جعجع يطالب «حزب الله» بـ 3 خطوات للمساعدة على إنقاذ لبنان

18/02/2020 07:28AM

لم يكن عابراً أن يدشّن رئيسُ مجلس الشورى في إيران علي لاريجاني زياراتِ التهنئة الخارجية بالحكومة اللبنانية الجديدة في الوقت الذي تجهد بيروت، في إطار محاولاتِ استقطابِ دَعْمٍ خارجي يوقف تَدَحْرُج كرة الانهيار المالي، لـ "تمويهِ" انقطاع الخيْط الرفيع الفاصل بين الدولة و"حزب الله" وامتداده الاقليمي والذي ظهّرتْه بلا لبْس تشكيلة اللون الواحد التي وُلدت في كنف الحزب وفريق رئيس الجمهورية ميشال عون والغالبية البرلمانية التي يُمْسِكان بها.

وجاءت محادثاتُ لاريجاني أمس مع عون ورئيسيْ البرلمان نبيه بري والوزراء حسان دياب مُدَجَّجَةً بالرسائل انطلاقاً من الأبعاد الاقليمية النافرة لـ "إغراق" الحكومة الوليدة - التي اعترف "حزب الله" علناً بلسان السيد حسن نصر الله بأن القول إنها حكومته "يؤذي لبنان وعلاقاته العربية والدولية" - بالاحتضانِ الإيراني المباشر لها، بما جَعَلَ أي قراءةٍ لهذه الزيارة خارج "الصحن" الاقليمي أمراً غير واقعي.

ولاحظتْ أوساطٌ واسعةُ الإطلاع عبر "الراي" أن زيارة لاريجاني (التقى نصر الله ايضاً) على رأس وفدٍ برلماني، وإن نُقل عن مصدر بالسفارة الإيرانية أنها أتت بدعوةٍ رسمية من بري "للبحث بمسائل برلمانية"، فإنّها قد توفّر مادةً دسمةً للأطراف الخارجية التي تضع لبنان بدائرة المراقبة اللصيقة لكيفية إدارة التحوّل السياسي الذي عبّرتْ عنه الحكومة بما يُبْقي على مَنْفَذٍ لـ "دول الدعْم" لإشاحة النظر عن التصاق السلطة بالكامل بـ "حزب الله".

وتوقّفت الأوساط عند وصول لاريجاني آتياً من دمشق وفي طريقه إلى بغداد، ما جَعَلَ محطتَه اللبنانية كأنها من ضمن "الأوعية المتصلة" بين "هلال النفوذ" الإيراني وحلقاته المترابطة، في الوقت الذي تمْضي واشنطن بتشدّدها حيال طهران وأذرعها وبمقدّمها "حزب الله"، وأيضاً فيما تتخذ الدول العربية والخليجية، التي يحاول دياب طرْق بابها لزياراتٍ متوالية، وضعيةَ الانتظار للتموْضع السياسي العملي الذي ستتخذه الحكومة.

وأتى كلام لاريجاني في مؤتمره الصحافي مساء أمس ليزيد من "متاعب" لبنان الرسمي، إذ هاجم واشنطن معتبراً "ان جريمة اغتيال اللواء قاسم سليماني تُعدّ جريمة إرهاب وهي عملية جبانة ومستنكرة وأسلوبها يدل على ضعف الولايات المتحدة التي لم تستطع أن تحقق أهدافها بأساليب أخرى"، معتبراً "أن إتخاذ الحكومة العراقية قرارات كإخراج القوات الأميركية ناجم عن تصرفات الولايات المتحدة على الأراضي العراقية".

ورأى "أننا لسنا بحاجة أن نقوم بزيارات رسمية لتحقيق إنسجام بين قوى محور المقاومة والزيارات التي قمت بها إلى سورية ولبنان أتاحت لي فرصة لقاء قادة المقاومة في البلدين"، وقال: "لا نخفي دعمنا للمقاومة والمفاوضات التي أجريناها مع المسؤولين اللبنانيين تناولت كافة المجالات الإقتصادية والصناعية والتجارية"، مضيفاً: "حزب الله ليس إرهابياً ولن نسمح لأي دولة بتصنيفه على قائمة الإرهاب و"الحزب" سند للبنان وتصدى للعدوان الإسرائيلي وهو رأس مال كبير للبنان الشقيق".

واعتبرتْ الأوساط أن مواقف لاريجاني الهجومية سواء ضدّ واشنطن، أو عن دعْم الحكومة والذي يترك علامات استفهام حول آفاقه العملية في ضوء ما سيرتّبه من وضْع لبنان على تماس مع "خط التوتر" العالي للعقوبات الأميركية، تطرح علامات استفهام حول تأثيراتِه على مَساعي بيروت للخروج من المأزق المالي الخطير والتي ستتبلور "خريطة طريقِها" انطلاقاً من الخيار الذي سيُعتمد بشأن سداد أو عدم سداد استحقاق اليوروبوندز (1.2 مليار دولار) في 9 مارس المقبل، وهو الخيار الذي استدعى من أجله لبنان مشورة صندوق النقد الدولي.

مجمل هذا الواقع المالي - السياسي كان على الطاولة في معراب، مقرّ رئيس حزب "القوات اللبنانية" الدكتور سمير جعجع الذي استضاف عدداً من الصحافيين في جلسة حوارٍ، شاركت فيها "الراي"، وتطرّق خلالها إلى خياراتٍ ما زالت متاحة أمام لبنان لمنْع السقوط المالي، والموقف من الحكومة الجديدة، ومسؤولية "حزب الله" في المساعدة على إنقاذ البلاد، وإمكان قيام جبهة سياسية معارِضة بملاقاة التحديات الـ "ما فوق عادية".

ورغم الواقع القائم، رأى جعجع أنه "في حال توافرتْ الإرادةُ السياسية للإنقاذ يمكن أن ننتقل من جهنّم الحالي إلى جنّة، فالدولة أصولها موجودة والبنى التحتية قائمة، والطاقة البشرية هائلة، وتالياً بإمكان الحكومة القيام بخطوات متاحة لإثبات جدّيتها بعملية الإنقاذ وإلا لا مناص من الذهاب لانتخابات نيابية مبكرة".

ووصف موقفه من الحكومة بـ "الليّن"، معلناً "لم نمنحها الثقة لِما انتابَ عملية تشكيلها ولأن بيانها الوزاري شكّل خيبة أمل كبيرة لنا، لكننا نريدها أن تنجح"، واضعاً أمامها "جدول أعمال" من 6 نقاط للحُكم على جديتها وتحديد طريقة التعامل معها وهي "تنقية الإدارة من الموظفين الذين لا يعملون، أو أقلّه من الـ 5300 موظف الذين عُيّنوا من خلف ظهر القانون الذي مَنَعَ التوظيف، ضبْط الحدود وقفْل المعابر غير الشرعية التي تحرم الخزينة نحو 200 مليون دولار سنوياً، وإعادة النظر بآليات الجمارك نظراً لما تَتَكَبّده الخزينة من خسائر تراوح بين 500 مليون ومليار دولار بفعل التسيّب على المعابر الشرعية، وتشكيل الهيئات الناظمة للاتصالات والكهرباء وفق القانون النافذ".

وحرص جعجع على توجيه رسالةٍ للسيد نصر الله رداً على دعوته لتشكيل "لجنة من الموالاة والمعارضة" لمساعدة الحكومة، فقال: "يا سيد حسن، أمضينا 10 أعوام موالاة ومعارضة في حكومةٍ واحدة، فماذا كانت النتيجة؟"، مضيفاً: "هل علينا نحن مساعدة الحكومة أم عليها هي أن تساعدنا؟"، وتابع: "نحن أمام حكومة فريق واحد ويفترض أن تكون لديها فرصة النجاح، والخشية أن يكون الكلام عن الحاجة لمساعدة الحكومة بداية تهرب من المسؤولية".

واعتبر أن "حزب الله أكثر مَن يمكنه مساعدة الحكومة وكل الوضعية اللبنانية عبر 3 خطوات: أولها رفْع الغطاء عن الفاسدين من حلفائه، وثانيها الانسحاب من مشكلات المنطقة، من العراق واليمن وسورية، فتدخُّله في تلك المشكلات بمواجهة خياراتٍ إقليمية تساعد لبنان ارتدّ سلباً على البلاد، وانسحابه من هناك لن يؤدي إلى انهيار تلك الدول وبإمكان إيران ملء الفراغ بسواه. أما الخطوة الثالثة فوضْع سلاح "حزب الله" بيد الدولة، إذ ما من أحد سيساعد دولةً أو يحترمها فيما القرار الاستراتيجي خارجها".

وأعلن أنه إذا بادرتْ الحكومة لخطواتٍ إنقاذية جدية يمكن ترْك فسحة أمامها وإلا ستكون أمام حائط مسدود لا يمكن خرْقه إلا بانتخاباتٍ نيابية مبكرة وفق القانون الحالي"، معتبراً أن "الذين يطالبون بقانون جديد يريدون انتخابات مؤخّرة لا مبكرة"، ومشيراَ إلى أن "الانتفاضة الشعبية كانت الخلاص الوحيد للبنان ولولاها لَكانت الحكومة السابقة ما زالت قائمة".

ونفى جعجع ما يشاع عن عودة النفوذ السوري إلى لبنان "فالنفوذ السوري غير موجود في سورية التي ترزح تحت نفوذ إيراني وروسي، إضافة الى التركي الآن"، مشيراً إلى "أن أكثر مُعارِض لعودة النفوذ السوري هو "حزب الله" الذي لا يريد لأحد مشاركته".

وعن علاقة "القوات" بـ "تيار المستقبل" بزعامة الرئيس سعد الحريري والحزب التقدمي الاشتراكي بقيادة وليد جنبلاط وإمكان التكاتف في جبهة معارضة سياسية، قال: "نحن متفاهمون مع الحريري على المسائل الاستراتيجية والعامة، ولكن هذا لا يكفي وعلينا الاتفاق على المسائل المرتبطة ببناء الدولة. أما جنبلاط فنحن ننسّق معه لكنه لا يريد الذهاب أكثر مما هو عليه موقفه الحالي".

أما في شأن الدعواتِ لإسقاط العهد (الرئيس عون) فأوضح جعجع "ليقُل لي مَن يدعو لإسقاط العهد ماذا بعد إسقاطه ... عندها أقول موقفي في هذه المسألة"، لافتاً إلى "أن اي انتخابات مبكرة ستقلب الأكثرية البرلمانية من ضفة إلى أخرى".

وحين سئل عن قراءته لاحتمالات الحرب في ضوء تصريحات اسرائيلية، ردّ جعجع: "المواجهة الاميركية - الايرانية مستمرّة في المنطقة، وفي لبنان ثمة قضية إضافية تتمثل في مشكلة الصواريخ الدقيقة التي يملكها حزب الله"، كاشفاً "ان اسرائيل سبق أن بعثت برسائل الى الحكومة و"حزب الله" بالواسطة عبر مسؤولين غربيين حذّرت من مغبة وجود هذه الصواريخ، ويومها ناشدتُ الرئيس عون وأعاود مناشدتَه الآن، فنحن بغنى عن حرب".


المصدر : الراي الكويتية

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa