بين الرؤساء الثلاثة "جفا" وشد حبال

أتى عيد الاستقلال هذه السنة مختلفا، لا يمكن أن ننكر ذلك. إلّا أنّ أجواء سلبية وتوترا واضحا طغى على العرض العسكري في الفياضية. فبدا واضحا، التنافر بين الرؤساء الثلاثة في أول إطلالة لهم بعد الأزمة. 

وفي كواليس الصورة التي نقلتها وسائل الإعلام، وحدها الخلافات التي جمعت الرؤساء الثلاثة البارحة. فرئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس مجلس النواب نبيه بري متفقان على نفس الصيغة الحكومية. وفي المقابل، يتمسّك رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري بحكومة التكنوقراط. 

جاهر بري بعتبه على الحريري هو الذي كان قد صرّح سابقا بأنه قدّم لبن العصفور للحريري واعتبر رفضه التكليف موقفا كفيلا بتحويل الاختلاف إلى "زعل". موقف بري فهمه الحريري الذي أصرّ حتى اللحظة الأخيرة على أن لا يبدو مرتاحا أو بالأحرى: حاول الحريري أن يظهر بصورة حامل هموم البلاد وأزماته.

وباختصار، فإنّ الحريري يفاوض على تشكيل الحكومة المقبلة مشترطا أن تكون حكومة تكنوقراط، وعلى قاعدة: "أعود إلى هذه اللعبة كما انا وبشروطي وحدي". مناورة الحريري يتصدى لها بري وعون اللذان يحاولان زجه في التشكيل الحكومي بغض النظر عن طلباته ووفقا لصيغة "التكنو سياسية".

شدّ الحبال هذا مبرر. فمضي الحريري بتشكيل حكومة تكنوقراط سيستمر لفترة طويلة تنتهي بسقوطها قبل أن تبصر النور لأنّ حزب الله وحركة أمل يرفضان هذه الصيغة بوضوح وبالتالي لن يعطيانها الثقة. وحدوث هذا السيناريو سيعني أنّ الحريري سيظهر مجددا بصورة البطل المتذرع بالخلافات السياسية التي تمنعه من تلبية رغبات ومطالب الشارع. وعليه، لن تهدي المكونات السياسية لأي فئة أخرى نصرا مجانيا في هذه الفترة. فإمّا يصمد الجميع أمام موجة الغضب الشعبي أو تنجرف السلطة السياسية كاملة. 

اللعبة مستمرة ولا تزال محلية إذا. فالولايات المتحدة تنصرف لحربها التجارية الكبرى التي تخوضها ولا تولي اهتماما كبيرا لما يحصل في لبنان إلّا من ناحية حربها على إيران. وفي هذا الإطار، تؤكد مصادر اقتصادية لـ"السياسة" أنّ واشنطن لن تسمح بانهيار لبنان اقتصاديا. وهي لو أرادت ذلك لفرضت عقوباتها على أحد البنوك الكبرى من دون أن تلجأ إلى التحذير ومحاولة إيصال الرسائل عبر جمال ترست بنك". 

نهار الإثنين سيكون حاسما، والأمور مفتوحة على كلّ الاحتمالات. إمّا يقبل الحريري بالتكليف أو يكلّف  رئيس الجمهورية شخصا آخر لتشكيل الحكومة التكنو سياسية. وهو خيار كفيل بإبعاد الحريري عن الساحة السياسة وتجنيبه مسؤولية الانهيار.