03/03/2020 09:25AM
كتب يحيى شمص في السياسة:
حين سؤال الروائي الفرنسي الشهير فيكتور هيغو عن الاتراك قال: "من هنا مرّ الأتراك فأصبح كل شيء خراب"، ربما اتخذ هيغو موقفه الحاد هذا بناء على ما عاينه من حروب وممارسات حصلت داخل تركيا وخارجها، لكن المثل الروسي كان اكثر لطفا ودقة في التعبير عن المخاوف التاريخية الروسية من المد التركي والحروب المتنقلة بين القوميتين حين قال: "الضيف الذي يأتي من دون دعوة هو حتما تركي"، هذا التوصيف يظهر انعدام ثقة متبادل ترجم بحروب طاحنة بينهما لا يزال صداها مستمر حتى الان.
الحرب السورية ثبتت المقولة الروسية اقله لجهة دخول الجيش التركي ادلب دون دعوة رسمية سورية، سقوط ادلب يسقط ما تبقى لأنقرة من نفوذ في سوريا، انكفائها المستمر عن الداخل السوري توقف عند اتفاق "سوتشي" ظنا منها ان تفاهماتها مع موسكو وطهران لن يتبدلا في ادلب، الاتهامات الروسية لم تتوقف حول نقض انقرة تفاهمي "استانا" و"سوتشي" وتجاهلها تنفيذ بنودهما، خصوصا دعم "جبهة النصرة" وسحب السلاح الثقيل في المحافظة، احتمالات وضعتها موسكو في الحسبان ، الان يحاول الرئيس الروسي فلاديمير بوتين رسم تفاهمات جديدة بعد تقدم القوات السورية باتجاه قلب ادلب، و ازاحة النفوذ الايراني الى حد كبير في الشمال السوري والذي ظهر عبر مشاركة حليف ايران الاول حزب الله في المعارك المحتدمة هناك، السؤال هو حول قدرة موسكو على القفز بين "نيران ادلب" وتعزيز نفوذها امام خصومها وايضا تحييد حليفتها ايران عن اي موطئ قدم هناك.
مقتل الجنود الاتراك فجر الصراع اكثر، موسكو تقول انهم كانوا برفقة عناصر النصرة، وبين تأكيد روسي وعدم نفي تركي اشتعلت الجبهة وكأن "الكرملين" يلتقط الرياح شمالا وجنوبا، قضم بهذا التقدم العسكري المفاجئ المساحة الاكبر من ادلب وحماه، سدد الضربة الاقسى لانقرة حين ظهرت صور ارتال الجيش التركي تحترق، ثم تراجع خطوة للوراء حين ترك الجيش السوري وحزب الله تحت اعين الطائرات التركية في ادلب، سمح لأردوغان بتنفيس غضبه حتى يرتاح داخليا واعلاميا وسياسيا، شرّع له مسرح القصف والقصف ولكن على الارض لن يتغير شيء، و ها هي القوات الروسية تتنشر في مدينة سراقب الاستراتيجية، كل ذلك يجري واردوغان يراقب الخطوات الروسية ويسأل نفسه "ماذا سيقدم لي بوتين خلال اجتماعنا المقبل في موسكو".
يتخوف كثيرون من فشل اللقاء المرتقب بين الرجلين، البعض يتحدث عن حرب استنزاف طويلة وسعي روسي لتثبيت نقاط تقدم جديدة تضاف الى بنود "سوتشي" المتصدع بين الطرفين، تخوف يأتي في ظل تردد امريكي في حجم وطبيعة المساعدة لانقرة، خصوصا ان ترامب منشغل في تثبيت دعائم فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة.
يرفع اردوغان من وتيرة ضغطه السياسي والعسكري على دمشق، قال في احد خطاباته الاخيرة" "كبّدنا النظام السوري أكبر خسارة وإذا لم ينسحبوا إلى الخطوط التي حددتها تركيا في أقرب وقت فلن يبقى لهم رأس فوق أكتافهم"، يريد اردوغان اسسترجاع خريطة تقسيم ادلب ومحيطها وفق ما كانت عليه قبيل بدء معارك ادلب، اهدافه تبدو صعبة المنال وفق خريطة توزع القوى الحالي، لذلك تتعدد الاحتمالات والسيناريوهات ومن بينها أن يتوصل الجانبان التركي والروسي إلى تفاهمات جديدة تتمخض عنها منطقة آمنة تحت الادراة التركية والزام الأطراف بوقف اطلاق النار.
اما الاحتمال الثاني فهو فشل قمة بويتن - اردوغان ما يدفع انقرة الى عملية عسكرية اوسع ضد الجيش السوري، ويرى خبراء عسكريون أن الميدان سيكون لصالح تركيا والمعارضة المسلحة بشرط تحييد الطيران الروسي الذي قد يستهدف القوات التركية على الأرض.
تنقسم الاراء حول عملية "درع الربيع"، وما اذا ستكون تفاهماتها على غرار مناطق "غصن الزيتون "و "درع الفرات" و "نبع السلام "، تعول تركيا في هذه العملية على مزيد من الضغط على الاوروبيين من بوابة ورقة اللاجئين، خيار قد لا يكون الامثل لتطويع فرنسا والمانيا اللتين تفضلان النفوذ الروسي على اي تمدد تركي في ظل تشدد اردوغان بمعالجة الازمات الاقليمية.
ترفع تركيا سقف تحديها عبر الاتكاء على حلف "الناتو"، الا ان الحلف لا يزال حذرا من اي خطوة نحو مواجهة عسكرية مع روسيا لاسباب ترتبط بموازين القوى العالمي، ولاعتبارات تتعلق بطبيعة مهمته الدفاعية، لا سيما ان تركيا هي المهاجمة في "ادلب" وتقاتل خارج اراضيها وبالتالي لا تهديد مباشر على امن دول الحلف.
نقاط القوة لدى الجانب التركي تدخل ضمن مفاوضات بوتين مع اردوغان، مفاوضات بالتأكيد ستكون شاقة جدا بين "الصديقين"، ولا يمكن استبعاد اي سيناريوهات في تطورات معركة ادلب، وقد يكون الحظر الجوي الذي اعلنته دمشق فوق سماء ادلب سينفذ بصواريخ الدفاعات الروسية في حال قرر "الكرملين" المواجهة الشاملة، حينها يتشارك بوتين واردوغان اجواء ادلب معا، ومن يحلق في السماء اكثر يكسب الارض والسماء معا.
المصدر : السياسة
شارك هذا الخبر
الدولار يتراجع
الجبهة الجنوبية لم تهدأ...اليكم اخر التطورات!
توتر الأوضاع الجيوسياسية يرفع أسعار الذهب
موسكو تتهم إدارة بايدن بعرقلة خطط ترامب للسلام
النفط يرتفع...وهذه اخر الاسعار
التمديد لقائد الجيش هذا الأسبوع والنصاب مؤمن
بين إسرائيل ورد هوكشتاين لبنان يترقب وقف إطلاق النار
ما جديد ارقام حوادث السير؟
آخر الأخبار
أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني
إشتراك
Contact us on
[email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa