بعبدا تشهد على عرض سوداوي في اجتماع "مجمــوعة الدعم الدولية"

07/04/2020 07:46AM

ربما كان مفيداً أكثر لو تمت الدعوة إلى اجتماع سفراء مجموعة الدعم الدولية للبنان في وقت مُبكر وقبل دخول العالم في مواجهة أخطر وباء يواجهه في التاريخ الحديث، لا بل كان الاجتماع أكثر افادة للحكومة "التائهة في رغبات الاكثرية المنقسمة على نفسها والمتخاصمة الى حد العداء"، لو عُقد الاجتماع فور حيازة الحكومة ثقة البرلمان، مشركة المجتمع الدولي في خططها الاصلاحية والعمليات القيصرية السريعة، لانقاذ ما يمكن انقاذه من اقتصاد ومالية عامة ونقد وطني يترنح تحت وطأة الضربات المتلاحقة.

حتى أن مقولة أن "تأتي متأخراً خير من أن لا تأتي أبداً" لا تنطبق على اجتماع بعبدا امس، لانه لم يثمر مساعدات عاجلة إلا عبارة يتيمة مفادها: "جاهزون للنظر في امكانية تلبية كل ما يطلبه لبنان من مساعدة"، وهذه المساعدة التي صارت مطوّقة اكثر بالشروط اللازمة، خصوصاً بعد مطالعة وزير المال غازي وزني السوداوية جداً وخلاصتها التي لم يشأ ان ينطق بها: "تفضل يا صندوق النقد الدولي وانقذنا".

عون ودياب

أكد رئيس الجمهورية ميشال عون أن "الدولة اللبنانية تعمل حالياً على إعداد خطة مالية اقتصادية شاملة، ضمن برنامج إنقاذي وطني، وشارفت هذه الخطة على الانتهاء، وتهدف إلى حل المشاكل الاقتصادية والمالية والبنيوية، واستعادة الثقة بالاقتصاد، كما إلى خفض الدين العام ووضع المالية العامة على مسار مستدام، وإعادة النشاط والثقة إلى القطاع المالي".

وعرض عون التحديات الصعبة التي يواجهها لبنان، لافتاً الى أن "برنامج الحكومة الاصلاحي، يحتاج إلى دعم مالي خارجي، خصوصاً من الدول الصديقة ومجموعة الدعم الدولية من أجل لبنان، وذلك لدعم ميزان المدفوعات ولتطوير قطاعاتنا الحيوية من مياه وكهرباء وبنوك ونقل. كما ذكر المجتمع الدولي ومنظمات الأمم المتحدة، بمسؤولياتهم تجاه أزمة النازحين واللاجئين في لبنان، خصوصاً مع تفشي وباء كورونا، لجهة تأمين الوقاية والعناية الطبية في المخيمات وتوفير المساعدات اللازمة للقاطنين فيها، من خلال الخطة التي وضعتها الدولة اللبنانية وليس بمعزل عنها".

وعرض رئيس الحكومة حسان دياب من جهته، الجهود التي تقوم بها الحكومة لإصلاح الوضعين الاقتصادي والمالي، مشيراً إلى أن الحكومة تضع اللمسات الأخيرة "على خطة متكاملة تعالج الاصلاحات الاقتصادية والمالية والنقدية والاجتماعية والمتعلقة بالحوكمة التي نحن بأمسّ الحاجة اليها".

ولفت دياب إلى أن "الحكومة خلصت الى ان لبنان يحتاج الى اعادة هيكلة دينه بالدولار والليرة اللبنانية، متعهداً اجراء برنامج كامل لتعزيز اعادة تشكيل القطاع المصرفي وميزانية المصرف المركزي"، وقال: "الرئيس عون وحكومتي قررا اجراء تدقيق في حسابات المصرف المركزي وفاءً منّا بوعد الشفافية".

لبنان في 4 محاور

وقدم وزير المال غازي وزني عرضاً سوداويا للوضع الاقتصادي والمالي والنقدي من اربعة محاور: "في الاول، فإن جميع المؤشرات الاقتصادية والمالية والاجتماعية صعبة ودقيقة ومتدهورة. وإذا ما نظرنا الى الوضع الاقتصادي، لوجدنا انه يشهد انكماشاً اقتصادياً حيث نتوقع ان يكون النمو سلبياً بأكثر من 10%. وفي المالية العامة نتوقع عجزاً يقارب 7% من الناتج المحلي. وبخصوص الدين العام، فوضعه لا يزال مرتفعاً جداً وغير قابل للاحتمال، إذ نتوقع ان يتجاوز 170% من الناتج المحلي، فيما الوضع الاجتماعي يشهد ارتفاعاً في مستوى البطالة، من المتوقع ان تفوق 40%، وان تتجاوز نسبة الفقر 45 وحتى 50% من الشعب اللبناني. ونشهد في العام 2020 ازمات مصرفية ونقدية حادة تظهر بوضوح في شح العملات الصعبة، وتدهور سعر صرف الليرة التي خسرت خلال الاشهر الاخيرة اكثر من 50% من قيمتها، الى استنزاف احتياطات مصرف لبنان من العملات الاجنبية. وهذه الامور ادت في نهاية المطاف الى ارتفاع معدلات التضخم الذي سيقارب في هذه السنة 25%".

وفي المحور الثاني، "قرر لبنان تعليق سداد الدين العام. وهذا القرار ليس نابعاً عن عدم رغبة لبنان في تسديد الدين العام، بل من عدم قدرته على سداد هذا الدين. واذا نظرنا الى احتياطات مصرف لبنان من العملات الاجنبية التي بدأت تُسنزف، فإنها بلغت حالياً نحو 22 مليار دولار. لذلك فقد فضّلت الحكومة عوض سداد استحقاقات الدين بالعملات الاجنبية، تخصيص هذه العملات الاجنبية لاستيراد المواد الغذائية الاولية الى لبنان".

وفي المحور الثالث، "عندما واجهت الحكومة صعوبات في ما يتعلق بالوضع الاقتصادي والمالي ووجدت حاجة لإعداد برنامج اقتصادي ومالي يستطيع ان يتوافق مع متطلبات المجتمع الدولي، فإنّها طلبت مساعدات تقنية من صندوق النقد الدولي. وكانت اللقاءات معه ايجابية وبناءة بكل معنى الكلمة. وهو قدم توصيات الى الحكومة اللبنانية نأخذها في الاعتبار".

وفي المحور الاخير: "ان البرنامج الاقتصادي الشامل يتضمّن محاور اساسية، تم اعتمادها بعدما اخذنا في الاعتبار ان النظام الاقتصادي القائم حالياً والذي يقال عنه الريعي قد سقط، واصبح لبنان مضطراً في السنوات المقبلة الى ان يحظى بنموذج اقتصادي جديد. والخطوات الاساسية التي يتضمنها هذا البرنامج، هي: الاصلاح في المالية العامة، اعادة هيكلة الدين العام سواء بالعملة المحلية او بالعملات الاجنبية، اعادة هيكلة القطاع المصرفي الخاص منه وما هو متعلق بمصرف لبنان، اعادة الهيكلة من اجل تحفيز النمو الاقتصادي، واصلاحات اجتماعية".

ولفت المدير العام لوزارة المال آلان بيفاني ان المصادر التي ستساعد في تطوير القطاع الاقتصادي، تتركز خصوصاً من خلال حملة السندات بعد اعادة الهيكلة، والدعم الخارجي، ومن خلال اقتصاد منتج وبيئة مؤاتية والتعاون مع اسواق الرساميل الدولية، لافتاً الى ان دعم اصدقاء لبنان اساسي في هذا المجال.

وزير الشؤون: مضاعفة عدد الفقراء

أما وزير الشؤون الاجتماعية رمزي مشرفية فقدم عرضاً عن واقع الفقر في لبنان وقال: "اننا نجد ان نسبة 22% من الشعب اللبناني باتت ما دون خط الفقر المدقع و45% تحت خط الفقر العادي، وهذا سجّل قبل الازمة الاقتصادية الحالية. وقد ادت ازمة النازحين السوريين الى لبنان الى مضاعفة عدد الفقراء بين عامي 2012-2017. والبنك الدولي يقدر عدد الفقراء في آذار من العام 2020 بـ45% من عدد السكان. وهناك بعض المناطق تشهد تركيزاً لنسبة الفقراء اكثر من الاخرى ما سيؤدي الى نقص في اليد العاملة البشرية، اضافة الى فقدان الرأسمال البشري الذي يقدر بـ46% من انتاجية الاجيال المقبلة".

واشار الى "ان الحكومة اطلقت برنامج مساعدات حيث سيتم توزيع 75 مليار ليرة لبنانية على حوالى 180 ألف اسرة بمعدل 400 ألف ليرة لكل مستفيد، ونجمع البيانات للسير بذلك في اسرع وقت ممكن".

وتحدث وزير الصحة العامة حمد حسن عما تقوم به الوزارة في مواجهة "كورونا" وقال: "ننفذ سياسة صحية وقائية ولا نقارب التحديات الصحية من أي منطلق سياسي وهذا ما نجحنا فيه حتى الآن".

وقدمت رشا حمرا من الوزارة، عرضاً مفصلاً عن الواقع الصحي، تناولت فيه جهوزية المستشفيات الحكومية والخاصة لاستقبال المصابين بالداء، وعدد الاسرة المتوافرة فيها، لافتة الى ان "القطاع الصحي يحتاج الى مساعدات فورية والى زيادة عدد المعدات التي تجري الاختبارات بواسطتها، بحيث يصبح في الامكان اجراء 2500 اختبار يومياً". وشددت على اهمية معالجة الحالات الملحة، وتدريب العاملين على اجراء الاختبارات، وتوفير الادوية الضرورية. أما في شأن النازحين السوريين، فذكرت حمرا بأنه لا بد من تخصيص اسرة في المستشفيات للاجئين، كما يجب الاهتمام بنزلاء السجون وفئة العاطلين عن العمل.

كوبيتش: عبرنا عن موقفنا في 2019

وأذاع ممثل الامين العام للامم المتحدة يان كوبيتش بياناً أكد فيه دعم جهود الحكومة "لإيجاد طريق للخروج من هذه الازمة التي ترخي بظلالها على واقع لبنان ومستقبله، اذا لم تتم معالجة الامور بسرعة وبطريقة موثوقة. وهذا يساعدنا على فهم المجالات الاساسية التي تحتاج الى حشد الدعم لها والمساعدات الاساسية، من اجل تخطي الازمة المصيرية التي تمثلها جائحة كوفيد 19".

مذكراً بان "اعضاء المجموعة عبروا عن موقفهم في اعلان الاجتماع الذي عقدوه في باريس في 11 كانون الاول 2019 وفي الاجتماعات اللاحقة".

أوروبا وفرنسا

وقال السفير الفرنسي برونو فوشيه: "أحيي الحكومة اللبنانية ووزير الصحة بشكل خاص على ما قام به الجميع، حيث تمت ادارة الازمة باكراً من خلال اتخاذ اجراءات مبكرة وشجاعة، يجب ان تتواصل".

وتحدث عن الازمة الاقتصادية والمالية الراهنة، معتبراً انه من الواجب مجابهتها عبر اتخاذ التدابير اللازمة لا سيما وانها تجري في ظل ازمة دولية تتفاقم بدورها، حيث طلبت اكثر من 90 دولة مساعدات في الوقت الراهن. وقال: "باستطاعة لبنان الحصول على مساعدات فورية، ومن الضروري له ان يقر برنامج الاصلاح الاقتصادي وان يتم اتخاذ القرارات التنفيذية في هذا الاطار"، داعياً الى "اعادة هيكلة الدين والقطاع المصرفي وتطبيق الاصلاحات اللازمة اضافة الى اتخاذ قرارات مالية شجاعة، واجراء اصلاحات في المالية العامة والكهرباء والقضاء وغيرها".

وشدّد على "ان فرنسا تدعم حكومة الرئيس دياب"، وقال: "ندعم كل الجهود المبذولة من اجل ارساء نظام منتج، ومقررات مؤتمر "سيدر" لا تزال قائمة".

وكانت كلمة لسفير الاتحاد الاوروبي رالف طراف أشار فيها الى انه "بخصوص المساعدات المالية والاقتصادية للبنان، فان الاتحاد يعمل من خلال المصرف الاوروبي للاعمار والانماء والاستثمار، ما يسهل تأمين العديد مما يحتاجه لبنان كمساعدات"، مجدداً التزام الاتحاد بمقررات مؤتمر "سيدر". وختم بالقول: "ان الاتحاد الاوروبي ملتزم بدعم الحكومة اللبنانية في جهودها لاعتماد الاصلاحات البنيوية الاساسية، داعماً الحوكمة العادلة واستقلالية القضاء وكل الاصلاحات لوضعها موضع التنفيذ وفق ما تم الاعلان عنه".

مليون دولار من بريطانيا

وكشف السفير البريطاني كريستوفر رامبلينغ ان "المملكة المتحدة خصصت مساعدة للبنان بقيمة مليون دولار لمساعدته على مواجهة وباء الكورونا، اضافة الى مساعدات اخرى بواسطة منظمة الصحة العالمية، وتأمين اجهزة تنفس كمساهمة في سد الحاجات الطبية الملحة للبنان في هذه الفترة".

وتحدث عن ضرورة اجراء الاصلاحات المطلوبة في لبنان، معتبراً ان "تطوير نظام شفاف ومستدام من شأنه ان يشجع الدول المانحة لتقديم المساعدة الى لبنان، ما سيشكّل ايضاً جزءاً اساسياً من الجواب المطلوب لحاجات لبنان".

مساعدات أميركية

بعدها تحدثت السفيرة دورثي شيا، مشيرة إلى المساعدات التي قدمتها الولايات المتحدة الاميركية كدعم لمتطلبات لبنان في مجال المساعدات الانسانية، الى جانب مجموعة الدعم الدولية وذلك لمواجهة تفشي وباء كورونا، كاشفة ان هناك المزيد من برامج المساعدات.

وعرضت لمختلف الجهود التي تبذلها أميركا من خلال المؤسسات الدولية لمواجهة الوباء "ومن بينها مساعدات قائمة واخرى جديدة ومنها ما هو قيد الاعداد، ابرزها: في نيسان تأمين نحو 2000 وحدة فحص لكورونا، وفي آذار 10 آلاف قارورة تعقيم للقوى المسلحة، اضافة الى 17 ألف قناع طبي و120 ألف قفاز تم توزيعها عبر المنظمات غير الحكومية، اضافة الى تأمين دورات تدريبية على مواجهة كورونا بالتنسيق مع الصليب الاحمر اللبناني، ومنح 400 ألف دولار الى اليونيسف لتأمين اقنعة ومعقمات وصابون في المدارس للاطفال اللبنانيين والفلسطينيين واطفال النازحين السوريين". وأشارت الى برنامج مساعدات خصصت لنحو 5 آلاف اسرة. وتناولت المساعدات التي تقدمها بلادها الى الجيش والقوى المسلحة، اضافة الى الجامعة الاميركية ومستشفى الجامعة الاميركية لمواجهة هذا الوباء.

بعد ذلك، تحدث سفير الصين وانغ كيجيان مبدياً استعداد بلاده "للتعاون الاقتصادي والتجاري مع الحكومة اللبنانية".

أما السفير الروسي الكسندر زاسبكين فقد شدد على "توحيد الجهود الانسانية لمواجهة التطورات في داء كورونا، وذلك بصرف النظر عن الاعتبارات السياسية".


المصدر : نداء الوطن

شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa