بين حزب الله وسعد الحريري.. جبران باسيل الاقوى !

26/12/2019 12:05PM

كتب يحيى شمص في السياسة:


عصفت ثورة 17 من تشرين بكيان الاحزاب جمعاء، مزقتهم حتى اقتربوا من الممات، تحسسوا رؤوسهم وفتشوا عن اشلاء ارواحهم، قالوا كلاما كثيرا محاولين دفن الثورة، لكن ان هم تناسوا ما عانيناه في ايام المجد الاولى فالثوار لن ينسوا، تعبوا كثيرا، بكوا في الساحات والشوارع حزنا وفرحا كبيرا، من لم يشارك ميدانيا ام روحيا في الثورة، سيتذكر نفسه حين يقرا التاريخ بعد اعوام، هل تحبون تاريخ لبنان الحديث؟.. ان احببتم ام لا، لا يهم، ثوار 17 من تشرين هم الذين كتبوه، هم فقط لا غير، اما البقية لا حصة لهم من "محطات التاريخ"، سيدركهم الرحيل!. 

الان ترمي الاحزاب الاتهامات فيما بينها كتحية الغرباء في الميناء، هي تخطت مرحلة الافلاس السياسي، وعاجزة عن طرح اي حل، تعاني صدمة على قدر فشلها الممتد لسنوات، فرضت الثورة تطورات لم يتوقعها احد، الاشتراكي يعالج ندوبه، ويضج بخلواته، الجبل اولا وما بعدي سراب، اما القوات تعود الى "معرابها" مرتدة بعد اندفاعة شابها اتهامات وربما حقائق حول محاولات سطو على الحراك، في حين تفتش الكتائب عن ذات مفقودة، وكأنها "الام الحنون" للثورة، لكن لم يرتمي احد بأحضانها، اما بعض "زعماء السنة" فيتسابقون في "تزيين" تاريخم وسجلهم الفائض بخدمات المليارات، مترافقا باخفاقات بدأت من طرابلس وصولا الى صيدا، وفيما جزر الفقر المرعب تناشد املا بغد افضل، ها هم يتحصنون بالمعابد الدينية حتى لا تهتز عروشهم بفلس واحد!. 

تجري هذه الاحداث وسط مراقبة "الثنائي الشيعي"، لقد تمكن من امتصاص النقمة و"الثورة" داخل بيئته، اقفل اي نافذة امل فتحها "الثوار" نحو خلق نواة سياسية ثالثة، صبر وانتظر حتى اتى قطف الثمار، قطاف يبدو في غير موعده، وقد لا يكون حلو المذاق، يسأل البعض عن الطرف الذي سيقود انهيارا مقبلا يبدو حتميا، من هنا يمكن الحديث عن معادلة جديدة افرزتها الثورة في النظام السياسي وهي "السلطة والمعارضة"، والتي غابت عن لبنان منذ  تكوين النظام السياسي بعد اتفاق الطائف، لكن القضية معقدة لانها تتأرجح بين سلطة تنهب الدولة ومعارضة هدّامة تخاف على مكتسباتها الغير محقة في النظام الطائفي، السؤال هنا اي من الاحزاب يستطيع قيادة حكومة جديدة تتحمل تبعات فشل يؤدي الى انهيار شامل؟

من تضج انفاسه "وطنية" وحرصا على الدولة، سيعارض الحكومة الجديدة بطريقة سلبية فوضاوية بكل تأكيد، هذه الاحزاب المعارضة تعتبر انها تعيش صراع البقاء لانها لا تستمر الا بنهب الدولة من داخل الحكومة، ولا تجيد المعارضة، لان مشروعها طائفي وليس وطني، كل ما جرى ان الثورة اجبرتهم على الخروج ، كذلك لا يريدون المشاركة مباشرة في رؤية البلد ينهار كاملا، في المقابل من سيتولى السلطة حاليا سيتعرض لضغوطات كبيرة سواء من "الحراك الثوري"، ومن الذين يعتبرون انفسهم "معارضين وطنيين" وتحديدا المستقبل والقوات والاشتراكي. 

اسئلة كثيرة تطرح حول موقف حزب الله وامل في المرحلة المقبلة، حاول الرئيس نبيه بري استرضاء الرئيس سعد الحريري بحصة وازنة في السلطة، لكن كان للحريري حسابات وشروط داخلية وخارجية تجاوزت ما كان متفق عليه مع الثنائي الشيعي لجهة "عقد الشراكة" في السلطة، وقفزت بشكل كبير فوق خطوط حزب الله الرافض لاي خروج من السلطة على قاعدة ما يعتبره حماية "ظهره السياسي" من مؤامرات محلية ودولية، متشبثا براية رفعها تكرارا بوجه خصومه عنوانها "مكافحة الفساد" كما يقول.

 تصلب الحريري دفع بحزب الله وامل والرئيس ميشال عون الى تحديد ساعة الصفر لاستشارات افضت الى تكليف الوزير السابق حسان دياب لتأليف الحكومة، في حين خرج الحريري بأكبر خسائر فهو لم يقبل بالعودة ولم يرشح ايضا السفير نواف سلام المقبول امريكيا، ولعل المواقف "المنمقة" للمندوب الامريكي دايفيد هيل في بيروت ولقائه المطول مع الوزير جبران باسيل، اظهر ليونة امريكية وصلت الى حد الموافقة لو المكرهة على تولي اي شخص غير الحريري رئاسة الحكومة، وفق مبدأ حفظ المصالح الامريكية وترقب مواقفها السياسية ومشاريعها الاصلاحية، هنا تدور الاتهامات والشكوك حول دور وقدرة باسيل على معاودة الامساك بالسلطة عبر التشكيلة الحكومية المفترضة.

ينتظر الحريري وحلفاؤه الافتراضيين حكومة حسان دياب في البرلمان ليحجبوا الثقة عنها، يدرك حزب الله هذا السيناريو، لكنه لن يتراجع وسيذلل العقبات المحيطة بشكل الحكومة بين تكنوسياسية او تكنوقراط، مع الاشارة الى ان الصيغتين لن يغيب عنهما الظل السياسي، ولكن لحزب الله ضرورات تدفعه لتجنب اي مواجهة مذهبية تعيد خلط الاوراق، لذلك لا يزال مصمما على دفع جبران باسيل الى تشبيك خيوط التأليف والقيادة، خيوط بات باسيل الاكثر ادراكا لحساسيتها، لا ننسى انه حاول التنصل منها لكن حزب الله والرئيس بري اجتذباه، يعزفون له سيمفونية القدر الجميل"المركب في البحر لنا جميعا وانت انت يا جبران وحسان دياب من تقوداه وتطوفان به!".


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa