في مشهدية الأمس: بين النبيه والجميل ... من كان السيد؟

28/01/2020 03:52PM

بالأمس وقف النائب جميل السيد على منبر الكلام في قاعة مجلس النواب ليدلي بمداخلة قانونية، دستورية، تفصيلية فندت ليس فقط الدستور إنما أيضاً النظام الداخلي لمجلس النواب.

نعم، دخل بالأمس جميل السيد إلى عرين رئيس مجلس النواب نبيه بري، وقف إلى يمينه في منبر الكلام، وعينه إلى اليسار إلى حيث يجلس بري، وربما عينه على الكرسي الذي يجلس عليه بري.

فما فعله السيد، بسيد المجلس لم يكن بريئاً. 

صحيحٌ أنه غازله، وشكره على تدخله في إحدى الحوادث التي حصلت (يوم غرد طالباً منه أن "يضب" أحمد بعلبكي١) لكن حقيقة كلام السيد كانت غزلاً وتشكرات في الشكل ومنافسة شرسة وانتقاداً في المضمون.

كيف؟

دخل السيد في لعبة الدستور والقانون ليفند كيف أن المجلس دخل العقد الأول في ظل حكومة تصريف أعمال، حكومة لم تنل الثقة بعد وفي ظل موازنة أنجزتها لجنة المال في 2020-01-07 لكن الحكومة أرسلتها في 2020 - 01- 21 قبل يوم واحد من بداية العقد الثاني للمجلس! 

"حتى لو أراد فخامة رئيس الجمهورية أن يمارس حقه المنصوص عنه بالمادة 86 باسترداد مشروع الموازنة لن يستطيع" قال السيد شارحاً أن رئيس الجمهورية يحتاج إلى مرسوم لاسترداد المشروع الذي وصل بمرسوم، والحكومة غير موجودة لإصدار المرسوم، لأنها لم تنل الثقة بعد، وبالتالي لا يمكن للرئيس استرداد مشروع الموازنة.

كذلك شرح السيد كيف أن رئيس الحكومة لا يمكنه هو أيضاً استرداد مشروع الموازنة لسبب بسيط لأن المشروع أرسل بمرسوم ويعاد بمرسوم! 

غاص السيد في تفاصيل "الحالة السريالية الفوضوية غير المسبوقة التي لا ينطبق عليها أي نص دستوري قائم لا في لبنان ولا في أي بلد آخر" كما قال.

دخل في تفاصيل النّظام الدّاخلي للمجلس، ليخلص في النهاية إلى القول إن الأمور "مسكّرة من كلّ الميلات".

"مسكّرة" لناحية إقرار الموازنة بمرسوم، "مسكّرة" لناحية إمكان إستردادها و "مسكّرة" لناحية فتح دورة إستثنائية لأن الحكومة عاجزة عن ذلك وهي لم تنل الثقة بعد! 

"شغلة واحدة مش مسكّرة دولة الرئيس" قال السيد متوجهاً إلى بري وهي أنه بحسب النظام الداخلي للمجلس يحق للنواب طلب رد المشروع إلى الحكومة لكن الحكومة هنا غير مفوضة وهي حكومة تصريف أعمال ... ليصل السيد إلى نتيجة أنه على الحكومة أن تنال الثقة وتسترد المشروع لأنه ليس لها ... "فهو مشروع مفصل على قياس الحريري وعم نلبّسها ياه!" ليرد بري: "القاضي راضي!" ويخلص السيد: "إذاً الرئيس دياب بات ملزماً بالموازنة!".

لعب السيد دور سيد المجلس لمدة ١٣ دقيقة و٥٦ ثانية وربما تمنى أن يطول الوقت أكثر لكن "اختصرت كرمالك دولة الرئيس" قال متوجهاً لبري! 

واضح أن السيد كان يحاول إفهام الجميع أنه عليم بكل القوانين وبكل ما يقوله الدستور، وأنه يعرف جيداً النظام الداخلي لمجلس النواب، ويتقن لعبة إدارة هذا المجلس في كل كواليسها ومطباتها (القانونية وغير القانونية) إن سنحت له فرصة القيام بذلك! 

وواضح في المقلب الآخر، أن بري فهم لعبة السيد، وكان مصغياً لكلمته أشد إصغاء وكأنه يقول للسيد: "واعيلك وفاهم قصدك كتير منيح!" وخصوصاً أن بري ابتسم خلال كلام السيد أكثر من مرة، ابتسامة العارف نوايا وخفايا كلام السيد. والأهم كانت حركة جسد بري تجاه السيد أي ال "Body language" للرئيس بري، فهو كان جالساً على كرسيه، "معرّماً"، موسعاً كتفيه، جسده وكرسيه يميلان إلى اليمين إلى حيث السيد، ينظر إليه، واضعاً رجلاً فوق ركبة الرجل الأخرى وكأنه بذلك يقول للسيد: "ما زلت أنا السيد! ... وإن كنت أنت سيد الحكومة بتشكيلها وباختيار معظم وجوهها فهذا لا يعني أنك سيد المجلس ... فأنا لا أزال سيد هذا الكرسي إلى أن يشاء الله (أو ربما "حزبه" ومن معه وضده من القوى الخارجية) عكس ذلك!


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa