23/12/2019 08:30AM
أسمح لنفسي، واسمحوا لي، ان اتحدث هذه المرة من خلفية انتمائي الى بيئة مسيحية، مخاطباً رؤساء الأحزاب المسيحية والسياسيين منهم كمواطن أولاً وكمراقب ثانياً، وكـ "منتمٍ الى المجتمع المسيحي" القلق على حاضره، الخائف على مستقبله ومصيره... وهذا لا دخل له بمواطنيتي وانتمائي اللبناني، وحيث الأولوية تبقى للبنان والولاء له.
لا أتوجه الى الشعب في المجتمع المسيحي، شارعاً ونخباً، فهذا الشعب افتخر به ولي ملء الثقة بأنه يعرف ماذا يريد، وأنه لم يكف يوماً عن الحلم والطموح والتوق الى الأفضل، غير آبه بصعوبات تعترضه وتضحيات مطلوبة منه، هذا الشعب الذي سامح وغفر لرؤساء احزابه مرات ومرات، هذا الشعب الذي انتفض منذ شهرين وما زال للمطالبة بأبسط الحقوق وأقدسها، حقه في حياة كريمة، في دولة تحترم كرامة الانسان والعدالة الاجتماعية.
أتوجه الى رؤساء الاحزاب المسيحية والسياسيين الموجودين في السلطة، لأقول لهم: ان عليهم أن يأخذوا في الاعتبار أمرين مهمين ويبنوا قراراتهم على أساسهما:
الامر الأول: هو أن تحولاً عميقاً حدث في الطائفة والبيئة المسيحية كما في كل الطوائف والبيئات الأخرى في لبنان، وهذا التحول يطال المفاهيم والسلوكيات ونمط التفكير والعيش، وينتمي الى عصر الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي، ويقف في أساسه جيل الشباب الذي يتطلع الى إحداث تغيير في العقلية وطريقة الحكم وإدارة الدولة. وهذا الجيل الجديد سبق الاحزاب ورؤسائها بأشواط، وهو لم يعد ينقاد لأحد، وإنما يريد ان يقود نفسه، ويريد ان يتحرر من الماضي وأعبائه وأثقاله وصوره وتعقيداته، وان يخرج الى المستقبل بأفكار جديدة وطموحات كبيرة.
هذا الجيل الجديد إسمعوا له جيداً، انصتوا الى مشاكله ومطالبه، لا تهملوه وخذوه على محمل الجدّ، ولا تحاولوا خداعه واستمالته لأنه وبكل بساطة خرج عن سيطرتكم ومن "قفصكم الحزبي" ويريد التحليق عالياً بعيداً.
الامر الثاني: الذي يجب ان تعيروه أهمية قصوى، هو ان اللبنانيين عموماً والمسيحيين خصوصاً، يواجهون أزمة في تاريخهم الحديث، أزمة وجودية لم يسبق ان عرفوها وان اختبروها من قبل، تمس مباشرة وبقوة حياتهم وأمنهم الاجتماعي ورفاهيتهم الاقتصادية واستقرارهم المعنوي والنفسي، وهذه الازمة تتحمل مسؤوليتها كل الحكومات المتعاقبة منذ تنفيذ اتفاق الطائف، وكل الطبقة السياسية التي استلمت السلطة والحكم منذ العام 2005 وحتى اليوم.
ايها السادة. يجب ان تعرفوا ان الوقت ليس وقت مناكفات وتصفية حسابات و"نكايات" وممارسات كيدية، هذا وقت تحمل المسؤوليات ومجابهة الاخطار والتصدي لكل أنواع المشاريع والمؤامرات التي تستهدف الوطن وتنال منه، هذا زمن الشدة والحزم والجدية والترفع عن حسابات وأمور صغيرة وضيقة.
الناس ضاقوا ذرعاً وسئموا الكلام والثرثرة والمناكفات والصراعات، ويريدون أفعالاً وخطوات عملية، وحتى لا نطيل الكلام، فإننا ندعو رؤساء الاحزاب المسيحية الى أمرين أساسيين:
الامر الأول على المدى القصير. ويقضي بالمباشرة الى تعزيز المصالحات ورد الاعتبار والروح إليها، بعدما أمعن الجميع في تحطيمها وإعادة الأجواء الى حقبات ومراحل سابقة، وذلك يكون عبر تنقية الأجواء ووقف كل أشكال الحملات على وسائل التواصل الاجتماعي، والحافلة بالإسفاف وبث الحقد والكراهية، والمعبرة عن مستوى فكري وأخلاقي لا يليق بمجتمعنا وتاريخنا وقيمنا. المسيحيون ليسوا مهتمين بالاتفاقات السياسية الموقعة وهي اتفاقات قائمة على مصالح أطرافها، ولا يهمهم إذا سقطت ولا تحديد المسؤول عن سقوطها. ولكن المسيحيين مهتمون جداً بعدم العودة الى الوراء وأن تظل قيم المحبة والتسامح واحترام الرأي الآخر هي السائدة، لأن في ذلك أساس وشرط الحفاظ على وحدة الصف وقدرة المواجهة والصمود والبقاء.
الأمر الثاني على المدى المتوسط والأبعد. ويقضي بالحفاظ على الحد اللازم من التعاون والتنسيق بين مختلف الأحزاب والفصائل والقوى السياسية المستقلة على الساحة المسيحية، والإبقاء على وضع متماسك عصيّ على الاختراق ومحاولات العبث به وإعادته الى زمن الانقسام والتناحر، وهذا ما يدخل في صلب شروط التعامل مع أوضاع المرحلة المقبلة المفتوحة على كل الاحتمالات.
اما على المستوى الوطني الذي له علاقة بالتوازن الطائفي، فإن مواجهة الاخطار الاستراتيجية المتصلة بالنزوح والتوطين والهجرة والنزف البشري، ومواجهة المشاريع السياسية المؤثرة على مستقبل البلد والمتصلة بالدولة والنظام والحكم والصلاحيات والاحجام والادوار، مثل قانون الانتخابات وإلغاء الطائفية واللامركزية الموسعة ومجلس الشيوخ... مثل هذه المواجهات تستدعي التكاتف والوعي والحكمة والإدراك لطبيعة المرحلة الخطرة التي تعيشها المنطقة والبلاد.
شارك هذا الخبر
خلف الحبتور: هددتُ بالقتل في لبنان وفي هذه الحال قد أعيد الاستثمار
اتصال بين الرئيس عون ونظيره الاوكراني... اليكم التفاصيل
القرض الحسن يتعرض لهجوم سيبراني؟
جدول المحروقات صدر: اليكم الاسعار
أحمد الشرع... لكم سنة سيبقى رئيسًا لسوريا؟
الجيش الاسرائيلي يواصل عملياته العسكرية لليوم العاشر في جنين
افرام في معراب
مونديال اليد: كرواتيا تهزم فرنسا!
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa