، الذي قال: "هذه اللوحة الخضراء التي كنّا نتغنّى بها، هي اليوم بحالة يرثى لها، والأيام لن تهرب، حين تنتهي هذه المرحلة، سنعود من جديد للمطالبة بحقوقنا".

ويتابع: "من يظنّ أننا استسلمنا أو سنسكت فهو مخطئ، إذا لم نتحرّك من جديد، إذًا نحن لسنا أهلاً برفع الصوت منذ البداية، لأنّ من يتراجع عن قضية حقّ، فمن المعيب أن يحملها أصلاً".

أمّا عن الطريقة التي سيعتمدوها هذه المرّة، فاكتفى الملاّح بالقول "بكرا منشوف، الإيام قدامنا".

قضية الدفاع الوطني، لم تعد قضية محصورة بهذا الدرع الحامي للوطن، بل باتت تخصّ الوطن بأسره. وربّما اندفاع هؤلاء الأبطال بكلّ جرأة وبسالة وإنسانية إلى إنقاذ المواطنين، وتعريض حياتهم للخطر من دون التفكير بحقوقهم المهدورة أو برواتبهم الزهيدة، يحمّلنا مسؤولية النزول إلى الشارع إلى جانبهم ومؤازرتهم للمطالبة بما تحاول الدولة دومًا إسكاتهم عنه، من خلال الوعود "الكاذبة".

أمّا عن الحرائق التي ضربت طبيعة لبنان، فالمصيبة وقعت، ولكن على من يقع اللوم؟ على من عرقل ملفّ توظيف حرّاس الأحراج بحجة التوازن الطائفي، أو على من استكثر تأمين مبلغ صيانة طائرات الاطفاء الذي لا يتجاوز الـ450 ألف دولار؟ أم على من تناسى ملفات تثبيت عناصر الدفاع المدني وزيادة موازنة تجهيزاته؟ أم على من يعمل على اقتطاع حقوق العسكريين؟


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa