أزمة لبنان.. ترسيم وبلوك نفطي وتفاوض صلب

23/11/2019 05:21PM

مخيف هذا التخبط الذي يعيشه كثيرون من المتظاهرين الذين ضاقت صدورهم من العيش في بلد لا يقدم لهم أبسط الحقوق. هذا التخبط الناتج عن الخوف من ضياع مطالبهم بين الإنتهازيين من جهة، والسياسات الكبرى التي تُرسم لهذا البلد منذ زمن ولا تزال مع تغيير في العناوين حسب مقتضيات المرحلة والمعطيات.

هؤلاء الصادقون يخافون الصدمة التي يتوقعونها في بلد لا يمكنه أن ينسلخ عن محيطه في المنطقة، ويعيش " صراع الجبابرة" الذي استعر في الآونة الأخيرة، حينما بدأت أميركا تخرج من المنطقة، بعد أن سلمت المفتاح الى القطب الروسي، فيما فشل بعض الخيلج في تنفيذ أجزاء كبيرة من خطط التحول في الشرق.

اليوم لم يعد أمام واشنطن، بعدما فشلت حتى اليوم في كسر إيران عبر العقوبات الإقتصادية، بسبب سياسات النفس الطويل للأخيرة، سوى لي ذراعها في لبنان، عبر حزب الله.

لكن الهدف ليس حزب الله كحزب، وإنما منظومته المنيعة بوجه مخطط الترسم الحدودي الذي تريده أميركا، وحلم النفط الذي يطل برأسه على لبنان. منذ أشهر  ليست بعيدة ويخوض رئيس مجلس النواب نبيه بري معركة التفاوض مع الجهات الدولية لأجل الترسيم، على الرغم من دخول رئيس حكومة تصريف الأعمال سعد الحريري على خط التفاوض بخيوط جاريد كوشنير وجون بولتن، لكن موقف حزب الله كان واضحا بان الكلمة الفصل في مسألة التفاوض لبري حصرا، أما النفط  فستتحول بلوكاته الى منصات صواريخ تضرب أي محاولة للتعدي على ثروة لبنان النفطية.

والزيارة الأخيرة للموفد الاميركي الى بري، كان بداية المرحلة، بعد أسمع المفاوض بري أذان الغرب أن الترسيم لن يكون الا بحدوده البحرية والبرية معا، ولا كلام غير ذلك. وهنا توقفت المفاوضات وبدأت مرحلة العقوبات القاسية التي تمثلت بسلسلة أزمات أطلت برأسها فجأة على الداخل اللبناني دون سابق إنذار .

يحاول الأميركيون انتزاع شروطهم بالقوة الإقتصادية، فإما السماح لإسرائيل وواشنطن بطبيعة الحال، بنفط البلوك رقم 9، وإما الضغط الإقتصادي الى ما شاء الله، بحسب مصادر مطلعة على المفاوضات الجارية منذ أشهر.

وتؤكد المصادر هنا أن أميركا تسعى الى إجبار لبنان على التنازل عن ٨٦٢ كم٢ من بلوك رقم ٩ والذي يحتوي على ٩٠ تريليون متر من الغاز فيه، والذي تقدر قيمته بـ ٣٥٠ مليار دولاد.

وهنا تتساءل المصادر عن قدرة أي حكومة "تكنوقراط" من مواجهة هذه الحرب غير المعلنة بين أقطاب دولية تحتاج ما تحتاجه الى الدهاء والذكاء السياسي، واعتبرت المصادر أن محاولة محاصرة بري في الكثير من الاماكن هي محاولة لإزاحته عن خط التفاوض بعدما رفض رفضا قاطعا "التفريط بمتر واحد من بلوك رقم ٩".

وتشير المصادر نفسها الى أنه على الرغم من صرخة الناس المحقة، وأن خروجهم الى الشوارع كان يجب أن يحصل منذ زمن بعيد اعتراضا على سياسة الحكومات الفاشلة، الا ان اليوم الأزمة الحقيقة تكمن في كل المتغيرات التي طرأت على المنطقة بعد انتهاء الحرب في سوريا، وبروز بوادر الحل في اليمن، إضافة الى الزعزعة التي يشهدها الداخل الإسرائيلي. فإن ذلك يعد المشكلة الأكبر ومساره هو الذي يحدد مجريات الامور.

يبقى على اللبنانيين أن يتنبّهوا لكل تلك المخططات، مقابل أن يحفظوا لانفسهم ما حققوه خلال حراكهم في الحق بالمحاسبة والمطالبة بصورة مستمرة، لان الموقف أمام أي مخطط خارجي ولو اضطر الأمر الى تقديم دعم معين للسلطة، لا يجب أن ينهي نزعة المحاسبة عند مرور "القطوع".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa