المسيحيون ينتفضون... لا عفو من دون"المُبعدين" و"المحكومين"

27/05/2020 07:30AM

يدخل قانون العفو العام في دائرة مشاورات واسعة بين جميع الأطراف، لكن الجديد فيه أن المسيحيين رفعوا الصوت لرفع الظلم عن شريحة واسعة لا تزال تعاني حتى وقتنا هذا من أحكام التاريخ والحرب وزمن الإحتلال.

"يطحش" "حزب الله" وقوى أخرى في اتجاه إقرار قانون العفو كما هو، في حين أن الأحزاب المسيحية الأساسية، أي "التيار الوطني الحر" و"القوات اللبنانية" و"الكتائب" والمستقلين، يقفون بالمرصاد لعمل مجتزأ لا يعالج جذور المشاكل الوطنية، مع قرار بعدم التصويت على قانون عفو لا يشمل إنصاف عناصر "جيش لبنان الجنوبي" غير المرتكبين وعائلاتهم، ويعيد تصحيح الأحكام التي طالت شباب "المقاومة المسيحية" أثناء الإحتلال السوري، وبالتالي سيسحبون الميثاقية عن أي قانون عفو مبتور.

وأمام هذا الإجماع المسيحي السياسي، فإن البطريركية المارونية في طليعة المطالبين بتصويب هذا الملف وتطالب بالعفو عن المبعدين إلى إسرائيل وتسوية اوضاعهم، وزار البطريرك الماروني مار بشارة بطرس الراعي اللبنانيين الموجودين في إسرائيل في 26 أيار 2014 متخطياً كل حواجز الجغرافيا والتخوين واطلع على أحوالهم وطالب من داخل إسرائيل بعفو الدولة عن أبنائها المظلومين، وعدم معاقبتهم مرتين.

والجدير ذكره، أن قانون العفو من القوانين الوطنية الحساسة، فكل الدول تصدر في مناسبات معينة مثل هكذا قوانين لكنها تأخذ في الإعتبار مدى تأثير المفرج عنهم على المجتمع، وهناك بعض الإستثناءات على الجرائم التي تُشكل خطورة وذات طبيعة عشائرية، مثل رد فعل أهل الضحية على بعض المُفرج عنهم، أو الذين قد يشكلون خطراً لاحقاً على الناس.

وأمام كل هذه الأسباب والمحاذير، من الواضح أن هناك بنوداً يُصر عليها "حزب الله" من أجل العفو عن مئات تجار المخدرات لأن بيئته منزعجة من إستمرار اعتقالهم أو ملاحقتهم، أما المعني الثاني في هذا الملف فهو تيار "المستقبل" في ما خص الموقوفين الإسلاميين.

وتوضح مصادر مسيحية تعمل على هذا الملف لـ"نداء الوطن" أن المكون المسيحي غير معني بملف الإسلاميين وتجّار المخدرات، لكنه أيقن أن هناك قضايا محقة تطال شريحة من المسيحيين، أي قضية "جيش لبنان الجنوبي" وبعض الأحكام الصادرة ذات الصلة أثناء فترة الإحتلال السوري.

وفي ما خصّ قضية "جيش لبنان الجنوبي"، فالتعاطي يتم به الآن على مستوى سياسي مع كل الكتل النيابية لأن هذا الجيش معروف منذ أيام الرائد سعد حداد وأنطوان لحد بأنه يقبض رواتبه من الدولة اللبنانية، ولم يكن لدى عناصره وأهالي الشريط الحدودي إلا خيار التعاون مع إسرائيل، فبحكم الأمر الواقع وبسبب غياب الدولة والعمل الفدائي الفلسطيني وإستباحة الجنوب وإتفاق "القاهرة" و"فتح لاند"، دخلت إسرائيل وأقامت الشريط الحدودي، فبات المسيحي والمسلم وسكان المناطق الموجودون هناك مجبرين على التعاون مع الأمر الواقع، فالمسيحي الذي كان يذهب إلى المناطق الأخرى خارج بلداته كان يُقتل بسبب الحرب الأهلية، فكان يؤمّن إحتياجاته الضرورية من داخل إسرائيل.

وتشير المصادر إلى أن كل ما حصل في تلك الفترة له علاقة بالحرب، فـ"جيش لبنان الجنوبي" كان مقسّماً على الشكل الآتي: 35% مسيحيين، و35% شيعة، و15% دروز، و15% سنة.

وتلفت المصادر إلى أن مشكلة العناصر الشيعية في "جيش لبنان الجنوبي" حُلّت بمعظمها لأنه بمجرد عودتهم وتقديم الطاعة لـ"حزب الله" يصبحون وطنيين، في حين إعتبر البعض أن المسيحيين هُزموا في الحرب ويجب أن يبقوا في إسرائيل.

وتدين المصادر المسيحية هذا المنطق في التعاطي، وتعتبر أنه يجب معالجة الملف بطريقة صحيحة، أي أن العفو لا يجب أن يقتصر على الزوجة والأولاد بل على العناصر غير المرتكبين لجرائم أيضاً، إذ إنه لا يجوز أن تبقى العائلات مشتتة، أي تعود العائلة والرجال يبقون في إسرائيل، وبالتالي هذا الأمر لن يتحقق بهذا الشكل.

وتؤكد المصادر أن العفو يجب أن يكون شاملاً لهذا "الجيش" باستثناء المرتكبين، مثلما يُستثنى من العفو المعتدون على الجيش اللبناني من الإسلاميين والذين نفذوا أعمالاً إرهابية.

وتشدد المصادر على أن هذا الجرح يجب أن يُختم ويُنظر اليه من منظاره التاريخي، وتضيف: المطلوب إعادة تحديد مفهوم العمالة، أي إن العميل هو كل من يبدّي مصالح أي بلد آخر على مصلحة بلاده. من جهة أخرى، تلفت المصادر إلى أن "الملف الآخر الذي لن نقبل بأن يمرّ العفو من دونه هو بعض الأحكام ضد الشباب في فترة الإحتلال السوري حيث كان القضاء تابعاً لسلطة الإحتلال و"عضومياً" ومسيّساً، ويصدر أحكاماً جائرة بحق شباب المقاومة المسيحية تمنعهم من العودة إلى لبنان، وبالتالي ترفض القوى المسيحية أن يصدر العفو من دون شمول هؤلاء الشباب أصحاب الحقوق والذين هم مقاومون حقيقيون ولا يحق لأحد تخوينهم".

وتؤكد أن المسيحيين، ومن أجل أن يشعروا أنهم معنيون بهذا القانون، يجب أن يشمل العفو هذين الملفين، فهناك قوى تتباهى بأنها ستعفو عن تاجر المخدرات الذي يُسمم المجتمع، وهناك من يتباهى أنه يريد العفو عن بعض ممن قاتلوا الجيش اللبناني، لذلك فإن ملف "جيش لبنان الجنوبي" وملف الأحكام الجائرة زمن الإحتلال يجب أن يشملهما العفو وإلا لن يمرّا، ولن تصوّت عليه القوى المسيحية.


شارك هذا الخبر

آخر الأخبار

إشترك بنشرة الـ"سياسة"

أهم الأخبار و الفيديوهات في بريدك الالكتروني

إشتراك

تحميل تطبيق الـ"سياسة"

Playstore button icon Appstore button icon

تواصل إجتماعي

Contact us on [email protected] | +96176111721
Copyright 2023 © - Elsiyasa