"زوال اسرائيل" و "خروج القوات الامريكية من المنطقة".. من يدفع الثمن !

16/01/2020 02:30PM

نامت الازهار نهاية نيسان، واختفى الضباب عن التلال، توترت خطى "اليزابيت" سهاما ولم تعد ترى سوى قمم الجبال، بقي البرد يلفح عيناها حتى ادمعت من شدة التحسر وكأنها تحمل الندى، كم تأخرت، لم تجد  توأميها "جولي" و "جوليان"، ظلت تفتش عنهما بين المنحدرات وتتنهد موجة موجة على مقعد حجري تحت شجرة تفاح.. لكنها فجأة استفاقت وهدأت، ثم عادت وتذكرت خطاياها بحقهما، كاد ان يطبق "الكابوس" على قلبها الاسود.. لقد تبنتهما لغايات شريرة، يالهذا التناقض القاتل.. لهذا فروا منها.. لم تدرك ما تخلفه القضية من عواصف ورياح !كابدت "القضية الفلسطينية" صراع الاقربين والابعدين، تعبت كثيرا، حين وقع رئيس السلطة الفلسطينية ياسر عرفات اتفاقية اوسلو عام 1993، احتد الخلاف بين "دعاة التطبيع" و"دعاة المقاومة"، كثيرون اعتبروا عرفات "الخائن الاكبر"، لم تكن الاحوال العربية حينها في افضل حالها، سبق "اوسلو" اتفاق "كامب ديفيد"  بين رئيس الوزراء الاسرائيلي مناحيم بيغن والرئيس المصري انور السادات عام 1978، تراجع الزخم العربي امام التقدم الاسرائيلي اضعف موقف السلطة الفلسطينية، لا تزال "حركة حماس" تعتبر "اوسلو" اتفاقا باطلا، وصفته بـ "المشؤوم"،  لكن هل قدمت حلا سياسيا، هي تقول ان "المقاومة" العسكرية هي الحل الوحيد، وما بين هذا وذاك لا يزال المسار مستمر، وتستمر معه حروب اثقلت كاهل المنطقة وشعوبها فقرا وتشردا ودمارا، الى اين؟.. هل استفادت القضية وشعوبها؟

انظمة عربية كثيرة رفعت شعارات "القضية" لاسباب سلطوية واخرى سياسية تتناغم وعواطف شعوب المنطقة لترسيخ حكمها الداخلي، انكفاء الحركات التحررية القومية والشيوعية اثر تفكك "الحركة الناصرية" عزز صعود "الاسلام السياسي" من افغانستان الى ايران مطلع الثمانينيات، كان هذا التطور الاهم في "اسلمة" التوجهات نحو "تحرير فلسطين" واستثمار ما تبقى من "الصراع العربي الاسرائيلي".

تتهم "الثورة الايرانية" واشنطن بانها السبب الرئيسي لمشاكل المنطقة وتتحدث عن "صغار الشياطين" في اصطناع الأزمات الموجودة، ليس هذا غريبا عن "ايديولوجيات " النظام الايراني حيث عمل ومنذ تمدده في الاقليم الى تصدير الثورة وخلق "فصائل المقاومة" لمواجهة الاستكبار العالمي كما يقول، هذا النفوذ انطلق من بوابة "القضية الفلسطينية" ليتعزز سياسيا وامنيا في عدد من العواصم، وما الربيع العربي سوى المنعطف الاكبر في ابراز مكامن القوة والضعف في التمدد الايراني الذي اعتمد على خلق "منظمات" داخل الدولة بعناوين متعددة.

عام 2016 قال المرشد الإيراني السيد علي خامنئي ان "إسرائيل" ستزول من الوجود في غضون الـ 25 عاما المقبلة، شريطة "الكفاح الشامل والموحد" ضدها، نهج وموقف خامنئي يرتكز على مواقف مؤسس الثورة الايرانية الامام الراحل "روح الله الخميني" الذي اكد مرارا نهائية "زوال اسرائيل" متوعدا ايضا بدحر "الشيطان الاكبر" في اشارة الى الولايات المتحدة الامريكية من المنطقة.

تمدد تلقى الضربة الاقسى بمقتل منفذ السياسات "الصدامية" الايرانية في المنطقة قائد فيلق القدس اللواء قاسم سليماني، انه التحول الامريكي الاكثر حزما وتشددا خلال فترة ولاية الرئيس الامريكي دونالد ترامب، لم تمضي ساعات على قتل سليماني حتى بدات ايران محاولة اعادة الاعتبار لهيبتها كقوة اقليمية، هي لم تكن تتوقع مجاهرة الادارة الامريكية امام العالم بتصفية سليماني والتهديد بتحرك اوسع ضدها يطال قلب العاصمة طهران.

النظام الايراني والفصائل المنضوية في فلكه، رفعوا شعارا اعتبروه موازيا لقتل سليماني وهو "اخراج القوات الامريكية من المنطقة"، انه الحشد الاكبر للكفاح الشامل الموحد الذي توعدت به "الثورة الايرانية" قبل عقود، كفاح حتى الساعة لا ملامح امنية وعسكرية واضحة يرسم من خلالها استراتيجية خروج هذه القوات من المنطقة، يبدو ان الطريق ملبد بصعوبات كبيرة، ويربطه كثيرون من خصوم ايران بشعارها المزمن "زوال اسرائيل"، انها المصادفة المقدرة بين قتل الادارة الامريكية لمنفذ السياسات الايرانية في المنطقة و اعادة تجديد الشعارات العابرة للحدود الجغرافية، ربما المصادفات ايضا سجن سوء قدر الحالمين والقوميين من بغداد الى بيروت وما رحل منهم ظلما في ربيع العمر.

انه الجنون، جنون من يحبون اوطانهم، فقط قضايا اوطانهم، دارت بهم ريح الصراعات الاقليمية والدولية، فماذا نقول لهم.. ذهب الذين نحبهم فأما ان نكون او لا نكون.. وانا ماذا اقول.. لا شيء.. ايحتاج جرح الى شاعره ليرسم رمانة من الغياب!.. اني ولدت لكي احبك.. هات قلبك.. اني ولدت لكي احبك.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa