هكذا يستعيد باسيل الشارع

11/12/2019 11:16AM

أن يكون التيار الوطني الحر في صفوف المعارضة فذلك ليس بالأمر المستغرب. فالتيار ومنذ نشأته لم تكن السلطة الا مدمّرة له ولجمهوره ولتاريخه… رئيس الجمهورية ميشال عون وقبل وصوله الى قصر بعبدا كان الزعيم المسيحيّ الأقوى في الشرق، ومع وصوله الى بعبدا بدأ يفقد وبحكم الموقع القدرة على مخاطبة الشارع بلغة الثائر حتى ثار الشارع على تياره وعلى السلطة برمّتها. التيار الوطني الحر هو ابن الشارع الثائر، وجميع الحزبيين الحقيقيين وأصحاب النضالات فيه لا يعرفون لعبة السلطة جيّداً.ولكن من ظلم القدر أن يكون في لبنان ثمن السلطة باهظاً، خصوصاً في مجتمع كالمجتمع المسيحيّ حيث لا امكانية لتكليف شرعيّ ولا قدرة على اعلاء صوت الدين على صوت السياسة واليوم يعاني رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل من صعوبة توزيره في الحكومة العتيدة. مشكلة ليست محليّة ولا يمكن تجاوزها بلقاءات ثنائية وثلاثية. المشكلة لها علاقة بتحدّي باسيل المُحق لمجتمع دوليّ قرر هذه المرة استبدال الاغتيال الجسدي بآخر سياسي وبمساعدة لبنانية فاضحة. هذا الخيار يحتاج الى الجنرال ميشال عون والى استدارة مفاجأة كالتي حصلت بعد الحلف الرباعي الإقصائي لعون في الـ 2005

على باسيل أن يسبق الشارع ليس فقط بأن يعود الى صفوف المعارضة بل بأن يطرح الثقة باتفاق الطائف وبأن يقرر النضال في سبيل فصل الدين عن الدولة . ليس في الأمر مناكفة ولا حرداً سياسياً، بل في الأمر خطوة رؤيوية كان يحترفها ختيار بعبدا يوم كان يقلب الطاولات ويربك الخصوم ويكسب الشارع.. ماذا سيخسر باسيل لو خرج وقال:” نحن نعلن رفضنا لاتفاق الطائف ولن ندخل السلطة الا من خلال دولة مدنية تعطي كل ذي حقّ حقّه”. ماذا سيخسر لو ضرب بعرض الحائط كل ما خطط له السعوديون والسوريون والأميركيون.. سيعود باسيل قائد المسيحيين وسيخافه رئيس الحكومة المكلّف شرعيّاً وشارعه السنيّ وسيلاقيه حزب الله غير الآبه بشكل الدولة بل بدورها، وسيجعل من الثائرين قسمين… قسم الى جانبه وجانب تياره وقسم فاقد لمؤهلات الثورة وأسير الطائف والطائفية.

ليس هذا بهذيان، بل هو عين الصواب في مجتمع لم يعد يميّز بين الفاسد وغير الفاسد وبين الناجح وغير الناجح، فمن يرضى بعودة الحريري على رأس سلطة تنفيذية لمحاربة الفساد كمن يعالج مرض السرطان بحبوب مهدّئة. ومن يخرج رئيس أكبر تكتل لبناني من الحكومة ويضرب بعرض الحائط رأي 27 نائباً يكون قد جنى بنفسه على اتفاق الشراكة ويكون قد سمح لباسيل ولكل الناقمين على طائف مُجف بتغيير أساليب العمل السياسي منذ 1990 وحتى يومنا هذا، والشارع سيكون حاضراً لتلقّف أي مبادرة خارج اطار السلطة لأنه تعب من وعود الفاشلين.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa