بين وعود إيران المُحاصَرة ونصائح صندوق النقد المشروطة... عجز السلطة يكبُر

18/02/2020 07:18AM

مع استمرار الأزمة المالية والنقدية والارتفاع الجنوني في اسعار المواد الغذائية وبقاء الدولار على وتيرته التصاعدية، وفي غياب أية بارقة أمل لإعادة التوازن الى المرافق الحيوية التي تهم المواطنين وعدم توقيع رئيس الجمهورية حتى تاريخه على قانون موازنة العام 2020 التي أقرها مجلس النواب، لم تُسجِّل زيارة رئيس مجلس الشورى الايراني علي لاريجاني إلى لبنان اي خرق في جدار الأزمة المتفاقمة؛ بل أعادت تظهير الخلفية الحقيقية لفريق الحكم الحالي.

وإذا كانت تصريحات المسؤول الايراني بقيت في اطار الوعود والعموميات، ولم تحمل استعدادًا فعلياً من قبل ايران لمساعدة لبنان، فإن السواد الأعظم من اللبنانيين لم يعوّلوا كثيرا على هذه الزيارة في ظل العقوبات الدولية المفروضة على طهران.

لكن المسؤول الايراني الذي جال على الرؤساء الثلاثة والتقى عددا من الشخصيات اللبنانية والفلسطينية، بالاضافة الى الامين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، لم يحدد في تصريحاته ومواقفه ماهية المساعدات التي تنوي ايران تقديمها للبنان.

وفي سياق التعليقات على زيارة لاريجاني، رأت مصادر مقربة من حزب الله عبر "الأنباء" ان الزيارة "مهمة وبناءة، فهي جاءت لتؤكد أن لبنان لم يعد متروكًا، وأن الجمهورية الاسلامية بإمكانها أن تعوّض عليه كل ما فاته من المساعدات التي وُعد بها من بعض الدول العربية والاوروبية أكان من خلال "سيدر" او سواه"، وفق مصادر الحزب، التي اعتبرت ان "ايران لا تتعاطى مع لبنان من خلال حزب الله أو أصدقائها، بل تتعامل معه كدولة مستقلة وحليفة لها في هذه المنطقة". 

في المقابل فإن مصدراً في القوات اللبنانية رأى في اتصال مع "الأنباء" ان أي زيارة خارجية تصب في مصلحة الدولة اللبنانية تكون موضع ترحيب، واستدرك: "طبعاً إيران دولة موجودة على مستوى المنطقة، إلا أن هذه الزيارة تأتي في سياق رغبتها بتوجيه رسالة الى الدول التي تفرض عليها عقوبات بأنها موجودة وقادرة على التحرك؛ وأنها لا تعير هذه العقوبات اي وزن. كما أن الزيارة التي يقوم بها لاريجاني هي أول زيارة لمسؤول أجنبي الى لبنان في ظل شعور بنوع من المقاطعة الخارجية للوضعية السياسية للحكومة الجديدة. وعليه فإن إيران قررت ان تستبق الجميع والقول انها موجودة على الساحة اللبنانية وأن هذه الساحة غير متروكة". وأضاف المصدر: "بالنسبة لنا كقوات لبنانية لا مشكلة لنا مع ايران كدولة، انما المشكلة عندما تصرّ ايران على ان تدعم حزب الله وليس الدولة اللبنانية. فبالنسبة لنا مشروع الدولة هو الاساس".

وزير الاقتصاد السابق آلان حكيم اعتبر بظوره في حديث مع "الأنباء" ان زيارة لاريجاني تأتي في اطار ينفي ما كان يقوله أمين عام حزب الله حسن نصرالله ان حكومة حسان دياب ليست حكومة حزب الله، اذ يمكن اعتبار الزيارة أول زيارة دولية من الخارج لتهنئة الحكومة اللبنانية"، ورأى أن التواجد الايراني اليوم في لبنان "جاء بعد ان اقتُلع لبنان من محيطه الاقتصادي الطبيعي العربي ولم يعد لديه صلة، ليحط في مجتمع غريب عنه وعن اقتصاده، والبرهان أن هذه الزيارة لم تخدم الوضع الاقتصادي المنهار، فالدولة اللبنانية مفلسة وهي على هامش اهتمامات المجموعة الدولية فلا يتعاطى معها احد ولا يزورها احد، والمشكلة ان لبنان يعيش حالة طلاق مع المجتمع الدولي".

وإلى زيارة لاريجاني الذي غادر بيروت مساء أمس؛ فإن زيارةً أخرى لوفد من صندوق النقد الدولي شغلت اللبنانيين؛ وهي زيارة علّق عليها المصدر القواتي بالقول إن "رأي صندوق النقد أساسي بكيفية خروج لبنان من هذه الازمة سواء عن طريق جدولة الدين او اعطاء النصائح التي قد تعتمدها الحكومة بالنسبة لليوروبوند"، مشيرا الى ان "القوات يهمها الخروج من الازمة مخافة سقوط لبنان، وهذا الاهتمام بكيفية مساعدة لبنان مرحّب به وبالتالي يجب ان نعرف ما هي الاقتراحات، فلا نحكم على المواقف وليس على الافكار، فلبنان دولة مفتوحة على الجميع بمن فيهم ايران اذا كانت تريد ان تساعد لبنان كدولة، لكنها غير مرحّب بها اذا استمرت بدعم فئة من اللبنانيين على حساب باقي القوى السياسية وعندها يمكن ان نحكم على مواقف لاريجاني".

في غضون ذلك وصف حكيم زيارة وفد صندوق النقد الدولي الى لبنان بـ"الايجابية"؛ لكنها "لا تكفي وحدها، فلبنان يحتاج خارطة طريق تعيد اليه اعتباره أكان من قبل صندوق النقد او غيره، لذلك المطلوب اليوم جدولة الدين العام". وأضاف: "الحكومة لغاية الآن لم تتخذ اية خطوة ايجابية، وهي عاجزة عن ايجاد اي حل للازمة ما لم يُتخذ قرار بتقليص حجم القطاع العام"، سائلاّ "هل من احد في السلطة لديه استعداد لتنفيذ هذا المشروع؟ طبعا لا". وتابع: "اما النقطة الثانية فهي التهريب الجمركي، فهل الحكومة قادرة على مكافحة هذه المشكلة؟ لا مؤشرات حتى اللحظة لذلك. وهذه الاصلاحات اذا ما طُبقت يجب ان تستفيد من صندوق النقد الدولي، لكن ذلك وحده لا يكفي، والمواطن اللبناني مستعد لمساعدة الدولة، فهل الدولة قادرة على اعطائه الضمانات المطلوبة؟ هنا يكمن السؤال".

وعن الموقف من عدم دفع سندات يوروبوندز، قال حكيم: "عدم الدفع هو امر خارج الدراسة والنقاش بالنسبة للهيئات المالية العالمية"، مؤكدا انه "اذا كنا نريد الذهاب الى الشعبوية يمكننا القول بعدم الدفع، ولكن هل نعلم ما الكلفة اللاحقة اذا لم ندفع؟ إن دفع الاستحقاقات في موعدها علامة ايجابية تجاه الهيئات الناظمة واعطاء اشارة ايجابية رغم الامكانية غير المتوفرة، ولكن اهم من كل ذلك معرفة ماذا لدينا من احتياط، واذا كان لدينا الاحتياط فمن الافضل. فالتسديد تعبير عن حسن النية ومبادرة ايجابية من الدولة تجاه الدائنين؛ والدولة يجب ان يكون لديها رؤية واضحة اذا كانت تريد ان تسدد ام لا، لأن عدم التسديد كارثي لا سيما وأن الاستحقاق المقبل يأتي بعد شهر من الاستحقاق الأول".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa