عقدة الكهرباء.. اتفاق سري في الطائف أم قيد بيد كارتيلات السياسة؟

21/02/2020 10:34AM

في الفترة الأخيرة، عاد ملف الكهرباء بصورة مباشرة ليطفو على سطح التجاذبات السياسية وتراشق الإتهامات بين الأفرقاء. على الرغم من أن الضغط بإتجاه هذا الملف الاكثر حساسية وأهمية بالنسبة للبنانيين يصوّر على انه بهدف إيجاد حل لمعضلة عاشها لبنان منذ العام 1992. فخلال الـ 28 سنة هذه كان كل ما اقترب ملف الكهرباء من الوصول إلى الحلّ يصطدم مجددا بما يعيده إلى نقطة الصفر. 

يتحدث البعض عن اتفاق ضمني مرّ من تحت طاولة الطائف، وقضى بتقسيم عملية تجارة النفط ومشتقاته بين الميلشيات التي خاضت الحرب الأهلية تلك. ويرى هؤلاء أنّ التدقيق في هوية مستوردي النفط يظهر أنّ معظمهم مرتبط أو يشكّل واجهة لطرف سياسي معيّن وهي تشمل سياسيين من كل الطوائف. 

وفي هذا الإطار، تتسلّح المصادر بما جرى مع وزير الطاقة الأسبق شاهي برصوميان حيث تمّ توقيفه وإعادة إطلاق سراحه بعدما بُرّئ وكانت التهمة في وقتها متعلقة بكارتيلات النفط. 

وتشير المصادر الى أنه كلّ مرة يتصادم فيها السياسيون مع تجار النفط على الحصص  يقع التجار ضحية الابتزاز السياسي، معتبرين أن قضية رجل الاعمال بهيج أبو حمزة والذي سجن بعد دعاوى رفعها ضده رئيس حزب التقدمي الإشتراكي وليد جنبلاط، المثال الأبرز على ذلك. لذلك فإن الطريقة الافضل أمام السياسيين كانت العرقلة الدائمة لأي حل ممكن أن يقدم في ملف الكهرباء، ليبقى بالمقابل كارتيل مولدات الكهرباء ناشط بالتوازي مع كارتيل النفط.  

إلّا أنّ وفي بحث بسيط، يتضّح أنّ معظم شركات النفط في لبنان MEDCO، TOTAL، CORAL OIL، MOBIL OIL  تأسست قبل اتفاق الطائف. وعلى عكس ما يشاع لا تسيطرجميع الطوائف على حصة من شركات النفط، لأنّ الطائفة الشيعية خارج هذا القطاع باستثناء الخرق الذي سجّله جميل سعيد الذي أسس شركة للنفط في لبنان لكنه باعها فيما بعد. 

وفي قراءة منطقية للمعلومات المذكورة عن تواريخ تأسيس شركات النفط العاملة في لبنان وبوجود طائفة أساسية خارج الكارتيل كليا، يتضح أنّ السيطرة الميلشياوية على هذا القطاع تصب في مكان آخر وبطريقة أخرى قد تكون بعيدة عن مسألة الطائف والإتفاق الذي أُبرم وقتها، لاسيما وأن تلك المعلومات السابق ذكرها تثبت أن المحاصصة آنذاك لم تكن بين كل الطوائف ولا عبر شركات جديدة تأسست بعد الطائف . وهي تظهر تحديدا من خلال المناقصات التي تجريها الدولة بحيث تحاول الوصاية السياسية الحفاظ على حصصها وأرباحها من خلال الضغط على هذه الشركات التي تجد نفسها مرغمة على السير في هذه الدوامة للحفاظ على أرباحها على جميع الأصعدة لجهة النفط واستجرار الكهرباء من الخارج، ولجهة حماية مصالح أصحاب المولدات. الّا أن هذه السيطرة ليست وليدة اليوم، بل بدأت منذ عهد الرئيس أمين الجميل مع سامي مارون ليحلّ محله البساتنة قبل سيطرة بيت رحمة. 

ملف الكهرباء في لبنان، كان ولا زال سياسيا بامتياز، يدخل في بزار المناكفات السياسية والحزبية والطائفية، والمعارك الأخيرة التي كانت مشتعلة بين التيار الوطني الحر وحركة أمل، وكان ملعبها ملف الكهرباء، دليل قاطع على طبيعة التعاطي مع هذا الملف. ولعلّ الوقفة الاحتجاجية التي نفذها أصحاب المولدات جنوبا على الباخرة التي كان من المفترض أن تزود الجنوب بالكهرباء مجانا لمدّة ثلاث سنوات والتي شارك فيها الوزير السابق علي حسن خليل الدليل الأبرز على ذلك. 

تسيطر جهات سياسية معينة على القطاع وتعرقل كل خطوة إصلاح أو حلّ لملف الكهرباء حفاظا على مصالحها. لذلك فإن "فك عقدة" الكهرباء يكون بداية بتحريرها من القيود السياسية.


المصدر : السياسة

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa