فيول مغشوش أو غير مطابق للمواصفات: الجواب عند سوناطراك

25/05/2020 04:23PM

كتبت كريستال خوري في "أساس ميديا": بدأت لملمة ملفّ "الفيول المغشوش". هذه هي آخر المعطيات. ومعلومات "أساس" تؤكّد أنّ ملف التحقيق الذي تفاخر مدّعي عام جبل لبنان القاضية غادة عون بأنها سجّلته، والبالغ حجمه 400 صفحة، يأتي على ذكر صاحب شركة عاملة في القطاع، متّهم بأنّه قدّم رشاوى لتزوير نتائج اختبارات "الفيول"، لكنّ القضاء لم يتحرّك لاستدعائه، كونه محسوباً على جهة حزبية بارزة... ما يرفع من احتمال بدء العدّ العكسي للملف.

قانونيون تابعوا الموضوع قالوا لـ"أساس" إنّ إقفال مكاتب إحدى الشركات التابعة لآل البساتنة خطوة تشبه خطوة إقفال أبواب شركة ZR Group، حيث إنّ علاقة البساتنة بالشركة التي اُقفلت تشبه علاقة آل رحمة بالشركة التي أُقفلت، وهي المملوكة من إبراهيم ذوق.

ويحاول القضاء اختراع علاقة تجارية بين هذه الشركة وبين آل رحمة للإيقاع بهم قضائياً، ما يثبت شكوك الجهات الوكيلة عنها بأنّ هناك محاولة لضرب آل رحمة سياسياً لإخراجهم من قطاع الفيول... بدليل أنّ القضاء المعنيّ لم يسأل عن الجهة التي باعت آل رحمة هذا الفيول، ولا حاول معرفة مصدره!

يقول القانونيون إنّ شركة "سوناطراك" هي المسؤولة الوحيدة أمام الدولة اللبنانية إذا ما كان هناك تلاعب بالفيول، ولا علاقة للبنان بأيّ طرف ثالث باع "سوناطراك" الفيول. ولذا، فتحوير القضية لناحية آل رحمة والبساتنة يعتريه الشكوك خصوصاً أنّ الحكومة أخرجت المسألة من شقها الجزائي إلى الشق التجاري الدولي الذي تخضع له الاتفاقية مع الشركة الجزائرية، لأن العقد لا يتضمّن أيّ بند يمنع الشركة من شراء الفيول من شركة ثالثة. فلماذا إذاً ملاحقة الأطراف الثالثة وتبرئة ذمة "سوناطراك" من أيّ ادّعاء؟

في المعطيات الجديدة، يبدو أنّ هناك خطّين متوازيين، ثمة استحالة في التقائهما:

أولهما: هو خطّ السلوك الرسمي الذي تعبّر عنه الحكومة اللبنانية، بعد منحها صك براءة لشركة "سوناطراك" بإقرارها بمرجعية الدولة الجزائرية كجهة رسمية متعاقدة مع الحكومة اللبنانية لتوريد الفيول و"الغاز أويل"، وتأكيد التزامها ببنود العقد الموقّع مع الشركة، ونسف النظريات التي سوّقت لوجود "تركيبة ما" تقف خلف هذا العقد، كون الجهة الموقّعة هي شركة متفرّعة عن الشركة الوطنية. فالأخيرة لم تتنصّل من العقد، وإنما طالبت الدولة اللبنانية بالالتزام به، وإلا ستوقف إمداد لبنان بـ"الغاز أويل" والفيول.

ثانيهما: هي التحقيقات التي يتولاها القضاء اللبناني عبر النائبة العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون وقاضي التحقيق الأول القاضي نقولا منصور، والتي تركّز على الشركات التي تبيع الفيول لشركة "سوناطراك"، تحت عنوان "الغشّ بالفيول"، وتحميل هذه الشركات المسؤولية، من دون السؤال عن دور شركة "سوناطراك" أو أخذ مسؤوليتها في عين الاعتبار.

وهنا لا بدّ من سرد جملة معطيات:

- أوّلها،  قرار القاضية عون، في إشارة إلى المديرية العامة للجمارك، حجز باخرة الفيول ASOPOS الراسية في خليج جونية، والتي أظهرت نتائج المختبرات أنّها "غير مطابقة للمواصفات"، من حيث الكثافة، بعكس الفحوصات التي أُجريت خارج لبنان.

- ثانياً، حصل ذلك بعدما تعاطت القاضية عون، وفق المعنيين بهذا الملف، بـ"كثير من  الاستهتار مع الطلب المرفوع أمام محكمة الاسئتناف لكفّ يدها عن القضية"، إلا أنّ عون "رفضت حتّى استلام كتاب التبليغ من المباشر"، ذلك لأنه "يفترض خلال المرحلة الفاصلة، قبل أن تقول المحكمة كلمتها في الطلب، أن ترفع القاضية المعنية يدها عن الملف بانتظار أن تفصل المحكمة فيه. لكن القاضية عون تجاهلت الأمر ورفضت التبلّغ بشكل مخالف للأصول على نحوٍ يؤكّد تلهّفها للاستمرار بالنظر بالقضية، إلى أن تردّ المحكمة الطلب في حال لم يظهر لها أيّ عناصر تحيّز.

- ثالثاً، يسود التباس مقصود بين "الفيول المغشوش" و"الفيول غير المطابق للمواصفات". فالمغشوش قد يكون تعرّض لتلاعب بنوعيته وتركيبته. أما غير المطابق للمواصفات، فقد يكون ذا نوعية أفضل من ذلك المطلوب وفق الوصفة الرسمية. وفي معرض القضية المطروحة، هي مسألة "غير تطابق في المواصفات" وليس "تلاعباً" بالتركيبة. فضلاً عن أنّ مواصفات الفيول قد تتعرّض للتغيير جراء الحرارة والتخزين. وفي حالة الباخرة الأولى، فهي بقيت راسية على الشاطىء اللبناني لأكثر من عشرة أيام لأنّ الدولة لم تفتح الاعتمادات للقيام بعملية تفريغ في حينه، ما قد يكون عرّض محتوياتها للتغيّر الكيميائي.

كما أنّ الشركة المشغّلة لمعملي الجية والذوق، اشتكت من عدم تطابق مواصفات الفيول التي حدّدتها الوزارة في عقد "سوناطراك" مع المواصفات المحدّدة لدى مصنع محرّكات المعمل الجديد. وقد كشف مدير العمليات فيها يحيي مولود أنّه رفع "عشرات الكتب" إلى وزيرة الطاقة السابقة ندى البستاني يشكو فيها من عدم تطابق المواصفات، الأمر الذي نفت معرفتها به، لكنه لم يشكُ أبداً من "فيول مغشوش"، وإلا لكانت شركته، التي تقوم بفحص الفيول لدى رسوّ الباخرة على الشاطىء اللبناني، ردّت كلّ بواخر الفيول السابقة، كما حصل مع الباخرتين الأخيرتين.

- رابعاً، تفيد المعلومات أنّ وزارة الطاقة، كما شركة "سوناطراك" عيّنتا، كلّ بشكل منفصل طبعاً، خبراء "عالميين" للبحث في أسباب تغيير نوعية الفيول خصوصاً وأنّ "سوناطراك" أثبتت عبر الفحص، أنّ الشحنة كانت مطابقة للمواصفات عند انطلاق الباخرة.

- خامساً، تعتبر تجارة الفيول مسألة معقّدة جداً، لذا تتمّ الاستعانة بشركات تدقيق عالمية مشهود لها بكفاءتها وشفافيتها. ولذا، سيكون من الغباء أن تقوم أيّ شركة عاملة في هذا القطاع ببيع فيول مغشوش خصوصاً وأنّ الشركة المشغّلة ستقوم بإعادة فحصه، ويمكن لها أن تفضح الشركة المورّدة لكي تتحمّل العطل والضرر. وعليه، ليس هناك من مصلحة في بيع فيول مغشوش. والكلام عن رداءة الفيول لا يعني أنّه مغشوش، بل يعني أنّ المواصفات التي تضعها الدولة اللبنانية هي لفيول ذات نوعية رديئة. وقد وقعت المشكلة بعد تجديد معامل إنتاج الطاقة في لبنان والتي لم تعد قادرة على تحمّل هذه النوعية من الفيول لأنّه يسبّب لها الأضرار. وهذا الخطأ لا تتحمّل مسوؤليته الشركات المورّدة، وإنما القيّمون على قطاع الطاقة والوزراء المتعاقبون الذين يجدّدون العقد الموقّع مع "سونطراك" وفق المواصفات القديمة المعتمدة، والتي لا تطابق المواصفات المطلوبة من مصنع المعامل الجديدة. وذلك لأن تعديل المواصفات يتطلّب زيادة كبيرة في الأسعار. وهذا الشيء لم يلحظه أيٌّ من الوزراء المتعاقبون عند إنشاء المعامل الجديدة.

الخلاصة: بين فيول "مغشوش" وفيول "غير مطابق للمواصفات، الجواب عند "سوناطراك" ووزراء الطاقة المتعاقبين .




شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa