لبنان بين "صفقة القرن" و "حتمية الانهيار" !

28/01/2020 04:00PM

كتب يحيى شمص في السياسة:

"انا من هناك، انا من هنا، لست هناك ولست هنا، لي اسمان يلتقيان ويفترقان، لا ادري هل انا على الارض ام في السماء".. هذا كلام جندي لا يعرف الى اي ضحية ينتمي، كان يعتقد ان الهوية دفاع عن الذات، لم يعلم انه احد وقود الحرب، وان الهوية في النهاية ابداع صاحبها لا وراثة الماضي، وفيما تسقط خطاياه تباعا كان المجاز ينام على ضفة النهر، ولولا "التلوث" لاحتضن الضفة الثانية، على هذه الضفة تحديدا تجسو الحقيقة في حقل الزهور، توزع دم الضحايا كزنابق حمراء، لا تقول لهم ماذا تخبئ الايام، وأن تاخر فصل الربيع اكتفت بنقل اشارة عن انكفاء الخريف! 

انتفاضة 17 تشرين اسقطت قناع "امراء الحرب"، انها افرازات الاقتتال الداخلي، كل ثائر صادق يعلم من يتحمل "قذارة" تلك المرحلة المجنونة، اما "الثائرون المتحزبون" لا نعلم ماذا يريدون، هم لا يريدون الخروج من "العبودية المقدسة" ولا يسمحون للثوار بالخروج نحو الحرية، انها "الديماغوجية" المستعصية، لا خلاص في التذكير بانجازات زعماء الطوائف التي نسفت دولة القانون والمؤسسات، لن نتحدث عن قراراتهم الكارثية ابدا، فقط لنراقب ما يحصل من تدحرج دراماتيكي نحو انهيار اقتصادي اجتماعي هو الاشد قسوة منذ قيام لبنان، ارقام مخيفة وخطة اصلاحية شبه مستحيلة، اما السلطة السياسية فتحكمها تناقضات مع ذاتها قبل تلك التي مع اخصامها، كل ما تسعى اليه الحكومة الحالية ومن يدعمها هو الخروج باقل خسارة ممكنة، لكن هل تتوفر القدرة الكافية لهذا الخروج؟

في اخر تقرير له اكد معهد التمويل الدولي" استحالة خروج لبنان من الازمة الاقتصادية ما لم يحصل على 24 مليار دولار خلال الاشهر المقبلة، والى حوالي 6 مليار دولار قبل شهر اذار والا فنحن امام كارثة حتمية لجهة نقص في الدواء وعدم دفع رواتب الموظفين والعسكريين، هنا تطرح اسئلة عن الجهة التي يمكن ان تساعد لبنان.

الطرف القادر على ضخ الاموال هو الخليج وتحديدا السعودية والامارات، وهاتان الدولتان لا تقدمان مساعدات الا برضى امريكي لا يبدو متوفرا الا بشروط سياسية، اما الطرف الاخر فهو البنك الدولي الذي يمكن ان يحقق مزيدا من النفوذ الامريكي المالي والسياسي في لبنان تحت عناوين محاربة الفساد ولكن هذه الخطوة تبدو شبه مستحيلة، كيف ذلك والبلاد بعد 4 اشهر من ثورة طالبت بمحاربة الفساد لم يحاسب ويسجن خلالها فاسد واحد! .. وهي تعج بالفاسدين.

يترقب الغرب حاليا ولا سيما واشنطن البيان الوزاري لحكومة الرئيس حسان دياب، بيان يبدو انه اقرب الى التزام حكومي بشروط سياسية اولها حياد لبنان عن ازمات المنطقة، وفي حال لم يرضي البيان الوزاري الامريكيين والخليجيين لو بعبارات مكتوبة وبتعهدات من الرئيس حسان دياب فان البلد سيبقى متروك لمصيره، اي مع هذه "الطبقة العمياء" المتناتشة حتى على "النفايات"، ليس لانها غير قادرة على حل هذه "الازمة"، بل لانها كانت تتزاحم فيما بينها حول ارباح اي مشروع حل ينتشل "زبالتها" المنشرة في الشوارع وعلى شواطىء البلاد.

ليس هذا فقط، ماذا عن موقف لبنان المرتقب بشأن صفقة القرن، وتحييد "حزب الله" عن اثارة اي بلبلة تثير غضب الامريكيين، مع العلم ان  الاطراف التي ترصد بدء تنفيذ الصفقة لا يهما ردود الفعل اكثر من بنود الصفقة نفسها.

وتنص الصفقة على تخصيص 50 مليار دولار لتمويل مشاريع في مناطق الدولة الفلسطينية المفترضة، في وقت تتحدث معلومات إن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان وأمراء الخليج تعهّدوا للأميركيين بدفع هذه المبالغ.

  قد يكون للبنان حصة من هذه المليارات للسير بهذه الصفقة توازيا مع محاولة انقاذه من الانهيار الاقتصادي، لا يمكن الفصل بين ما نعانيه اليوم ومن ما تخطط له الادارة الامريكية للمنطقة و ما حصل لبلادنا بسبب السياسات العبثية للاحزاب الحاكمة قبل اي سبب اخر.

الرئيس الامريكي دونالد ترامب يريد بدء تنفيذ بنود الصفقة بهدوء خلال الاشهر المتبقية من حكمه، هو لا يريد الاصابة بصداع في الراس كما حصل مع جنوده في قاعدة عين الاسد حين قصفتها الصورايخ الايرانية  "الدقيقة"، مع العلم ان طهران و ما يسمى "محور الممانعة" تحدث عم مقتل ما يقارب 80 جنديا امريكيا، لكن حتى الان لم يعثر احد على تلك الجثث !


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa