القرارات الحكومية المتأخرة ووسائل المواصلات الارضية.. سببان رئيسيان لإنتشار وباء كورونا في أوروبا الغربية و اميركا

30/03/2020 07:45PM

كتب الدكتور غسان سكاف في السياسة:

"منذ اواخر كانون الاول 2019 ظهر فيروس COVID -19  في مدينة ووهان في الصين قبل أن ينتقل الى أرجاء العالم , وحصد حتى اليوم أكثر من 700 ألف مصاب  على مستوى العالم و تعافى 133 الف شخص , وفقا" للبيانات الصادرة عن جامعة جونز هوبكنز الاميركية , بفصل الجهود غير المسبوقة للأطباء و الممرضين و غيرهم من العاملين في مجال الرعاية الصحية و الذين يقفون في الخطوط الامامية في المعركة  ضد فيروس كورونا المستجد .

في مراجعة لأعداد المصابين في العالم نرى أن الصين قد سيطرت على الأوضاع الطارئة التي سببها إنتشار فيروس كورونا و بدأت الحكومة الصينية في تخفيف بعض القيود التي فرضتها لكبح إنتشار الوباء. أما دول أوروبا و خاصة الغربية منها و بعدها الولايات المتحدة الاميركية فقد اصبحت على التوالي البؤرة الجديدة للوباء , و لم تستفد من فترة السماح التي أعطيت لحكوماتها و لم تستفد ايضا" من خبرة الصين و كوريا الجنوبية في محاربة الوباء وذلك بعزل المناطق المصابة و إجراء فحص مكثف للفيروس و عزل المسنين و المصابين بامراض مزمنة بالإضافة الى كل اصحاب النتائج الايجابية من كل الاعمار . 

فترة السماح هذه و لأكثر من شهرين كانت كافية لتأخذ الحكومات الغربية قرارات حاسمة خاصة وأن علماءها هم الذين اجتهدوا في توصيف الوباء و خطورة انتشاره و كيفية الوقاية منه , و يعملون بقوة على استحداث لقاح او دواء ينتظره العالم كله . ففي زمن الكورونا علينا أن نرفع شعار العلم في مواجهة كم كبير من الشائعات التي يتم تردادها في فضاء التواصل الاجتماعي .

فمن يا ترى كان يهمس في آذان زعماء العالم الغربي ؟

إن دول أوروبا الغربية و المدن الاميركية الكبيرة المكتظة تتمتع بمواصلات أرضية متقدمة من باصات و قطارات و مترو ... يستقلها معظم الساكنين في المدن الكبيرة يوميا" من و الى عملهم , و تستعمل ايضا" لنقل البضائع و المنتوحات على انواعها بين المدن و الريف . هذه المواصلات , و معظمها موجودة تحت الارض , لا تتمتع بالتهوءة اللازمة المطلوبة للتخلص من الفيروس الذي يتناثر ارضا" و في كل أرجاء المركبات و هوائها لمدة ساعات طويلة . و بالمناسبة فإن مركبات المواصلات الارضية التي لا توفر مقاعد مخصصة لكل راكب , لا تتمتع بمقومات العزل الموجودة في الطائرات أو السيارات .لقد تساهلت حكومات كبرى الدول الاوروبية و حكومة الولايات المتحدة الاميركية في مواجهت الوباء فلم توقف القطارات و المترو و وسائل النقل الاخرى في الوقت المناسب وجاءت قراراتها في التعبئة و العزل متأخرة" بعد أن اصطدمت بأختيار أولوياتها : اولوية إنقاذ البشر ام انقاذ الاقتصاد.

صحيح ان الناس تموت و تعيش و لكن صحيح أيضا" ان الاقتصادات العالمية مرت عشرات المرات بهزات و افلاسات و أعيد بناؤها في كل مرة .

و هنا انكشفت هشاشة المنظومة الاوروبية و الاميركية , و ظهر أداء رؤساء و حكومات الدول الغربية , الذي طالما وضع الانسان و حريته الفردية فوق كل اعتبار , سيئا" و متأخرا" فتفشى الوباء بسرعة قياسية و أتت النتيجة كارثية.

في المقابل استطاعت دول أخرى كدول الخليج العربي من إحتواء المرض وهي التي استثمرت في البنية التحتية للرعاية الصحية لسنوات مضت كالكويت و الامارات العربية المتحدة و البحرين و خصوصا" المملكة العربية السعودية و ذلك من خلال خبرتها في التعامل مع الحشود اثناء الحج , فوضعت امكانياتها الضخمة بهدف احتيواء الوباء ومنع انتشار الفيروس . أما البحرين فكانت أول دولة تستعمل دواء هيدروكسي كلوروكين و اتبعت بروتوكول العلاج الذي اتبع في الصين و وافقت عليه منظمة الصحة العالمية و لم تنتظر القرار الاميركي .العالم بعد كورونا لن يعود كما كان قبله , أقله في المجال الصحي و مجال النقل . ففي المجال الصحي سيعيد العالم ترتيب أولوياته ليضع الصحة في مرتبةٍ متقدمة , و في مجال النقل ستطرأ عليه تغييرات جذرية  للحد من انتشار الاوبئة .

لا شك اننا سائرون بعد هذا الوباء بخطى ثابتة نحو عالم آخر لأن كل الكوارث التاريخية الكبرى الناجمة عن اوبئة أدت الى تغييرات اساسية في البنى السياسية و الاقتصادية و الثقافية للامم".


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa