ثورة 17 تشرين اطلقت "الجمهورية الثالثة"... من يكمل الطريق!

12/12/2019 07:08AM

كتب يحيى شمص في السياسة: 

تعد فوضى الحرية الخطر الاكبر على مجريات الثورات، تشتت الاهداف وتبدد الاحلام، لكن لنتخطى قليلا حدود الاكتشاف في كل ذات ونفرق بين الممكن والمستحيل، بعد ذلك لا بد من رؤية حدود الممكن والحقيقة الاخيرة، هنا يمكننا الحديث عن تعددية فكرية بناءة لا هدامة للمجتمع، لعل هذه احد اهم الاشكاليات المواكبة لاحداث ثورة 17 تشرين، هي افرزت نخبا، جردت ضعفاء، اظهرت اقوياء، عرّت ميليشيات، وثبتت معادلات غابت منذ نهاية الحرب الاهلية. 

 كثر هناك لا يزالون في المنفى، يصطفون تباعا، يتناطحون تسابقا، لكن على ماذا؟.. لا شيء، ينتظرون ابتسامة "الزعيم" وخدمات " فرج الضيق"، انه مبعث امالهم، ومحط نجاتهم، حين يتحدث معهم تعاد الروح لهم، بعضهم يتشدقون يبكون، واخرون "يتقهقهون" فرحا، يخرجون من مجلسه مهللين كانهم كانوا عند "الرسول الالاهي" او "القديس الرباني"!.

 هؤلاء هم الزعماء الطائفيين يقتاتون على بقايا ما انتجت ايديولجياتهم من عوابث طائفية مقيتة، ما فحوى خطاباتهم، لا شيء، لا شيء، هم رسائل مشردة فحواها فارغ كعقولهم المتصلبة، ما قدمته الثورة خلال اسابيع لم يقدموه خلال اكثر من 30 عاما، الحرب مهنتهم، متى غابت معالم الفوض اندثروا وغابت وجوههم ودمرت "امبراطورياتهم"، هم يدركون ذلك، منذ بدء التحركات ورسائلهم العاجلة تتنقل في الشوارع، انها ملاذهم الوحيد، انهم ذئاب سفاحة، يفتحون الافاق للاشباح فقط، ماذا جنى اتباعهم وماذا جنينا نحن، حتى نموت مرتين، هل نحن مضطرون؟.. لا، بالتاكيد لا، الظن يحيط بهم في كل مكان، لا ثقة بهم، بتنا بلا كفن، هل نموت ظلالا ليعيشوا هم !.

من باع الوطن يا سادة، لا تتعبوا انفسكم في البحث عن اجوبة، كل "الزعماء" باعوه، التاريخ ماثل امامنا، فقط لا تحرفوه، هل  يجروء احد منهم على الخروج الى وجه الشمس، هم كالظلام الحالك، لماذا اختفوا ودفنوا رؤوسهم كالنعام طوال الانتفاضة، وحتى ان خرجوا ماذا سيقدمون؟.. قولوا لي، احدهم يقول ما حصل امر طبيعي نتيجة الازمة الاقتصادية، من قال لك ذلك!.. هم عاجزون تماما، ساذج من يظن انهم يريدون تطبيق الطائف او الغاء الطائفية السياسية!.

التوجه نحو دولة مدنية سيكون مقتلهم الاخير، لا تجديد في السلطة، التجديد يعني نهايتهم جميعا، الاكثرية الصامتة ستتكلم في اي انتخابات جديدة، من يتبعهم يعلم ذلك ايضا، لكن لضرورات "الذل" لن يتخلى عن "عالمه الحزبي" ، هو مقتنع اشد الاقتناع ان بناء الدولة يبدا من حزبه، وهو يدرك او لا يدرك ايضا بأن حزبه وطوال اعوام لم يسجل خطوة واحدة نحو عتبة الوطنية.

النظام متعفن، انه جثه هامدة ترمي نفسها من مكان لاخر، احزابه يتقاذفونها فيما بينهم، من يتحمل عبئها سيكون اول "ضحية"، خطاهم متشابهة، الطريق طويل، واهم من يظن انهم سيرحلون، هم "سرطان" فتاك قاتل، بعمر طويل، لماذا؟

يجري الحديث اليوم بأن الأجواء مؤاتية  لتغيير النظام والطائف، او البدء بتنفيذ جزء من بنود الطائف لجهة إلغاء الطائفية وانتخاب مجلس نيابي خارج القيد الطائفي يترافق مع مجلس شيوخ متوازن طائفياً يمنح الجميع طمأنينة لناحية الشراكة في النظام.

البعض يعتبر ان ضغوطات الخارج قادرة على خلق نظام جديد، قد يكون فرصة للثوار في قطف ثمار الحراك الوطني وانتشال لبنان من جحيم هذه الاحزاب، لكن احذروا، فالدعم الدولي لعملية إنتاج نظام جديد وأن وجد لا يكفي، حتى ان  استغل الضغوطات المالية او المشاركة في استخراج النفط من البحر.

الانهيار الاقتصادي الحالي مهما تفاقم لن ينتج طبقة سياسية جديدة، لا يمكن خلق نواة اي طبقة جديدة الا بعد ثلاث سنوات، وفي حال تم اعتماد نظام انتخابي نسبي يتكفّل بخلط الأوراق، ولا يحدد الفائزين مسبقا، وهذا السيناريو لن تسمح هذه الاحزاب بمروره.  

حاليا تتصدر باريس المنافسة على قطف نتائج الثورة، تريد الحصة الاكبر، لكن ليس بالسهل تغيير الواقعية الحزبية السياسية، هي لا تمانع في عودة سعد الحريري الى تراس الحكومة المقبلة، مصالحها الاقتصادية النفطية قبل اهداف الثورة وقبل كل شيء.

 لا يمكن ان يتأمل الثوار بالخارج بتاتا، كل الثورات الناجحة تاريخا حققت مبتغاها بنبض ثوارها وقوة افكارها، الامل الوحيد هو بالشباب اللبناني، لكن ليس كل الشباب، بل ذاك المدرك لحقيقة السياسة اللبنانية وتشعباتها، وليس الاخرون الخائفون من المستقبل، فقط لو يعلم هؤلاء ان اشد "الغباء الإنساني" يكمن في الخوفِ من التغيير.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa